المسيح الإله علمنا كيف نتأله

المسيح الإله علمنا كيف نتأله

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( أنا قلت : إنكم آلهة ، وجميعكم بنو العَليِّ ) ” مز 6:82 “

إبن الله تأنس لكي يعطي الفرصة للمؤمنين به أن يتألهوا وبحسب تعاليمه .

 الخطوة الأولى للتأله هي الإيمان بالمسيح بأنه الإله المتجسد في عالم الإنسان . ومن الإنسان أخذ له جسداً بشرياً .

الخطوة الثانية هي الأقتداء به وبحسب كلمته ( تعلموا مني ، فإني وديع ومتواضع القلب ) ” مت 29:11 ” . الإنسان الوديع هو الذي يعيش في صبر ، ويتحمل أخطاء الآخرين ، ولا يعطي مجالاً للغضب ، لأن الغضب يسر به عدو الخير ، فعلى الإنسان أن لا يغضب إلا من الأعمال الخاطئة ، كما غضب يسوع في الهيكل . فعلى من يقتدي بالمسيح أن يتخلى من إرادته الذاتية ليعمل بحسب إرادة ومشيئة الله ، ويقول كما قال المسيح للآب ( لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك ) وهكذا يسلم الإنسان حياته لإرادة الله لكي لا تكون له قرارات قد تكون ضد الله .

وبالإضافة إلى الوداعة نحتاج نحن المؤمنين إلى التواضع ، وعلى قاعدة التواضع نبني إيماننا وحياتنا ومسيرتنا نحو الله . فيسوع الإله أفرغ ذاته ، وأخذ صورة عبد ، ولم يطلب يوماً شيئاً لنفسه ، بل عاش كالفقراء منذ ولادته في مذود الحيوانات ، كما لم تكن له إمتيازات لكي تجعله أفضل من البشر ، بل كان مضطهداً منذ طفولته وحتى يوم صلبهِ .

عمل يسوع في تطبيق مشيئة أبيهِ الذي أرسله كحمل وديع يعدُ للذبحِ من أجل إعادة المصالحة بين الله والإنسان وبحسب عدل الله .

حياة الفقر تخفف من ثقل أحمال هذا العالم ، لهذا قال الرسول ( إذا كانت لنا كسوة وقوت ، فلنكتفِ بهما ) ” 1 تيمو 8:6 ” أي يحث المؤمنين إلى حياة التجرد وعيش الفقر لكي يكونوا بعيدين عن الغنى ، لكي لا يكنز كنوزاً على هذه الأرض ، بل في السماء .

 ليتضع الإنسان ويفرغ حياته ، ويتجنب من محاولة الحصول على حقوقه بقدر الإمكان ، لأننا ليس لنا حقوق في هذا العالم وخاصةً من يريد العيش حياة التواضع ونكران الذات . علينا أن يكون لنا الحق في التعبير ونقل الكلمة بشجاعة ، وبدون خوف ونحن في حالى الفقر وكما فعل يوحنا المعمدان وتحدى الملك الظالم دون أن يهاب من السجن والتهديد والموت ، بل صمِدَ بقول الحق إلى يوم إستشهاده . هكذا يجب على المؤمن أن يعيش الفقر ليموت عن أمور هذا الدهر ، ليولد للحياة الأبدية ، فيهيأ ذاته للدخول إلى باب الملكوت ، عندما يعمل بمشيئة الله ويتمم عمل الخالق ، وعلى هذا النحو ، كما ولد إبن الله بالجسد من مريم العذراء ، سيولد هو أيضاً في ملكوت السموات بقوة نعمة الله العظيمة . والله يريد الخلاص لكل البشر .

