مقالات

المفكّر العربي الكبير عبد الحسين شعبان محاضرًا في كردستان:

تنفرد جريدة الوطن الجديد بنشر ملخص لمحاضرة الأكاديمي والمفكر العربي العراقي الكبير د. عبد الحسين شعبان، التي ألقاها في إقليم كردستان – العراق (أربيل) بدعوة من مجلة كردستان بالعربي بالتعاون مع اتحاد أدباء الكرد، وافتتح الأمسية الاستاذ بوتان تحسين، رئيس مؤسسة “كوردستان كرونيكل”، محييًا مواقفه المبدئية التاريخية، كما رحّب بالضيوف الكبار، وقام بتقديمه الأكاديمي والمفكّر الكردي البروفيسور شيرزاد النجار وبحضور نخبة متميزة من الأدباء والمثقفين والباحثين ونشطاء المجتمع المدني وعدد من كبار السياسيين والعاملين في الحقل العام.

• بدأ د. شعبان المحاضرة بتقديم الشكر إلى الجهات المنظمة، ولاسيّما مجلة كردستان بالعربي التي تصدر عن “مؤسسة كردستان كرونيكل” وإلى اتحاد الأدباء الكرد فرع أربيل، الذي سبق وأن ألقى فيه أكثر من محاضرة كما ذكر، ومن بينها “محاضرتي عن الشاعر العربي الكبير الجواهري في العام 1998”.
• ثم توقّف عند ثلاث قضايا قال أنها “تستوقفني وأنا أتحدّث اليوم إليكم بحضور هذه النخبة اللامعة والكوكبة المتميّزة من المثقفين والباحثين والأدباء في هذه الأمسية الأربيلية الجميلة”؛
أولها – ما جرى وما يجري في غزّة من عملية إبادة جماعية، وامتداد ذلك إلى لبنان، حيث يستمرّ العدوان دون رادع قانوني او أخلاقي أو إنساني، وسلّط الضوء على حجم الدمار والق*ت*ل واستهداف حياة المدنيين وحرمانهم من أبسط مستلزمات العيش وتدمير البنية التحتية.
وثانيها – كما قال: أنني أستعيد تجربة إقليم كردستان التي عشتها منذ بدايتها، وهي طريّة يافعة، واليوم وقد تصلّب عودها وغدت تجربة تستحق الدراسة لما حققته من منجزات ونجاحات، وما ينتظرها من تطوّر وتقدّم باتجاه التنمية المستدامة، وذلك في إطار مراجعة نقدية شاملة للاستفادة من الدروس والعبر، فقد كنت لصيقًا بهذه التجربة بتقديم المقترحات والآراء والأفكار والنقد الإيجابي، بهدف تعزيزها وتعضيدها في إطار “حق تقرير المصير” الذي كنت وما أزال مؤمنًا به، وأدعو إليه ما يزيد عن 5 عقود من الزمن.
وثالثها – أن النجاح الذي تحقّق هو ثمرة إصرار الشعب الكردي وقيادته، ولاسيّما التمسّك بالحقوق من جهة، وإبداء المرونة الكبيرة في التوصّل إلى حلول سلمية مع الحكومات المتعاقبة من جهة أخرى.

ثورة 11 أيلول
واستطرد شعبان باستذكار ثورة أيلول/ سبتمبر بقوله: ولعلّ قيام هذه التجربة المتميّزة كان نتاج ثورة 11 أيلول / سبتمبر 1961 بقيادة الزعيم الخالد الملّا مصطفى البارزاني، وأن ما وصلت إليه هذه التجربة المتميّزة هو ناجم عن تراكم حصل في ظروف السلم والتعاون الوطني.
ولهذا فإن تحقيق أهداف الشعب الكردي يحتاج إلى تعزيز ظروف السلام على صعيد كردستان وعلى الصعيد العراقي، إضافة إلى دول المنطقة وفي ظلّ الاعتراف بالحقوق والتطوّر والتعايش السلمي، وكان الرئيس مسعود البارزاني يؤكّد “أن سنة حوار ولا ساعة حرب”، لأنه يُدرك أهميّة السلام في بناء التجربة الكردستانية، ويبقى السلام هو القاعدة، أمّا الاستثناء فهو حمل السلاح.

