الحوار الهاديء

كيف يتم اصلاح وطن ما مثل العراق؟

يوحنا بيداويد

 

ملبورن/ استراليا

1 كانون الاول 2018

كيف تصلح امة فسدت بسبب ساستها؟ او وطن فك حدوده للأعداء او أي مجتمع في الظروف الصعبة الحالية بعدما أصبحت علاقة الانسان بأخية الانسان مثل رمال البحر تتناثر في الفضاء، معتمدة على قيمة الدولار الذي يستفاد منه واحد من الاخر، اصبحت هذا الأسئلة الصريحة والمهمة اصبحت تطرح الان في اوساط المفكرين ولقاءاتهم، بعد ان وجدوا هناك مشكلة في الأنظمة السياسية والادارية القائمة لدى جميع الدول وبالأخص دول العالم الثالث، بعد ان انتشرت مبادئ الفلسفة الفردانية وقضت على الفكر الموضوعي بحجة ان هذا الفكر يقود الى قيام أنظمة رجعية توتاليتارية تسلب حرية الفرد لصالح النظام والحاكم ويوقف العقل من التفكير والأبداع والتطور، الامر الذي أُثبِت عدم صحته في الكثير (خاصة بعد حلول الربيع العربي المزيف) من الدول، منها الدول المتقدمة، لأنها معظمها تعاني من صعوبة تطبيق القانون والعدالة وبدا يتفشى فيها الاختلاس والوساطة والفساد والاجرام على مستوى مؤسسات الدولة ورؤسائها!!.

نعود الى سؤالنا أعلاه:” كيف يتم اصلاح امة او شعب او دولة “؟ نضع هنا بعض الأفكار التي نحن متأكدين ان بعض الاخوة القراء الأعزاء يعرفونها، ولكي يطلع عليها بعض المسؤولين الوطنيين المخلصين لوطنهم وشعبهم وهي: –

أولا

لإصلاح اي وطن يجب ان يكون تساوي بين جميع ابناء الشعب او الوطن الواحد في الحقوق والواجبات، ويكون هذا المبدأ الحجر الأساسي للدستور، بدون أي شك او لأي سبب كان، ومنه يتم اشتقاق ووضع بقية بنود الدستور والقوانين والقواعد.

ثانيا

يبدا الإصلاح في أي وطن مثل وطننا العراق او أي دول في الشرق الأوسط بالتخلي عن قاعدة النعامة التي تضع رأسها تحت الرمال وتظن لا يراها أحدا عند الخطر، فيبدأ هذا الإصلاح من تغير هذه عقلية بعقلية جيل جديد متسلح بالفكر والحضارة وقيم الإنسانية المشتركة السامية (المشتقة من العدالة والوطن للجميع) وليس هناك أي خصوصية التي قد تقود الى تقسيم المجتمع او الشعب او أي امة الى طوائف ومذاهب التي تتصارع مع بعضها كما يحصل في بلدان الشرق الأوسط، بالتالي هذه الانظمة تراها عاجزة من تقديم الخدمات.

ثالثا-

يجب ان يكون واضحا ومثبتا في الدستور والنظام ذلك البلد، ان الحياة مقدسة بكافة أنواعها (الانسان والحيوانات والنباتات) وان موقع الانسان له قيمة مطلقة كما هي الحقيقة (لأنه منتخب من الطبيعة نفسها كمسؤول لها)، لكن لا يعطيه الحق في تأذية الحيوانات ولا تدمير الطبيعة.

ان هذا الإصلاح يحتاج الى نظام عمل، الى خطوات يتم اتباعها بصورة ثابتة ومستقرة ويتم تغيرها نحو الأفضل حسب النتائج الإيجابية والعملية التي يعطيها النظام، الذي قد يستغرق أكثر من عقد، وان هذا النظام لا يتم نجاحه الا من خلال تطبيقه على شريحة كبيرة من المجتمع ولها القابلية لقبولها والايمان بها، فلا يوجد غير النظام التربوي والمدارس والتعليمي (وزارة التربية والتعليم)، فيجب ان يحل محل المنهاج التربوي القديم، نظام جديد فيه بذور هذه الافكار وهي كالتالي: –

أ – يأتي دور الام بالدرجة الأولى لانطلاق هذا المشروع (لهذا هناك أهمية كبيرة للحافظ على كيان استقرار العائلة)، فكما جاء في قول الشاعر المصري حافظ ابراهيم حيث يقول:” الام مدرسة ان أعددتها ……..اعدت شعبا طيب الأعراق”.