   المعنى الحقيقي لخلق الإنسان هو لدعوته للتأله . ولكي يشارك الله في حياته . ويا حبذا لو تذاع بين المؤمنين كلمة التأله ، وذلك لأن المسيح صار إنساناً إلهاً يرسل ألينا ضوءاً كاشفاً ينيرنا لنعرف من هو الإنسان ن ومن هو الله . والغاية من تأليه الإنسان هي أولاً ، لكي يتحرر من الخطيئة ، ليتحول إلى الإنسان الحقيقي الذي خلقه الله على صورته كمثاله . فكل ما يحول الإنسان عن الآلوهة هو لأنه خاطىء , وهذا هو الفرق بين المسيح المجرد من الخطيئة وبيننا نحن البشر . علينا أن نلبس المسيح لكي نتأله بهِ ، لهذا قال الرسول ( ومن إقترن بالرب فقد صار وإياه  روحاً واحداً ) ” 1 قور 17:6 ” .

 مفهوم موضوع الله والإنسان في المسيحية ليس كباقي الأديان التي تكتفي بمجرد الإيمان بالله الموجود في السماء العالية ، بل هو الإيمان بالله الذي في السماء وفي الإنسان . فالله يُفَجِر بداخل المؤمن به ما هو كامن وقائم بالفعل ، وهذا لن يتم إلا من خلال الإيمان الذي يسيطر على طاقات موجودة في الإنسان ومعه الذ هو ( عمانوئيل ) فيقول كل منا ، بالله الذي معي أستطيع كل شىء في من يقويني . أي لا نستطيع بقدراتنا أن نبلغ ملء قامة المسيح إلا به فقط . فكل الناس قابلون للتأله ، لأن يكونوا حقيقة كالمسيح ، فيتحولوا إلى مسحاء آخرين . نحن المتحدين بجسد المسيح الواحد إبن الله ، فنحن أيضاً أبناء لله الواحد ، فعلينا أن نعيش هذا السر نفسهُ بنعمة روح المسيح الساكن فينا والذي جعلنا أبناء الله ، تقول الآية ( أن الذين ينقادون لروح الله يكونون أبناء الله حقاً . لم تتلقوا روح العبودية لتعودوا إلى الخوف ، بل روح تبنّ به ننادي “أبا “ أبتِ . وهذا الروح نفسه يشهد مع أرواحنا بأننا أبناء الله . فإذا كنا أبناء الله فنحن ورثة . ورثة الله وشركاء المسيح في الميراث ، لأن إذا شاركناه في آلامه ، نشاركهُ في مجده أيضاً ) ” رو 8: 14- 18 ” ومشاركتنا هي في مجانية الحب الإلهي ليكون لنا شركة معه فنعيش ونحيا حياة الشركة فيما بيننا . إننا جزء من الطبيعة الإلهية المملوءة بالأسرار . فبعين الله ننظر بسبب إيماننا ! ويد الله تبسط علينا ، هي رجاؤنا لنشارك الله بعظمته .

في الختام نقول : إذا كان الله قد أرسل إبنه مولوداً من إمرأة وكما ولدنا نحن فصار إنساناً لكي يعيش معنا ويعلمنا ، ومن ثم يؤلهنا في ذاته . ولد من العذراء لكي يأخذ على نفسه خطأ جِنسنا حتى نصير نحن جنساً مختاراً وشركاء في الطبيعة الإلهية ( طالع 2 بط 9:1 ” فالله الآب بواسطة إبنهِ المتأنس يؤله ويضيء الجميع جميع البشر . ولكن ليس بحسب الطبيعة نكون أبناء الله ، بل بسبب الإبن الوحيد الذي يكون فينا ، وكذلك أيضاً الآب لا يكون أباً لنا بحسب الطبيعة ، بل لأنه أب للكلمة الذي يكون فينا ، والذي به وفيهِ نصرِح ونقول : يا أبا الآب . وهكذا الآب لا يدعو أبناء له إلا الذين يرى فيهم إبنهِ الوحيد الذي ليس جسداً مخلوقاً مكملاً ، حتى فيه نصير قادرين أن نتجدد ونتأله .

التوقع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

Exit mobile version