أسئلة راهنية ومستقبلية
بعد هذا المدخل التمهيدي، أطرح عددًا من الأسئلة لكي نؤطّر موضوع محاضرتنا؛
أولها – ما هي ويستفاليا؟
وثانيها – لماذا نحتاج إلى ويستفاليا؟
وثالثها – كيف السبيل للوصول إلى ويستفاليا؟
ورابعها – أثمة روافد لويستفاليا؟
وخامسها – ماذا يعني غياب ويستفاليا أو عدم التمكن من تحقيق ويستفاليا مشرقية؟
وسادسها – كيف نرتقي إلى ويستفاليا مشرقية، تلك التي ندعو إليها؟
ولعلّ هذه الاسئلة وما يتبعها هي أسئلة قلق وليست أسئلة يقين، وهي أسئلة شك وليست أسئلة طمانينة، وهي أسئلة ضيق وليست أسئلة رهاوة، وبالمحصّلة هي أسئلة أزمة وليست أسئلة انفراج.
وإذا كان ثمة علاقة بين السبب والنتيجة والعلّة والمعلول، فأول الفلسفة سؤال، وسؤال الفلسفة هو سؤال الضرورة، والسؤال الأهم هو البحث عن الحقيقة.

ما هي ويستفاليا؟
وشرح شعبان، ماذا تعني ويستفاليا؟ فقال: أن استخدامنا اسم معاهدة أو صلح ويستفاليا لا يعني استعارة حرفية أو اقتباس أو تقليد بإسقاط ما ورد فيه على أوضاعنا؛ لكننا نسترشد بالقواعد والمبادئ العامة التي حكمت الاتفاق لوقف الحروب والنزاعات المسلحة التي شهدتها أوروبا لأسباب دينية وطائفية وإثنية واقتصادية وسياسية، مع التأكيد على خصوصية منطقتنا واختلاف الظروف والأوضاع على مستوى كل بلد وعلى المستوى الإقليمي أيضًا.
ولعلّ تجربة ويستفاليا الناجحة تدعونا مثل أي تجربة عالمية للتأمل والتفكير وإعمال العقل لابتداع نموذجنا الخاص، آخذين بنظر الاعتبار المشتركات الكثيرة التي تجمع شعوب المنطقة وأممها، ولاسيّما الترك والفرس والكرد والعرب.
فأمم المنطقة وشعوبها تنتمي إلى دين واحد في الغالب الأعم وإن تعدّدت لغاتها وقومياتها وعاداتها وتقاليدها وثقافاتها، لكن ثمة مصالح مشتركة وتاريخ مشترك وعلاقات اجتماعية وثقافية واقتصادية وعلى جميع المستويات، بل ثمة مصائر مشتركة يكمّل بعضها بعضًا تقتضي التوقّف عندها في الحديث عن ويستفاليا مشرقية.
والمقصود هو الاتفاق بين “دول” أوروبا ومقاطعاتها المختلفة لوضع حدّ للاقتتال الذي استمرّ 30 عامًا، حيث تمّ توقيع معاهدة “صلح” ويستفاليا 1648، بعد أن كانت الحرب مستعرة الأوار في أوروبا الوسطى، وخصوصًا في ألمانيا، وامتدّت إلى أراضي روسيا وإنكلترا وكاتالونيا (إسبانيا) وشمال إيطاليا وفرنسا، وهي حروب دينية وطائفية بالدرجة الأولى بين البروتستانت والكاثوليك.
كان إبرام معاهدة ويستفاليا محطة أساسية لنشوء الدولة القومية (الدولة / الأمة)، ولاسيّما ضمان المصالح المشتركة وعدم التدخّل بالشؤون الداخلية والتعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصًا بظهور الرأسمالية، إضافة إلى احترام الخصوصيات الدينية وحق ممارسة الشعائر والطقوس بحريّة.
وسبق حرب الثلاثين عامًا حرب المئة عام، التي استمّرت نحو 116 عامًا، تخلّلها فترات هدنة، ودامت من العام 1337 – 1453.
وهذه ليست الحروب الوحيدة، فقد دام الصراع اللوثري – الكاثوليكي خمسة قرون من الزمن، وتناول شعبان ذلك بالتفصيل، حيث ذكر أنه مؤخرًا في العام 2016 وبعد حوار دام 50 عامًا، تمّ الاتفاق على وقف الاحتراب وإنهاء النزاع التاريخي واعتراف كلّ منها بالآخر، وترك الخلافات للدراسات الأكاديمية والأبحاث اللّاهوتية وعدم استخدام تلك الصراعات التاريخية والطائفية في الحياة اليومية للمؤمنين من أتباع الكنيستين، وتساءل: أليس جدير بنا أن نقتفي مثل هذا الطريق بين السنة والشيعة مثلًا؟ أو وقف الاحترابات والنزاعات والكيديات بين الأمم الأربعة وما حصل بينها من حروب واقتتال.