يجب ان تولد لدى الام الرغبة والقناعة في وضع مع حليبها الذي تعطيه لطفلها القيم والأخلاق العالية لحب المجتمع والوطن والايمان به والتعلق بها كي يربط مصيره معه، وكذلك الاب وبقية اعضاء العائلة.

ب- بعد دخول الطفل الروضة تأتي اهمية المادة (المعلومات التي يتغذى عليها) في المنهاج التي ينقلها المدرس او المعلم للطلاب، يجب ان تكون مختارة بعناية تامة، لأن هذه المرحلة مهمة جدا نشببها بمرحلة “الشتلات” تحتاج الى السماد والماء والضوء كثيرا! كي تنمو بصورة صحيحة.

ج- تأتي أهمية سلوك المدرس الذي يشرح المنهاج هنا كبيرا، لان عقل الأطفال في هذه المرحلة (الروضة والابتدائية) سريعة الحفظ والمقارنة والتدقيق والخزن، كل صورة سيئة تترك اثرها في ذاكرة الطفل، وبالتالي على سلوكه، يجب ان يكون أفعال المدرس مطابقة لما يسمعه الطالب منه، يجب ان يقنع المدرس كل طالب في الصف ان ما يعلمه هذا المدرس هو ملتزم به تماما، ومؤمن به قبل ان يشرحه للطلاب.

ج- يجب ان لا يكون هناك في النظام التربوي أي فقرة من هذا التعليم يخالف نظام الدولة او يخلق شكا لديه، بل كل ما موجود يكون مطابقا له بقدر الامكان.

د- بعدها يأتي دور الاعلام العام بكل وسائله المطبوعة والمسموعة والمرئية والالكترونية، يجب ان يكون الاعلام حقيقا جريئا، وله حصانة قانونية قوية وملزمة لكل لمؤسسات الدولة، كي يصبح العين الحارسة على سلامة الوطن من خلال فضح كل من يتخلف من تطبيق القانون مهما كان كلفة تحقيق العادلة المثبتة في الدستور او في النظام، يجب ان لا يغتفر الاعلام لأي شخص، في المقدمة أي رجل ديني، او سياسي او موظف حكومي او رياضي او فنان وعالم مهما كانت أهميته كبيرة في الوطن، لان قيمة حياة الاخرين اهم من قناعة او المصالح الفردية لأي شخص كان، فكلهم امام القانون واحد بصورة حقيقة.

ه- ان تطبيق القانون بكل دقة على الجميع ضروري، لا سيما على رؤساء الدولة (او الرجل الأول في المجتمع) والوزراء والسياسيين والموظفين الكبار، حيث يجب ان يكونوا نظيفي التاريخ أخلاقيا، وليس حولهم أي شبهة فساد وجرم (الامر الذي لا يوجد في العراق )، هذا الامر مهما أيضا كي تتولد لدى الطفل القناعة التامة ان ما يتعلمه هو حقيقي وصحيح، وليس فيه اي كذب، او ليس من خيال او كلام فارغ.

حينما يرى الطفل ان ما يتعلمه هو حقيقي وواقعي وله علاقة قوية بالنظام الذي يحقق العدالة ومرتبطة كله بقاعدة واحدة هي ان قيمة الحياة، كقيمة مطلقة وفوق كل الاعتبارات الأخرى حتى تعاليم الدينية!، يقود هذا الطفل الى القناعة بان يحب وطنه وأبناء شعبه بصورة مطلقة، ويكون محبا وملتزما لهذا القانون بصورة طبيعية وربما فطرية وبدون تعقيد، وحتى تزرع فيه الروح الغريزية الاستعداد للتضحية والشهادة بنفسه للدفاع من اجل كرامة او حماية وطنه، لأنه تعلم على مبادئ صحيحة متماسكة وموضوعية ان يقنع الطالب هناك عقوبة لكل من يخالف القانون وهناك مسؤولية لمن لا يلتزم به.

هكذا ينمو عقل الطالب بروح وطنية واخلاقية وإنسانية عالية بدون تشتت، بل يرى كل شيء محكم بقانون عادل والجميع امامه على نفس المستوى او درجة، بعد توفر شروط جمهورية افلاطون في القرن الحادي والعشرين يبدا نمو الفكر الإصلاحي لدى الجيل الصاعد ويعطي ثماره بعد عقد نصف وبعد مرور جيل واحد تحصل عجائب في ذلك الوطن مثل اليابان

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!