المغاربة يجددون رفضهم للتطبيع: مسيرة حاشدة في الرباط تؤكد تضامنهم مع فلسطين رغم الضغوط الداخلية
شهدت العاصمة المغربية الرباط، يوم الأحد 6 أكتوبر، مسيرة حاشدة بمناسبة مرور عام على عملية “طو*فا*ن الأقصى”، التي تركت أثراً بارزاً في مسار الصراع الفلسطيني الإ*سر*ائي*لي. هذه المسيرة الشعبية، التي جابت شوارع الرباط بمشاركة آلاف المواطنين، جاءت لتعيد التأكيد على موقف الشعب المغربي الراسخ في رفضه للتطبيع مع إس*رائي*ل، رغم كل المحاولات من داخل المغرب لتصوير هذا التطبيع على أنه ضرورة استراتيجية لحماية المصالح الخارجية للبلاد.
المسيرة لم تقتصر فقط على العاصمة، بل امتدت لتشمل مدناً مغربية أخرى مثل طنجة و وجدة ، حيث خرج المواطنون لتعبير عن نفس الموقف الرافض للتطبيع. ومن خلال رفع شعارات واضحة مثل “لا للتطبيع مع الكيان الصهيوني” و”الشعب يريد إنهاء التطبيع”، أظهر المتظاهرون إجماعاً واسعاً على موقف موحد يرفض الانخراط في أي علاقات رسمية أو غير رسمية مع إس*رائي*ل، ويرى في ذلك خيانة للقضية ا*لفلس*طينية التي يعتبرها المغاربة جزءاً لا يتجزأ من قضاياهم الوطنية.
ما يميز هذه المسيرات هو تنوع المشاركين فيها؛ إذ جمعت بين مواطنين من مختلف الأطياف السياسية والفكرية، من اليساريين إلى الإسلاميين وحتى المستقلين. هذا التنوع يعكس حالة من الإجماع الشعبي تتجاوز الانقسامات الحزبية أو الأيديولوجية، لتصب في تأكيد موقف واضح: المغاربة لا يرون في التطبيع أي مكسب حقيقي، بل يعتبرونه خطوة قد تضر بالمبادئ التاريخية التي يدافعون عنها.
من جهة أخرى، يواجه هذا الرفض الشعبي تيار سياسي وإعلامي داخل المغرب يسعى إلى ترويج التطبيع على أنه ضرورة استراتيجية تصب في مصلحة المغرب. هذا التيار يعتمد على مبررات ترتكز على معادلة مفادها أن إقامة علاقات مع إس*رائي*ل قد تمنح المغرب دعماً دولياً في ملفات حساسة، مثل قضية الصحراء المغربية، بالإضافة إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتكنولوجي. ويرى هؤلاء أن بإمكان المغرب الحفاظ على موقف داعم للقضية ا*لفلس*طينية في الوقت نفسه، معتبرين أن المساندة للقضية يمكن أن تستمر بمعزل عن الموقف الدبلوماسي الرسمي.
ومع ذلك، فإن المسيرات الشعبية التي شهدتها البلاد تبرز بوضوح أن غالبية المغاربة لا يتفقون مع هذه الرؤية. بالنسبة للكثيرين، فإن التطبيع لا يمكن أن يُفصل عن مساندة الشعب الفلسطيني في نضاله ضد الاحتلال. ويرون أن أي علاقة مع إس*رائي*ل هي بمثابة دعم ضمني للاحتلال وسياساته التوسعية في الأراضي ا*لفلس*طينية، وهو ما يتعارض تماماً مع مبادئ العدالة والحرية التي دافع عنها المغاربة تاريخياً.
الاحتجاجات التي شهدتها الرباط ومدن أخرى تأتي في ظل هذا الجدل المتزايد حول التطبيع، وهي تعكس حالة من الوعي الشعبي المتنامي بأن الدفاع عن المصالح الوطنية لا يتطلب بالضرورة القبول بعلاقات مع دولة تُعتبر بنظرهم قوة احتلال. ويرى المحتجون أن مساندة الشعب الفلسطيني لا تضر بمصالح المغرب، بل بالعكس تعزز من مكانته كدولة تحترم حقوق الشعوب في تقرير مصيرها وتدافع عن قضايا العدل في العالم.
ما يبرهن عليه هذا الحراك الشعبي هو أن التطبيع لا يحظى بتأييد شعبي واسع في المغرب، رغم المحاولات المتواصلة لإقناع الرأي العام بعكس ذلك. ويرى المغاربة أن الدفاع عن القضية ا*لفلس*طينية جزء من هويتهم الثقافية والسياسية، وأن الوقوف إلى جانب المقاومة ا*لفلس*طينية لا يتعارض مع تحقيق المصالح الخارجية للمغرب، بل يعزز من مكانته الأخلاقية والسياسية على الساحة الدولية.
ختاماً، يمكن القول إن المسيرة الحاشدة التي شهدتها الرباط في 6 أكتوبر تؤكد بوضوح أن المغاربة متمسكون بموقفهم الرافض للتطبيع مع إس*رائي*ل، وأنهم يعتبرون هذا الموقف جزءاً من مبادئهم الوطنية والإنسانية.