في الحاجة إلى ويستفاليا؟
تساءل شعبان فكريًا وعمليًا، لماذا نحن نحتاج إلى ويستفاليا، وهل هناك ويستفاليا واحدة نحتاجها؟ أم أننا ربما نحتاج إلى أكثر من ويستفاليا على صعيد كلّ بلد وعلى الصعيد الإقليمي، فنحن نحتاج إلى ويستفاليا كردية وويستفاليا عربية وويستفاليا عربية – كردية وكردية – فارسية وكردية – تركية، مثلما نحتاج إلى ويستفاليا بين الأمم الأربعة الرئيسية، وهي الترك والفرس والكرد والعرب، بعد حروب سالت فيها دماء كثيرة، وعلى أساس احترام حق تقرير المصير والإقرار بالتنوّع والتعددية وقبول الآخر واحترام سيادته، وربما نحتاج إلى ويستفاليا إسلامية.
وتناول تأثير ويستفاليا تاريخيًا، فقال الأكاديمي المتمرّس: استمرّ نظام ويستفاليا حتى الثورة الفرنسية (1789)، أي حوالي 140 عامًا من السلام، على الرغم من بعض الاختراقات.
وبعد هزيمة نابليون في معركة واترلو 1815 (بلجيكا – بروكسل)، أقيم نظام جديد عُرف باسم نظام فيينا، استمرّ نحو 100 عام، من العام 1815 إلى الحرب العالمية الأولى (1914 – 1918)، وأساسه الحفاظ على القديم (الملكيات)، بل وإعادة القديم إلى قدمه.

لماذا ويستفاليا؟
وتساءل شعبان عن أسباب حاجتنا إلى ويستفاليا فقال:
السبب الأول هو القناعة بأهمية المبادئ والقيم التي قامت عليها ويستفاليا ومدى حاجة منطقتنا وشعوبنا إليها.
أما السبب الثاني ، فهو ضرورة التوصل مصالحات وتطمينات وطنية في كل من البلدان والأمم المعنية، وإلى وحدة وطنية في كل بلد، لكي يتم التفاعل مع المحيط الإقليمي لإنجاز تسويات وحلول ومصالحات للمشاكل الإقليمية.
ومن الأسباب الأخرى:
1- استمرار التنكّر للحقوق القومية، ولاسيّما لحقوق الكرد، فضلًا عن حقوق أمم أخرى وأديان عديدة.
2- استمرار الصراع اللّاعقلاني الإثني – الطائفي
3- غياب مبدأ المساواة بين القوميات والأديان
4- استمرار مطامع الغرب وطغيانه في التعامل مع الشرق، والنظر إليه كجزئيات وليس إقليمًا موحدًا متعددًا، متنوعًا ومختلفًا في آن.
5- وجود مشاريع لتقسيم دول المنطقة وتذريرها إلى كيانات ودوقيات وإمارات لتصبح جميعها “أقليات” تتحكّم فيها أقلية أكثر تقدمًا تكنولوجيًا وعلميًا، ولاسيّما بالدعم الغربي، وأعني بذلك إس*رائي*ل، من خلال فرض ثقافة الإذعان، ويمكن هنا الإشارة إلى مشروع برنارد لويس الذي تبناه الكونغرس الأمريكي في العام 1983 (في جلسة سريّة) بتقسيم المنطقة إلى 41 كيانًا إثنيًا ودينيًا وطائفيًا وسلاليًا ومناطقيًا وغيرها.
واستمرارًا لذلك يمكن التوقف عند مشروع فوكوياما “نهاية التاريخ” ومشروع هنتغتون “صراع الحضارات”.
ومن يقرأ ما ذهب إليه كيسنجر وبريجينسكي في أواسط السبعينيات سيتأكد أن ثمة مخططات وضعت لتفتيت دول المنطقة، وكنت قد أجريت عرضًا لأفكارهما في كتابي الصادر حديثًا “كيسنجر وبريجينسي: ترست الأدمغة والاستراتيجية الأمريكية” (2024).
لهذه تصبح الدعوة إلى ويستفاليا مشرقية فرض عين وليس فرض كفاية كما يُقال، وكلّ شيء ينبغي أن يبدأ بالحوار وينتهي بالحوار، فالحرب تُصنع في العقول، ولذا يقتضي تشييد حصون السلام في العقول أيضًا، حسبما جاء في دستور اليونيسكو.
وهدف الحوار هو تنقية الذاكرة المشتركة ممّا يشوبها من أحقاد وكراهيات ومرارات تكرّست بمرور الأيام بسبب الحروب والنزاعات والانتهاكات.
إن الوصول إلى ويستفاليا يعني الوصول إلى المصالحة التاريخية، وهذا لا يعني نسيان الماضي، بل الاستفادة من دروسه وعبره، وليس إعادته، بل استعادته، وثمة دروس أهمّها:
1) نزع فتيل الحرب
2) تحقيق الطمأنينة
3) الحق في التعبير وتقرير المصير
4) دراسة التجارب في سياقها التاريخي
5) الانشغال بالحاضر والمستقبل

كيف السبيل للوصول إلى ويستفاليا؟
وتوقّف المفكّر شعبان أمام سؤال كبير، كيف السبيل للوصول إلى ويستفاليا، فقال: الخطوة الأولى هي العودة إلى مبدأ الحوار، ولاسيّما في المسألة القومية، وإذا كان للعرب أكثر من دولة وللفرس دولة وللترك دولة، فالكرد هم الأمة الوحيدة المجزأة والمحرومة من حقها في قيام دولة، علمًا بأنها تمتلك جميع مقوّمات الأمة، ومثلما قسّمت معاهدة سايكس – بيكو الأمة العربية، فقد قسّمت الأمة الكردية كذلك (1916),
وأضاف شعبان: كعربي وأعتز بعروبتي مثلما أتمنى أن تحقق الأمة العربية طموحها في وحدة كيانية، فإنني في الوقت نفسه أقف مع الأمة الكردية في تحقيق طموحها في الوحدة القومية الكيانية، فكلاهما تمثّلان تطلّعًا تحرّريًا.
وقال شعبان بوضوحه المعروف والمعهود، وهو سبق أن قاله قبل عقود من الزمن: أنني حين أقف إلى جانب الشعب الكردي وحقه في تقرير مصيره، فذلك ليس هبة أو منة أو مكرمة من أي أحد، بل هو إقرار بواقع أليم عانى منه الشعب الكردي، وستكون عروبتي وقوميتي ناقصة ومبتورة ومشوهة إن لم أنحاز إلى جانب الشعب الكردي في قيام دولته.
وكنت قد دعوت إلى أول حوار عربي – كردي في لندن العام 1992، بطرح المشتركات وتقليص الفوارق، وعدت وطرحت مشروع حوار مثقفي الأمم الأربعة (الترك والفرس والكرد والعرب) وأقمنا أول لقاء له في تونس 2016، وعقدنا ملتقى له في بيروت، ثم مؤتمرًا برعاية سمو الأمير الحسن بن طلال في عمان 2018.
وعلى المستوى الديني فثمة بعض الروافد للحوار الديني وتحقيق المساواة، منها مشروع قانون تحريم الطائفية وتعزيز المواطنة، وهو ما دعوت إليه في الثمانينيات وعدت ونشرته كمشروع قانون بعد الاحتلال في العام 2003 وضمنته كتابي “جدل الهويات في العراق” (2009)، و”وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك”، التي وقعها أحمد الطيب شيخ الأزهر والبابا فرنسيس في 2019 وتبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة 2020، وهي موجّهة إلى المسلمين والمسيحيين، وهي أول وثيقة في التاريخ تقرّ مبدأ المساواة بين المسيحيين والمسلمين.

روافع ويستفاليا
وتوقف شعبان بتكثيف شديد ليتناول روافع ويستفاليا للخروج من غلواء التعصّب ووليده التطرّف ونتاجهما العن*ف والار*ها*ب، لا بدّ من توفير تربة خصبة لتعميق الوعي الأخلاقي والحقوقي والقانوني والإنساني بالإقرار بالتنوع والتعددية وحق الاختلاف والمغايرة في ظل حكم القانوني؛ وباختصار تناول:
1- الرافعة التشريعية والقانونية
2- الرافعة التعليمية والتربوية
3- الرافعة القضائية
4- الرافعة الإعلامية
5- الرافعة الاجتماعية والمجتمعية
كل ذلك لتنتقل من الصراع والنزاعات إلى التعاون والشراكة في ظلّ التفاهم والسلام.
وبعد أن انتهى المفكر العربي الكبير من محاضرته التي دامت 50 دقيقة، تناوب على المنصة عدد من المعقبين والسائلين تجاوز عددهم اﻟ 12 شخصًا، واشتبك معهم شعبان وديًا، فأجاب على أسئلتهم واستفساراتهم، وزاد على محاضرته مداخلة مهمة بشأن المركز القانوني للقضية الكردية في الدولة العراقية منذ تأسيسها وإلى اليوم، وإلى أهمية شعار الأخوة العربية – الكردية، والتضامن مع شعب كردستان على الصعيد العربي، مذكرًا ببعض الشخصيات العربية مثل الراحل عزيز شريف والجواهري وعبد الفتاح ابراهيم وحسين جميل وكامل الجادرجي وغيرهم.
وكان الدكتور شيرزاد النجار قد قدّم المفكّر شعبان بقوله: أنه صديق الشعب الكردي الوفي، وصداقته منزّهة من الغرض، وهو لا يطلب مقابلها شيء، وهذا هو ديدنه منذ أن عرفته قبل 60 عامًا حين كنّا طلابًا في كليّة الاقتصاد والعلوم السياسية ببغداد.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!