المسيحي الحقيقي 

المسيحي الحقيقي 

إعداد / وردا إسحاق قلّو 

جاءت يوما احدى البنات و قالت للأب الكاهن: أريد أن اناقش معك موضوعاً كي أخذ فيه قراراً . كثير من صديقاتى يذهبن الى الديسكو ، وهو مكان لسماع الأغانى و الرقص . و أريد أن أعرف هل الذهاب إليه حرام ؟ مع اننى لن اشاركهم الرقص و لكن يدفعنى الفضول للدخول ، أو بالحقيقة لا أريد أن أكون مختلفة فى نظرهن حين أرفض الدخول إلى الديسكو .

فقال لها : أتستطيعين أن ترسمى صورة للمسيح له المجد فى ذهنك ؟ قالت: نعم. قال: أتشعرين به ؟ قالت : نعم .   

قال : أتؤمنين أنه يوجد فيك ؟ قالت : نعم . قال : إذن هل توافقين على أن السيد المسيح له المجد الذي فيك يدخل معك الديسكو و يشاركك هذا الوسط ؟ !

فسكتت برهة و قالت : لا طبعا، فانه ليس من اللائق أن يتواجد السيد المسيح فى الديسكو . فقال لها : إذن عليك أن تنزعي ملامحه منك و ان تتركيه خارجا و تذهبين الى هذا المكان … ففهمت ما يقصده و قالت: لا .. لن أدخله فهذه الامور أتفه من أن أتنازل عن ملامح الرب يسوع ووجوده فيّ.

إن هدف سلوكنا فى أيام حياتنا هو أن نتغير الى صورة المسيح ، فسلوكنا الروحى كله ( من صلاة و صوم و توبة ) هو كي نتحد به ليغيرنا إليه . واتحادنا بالمسيح يا أخوتى هو عمل فعال ديناميكى ، فالحياة الروحية ليست مجرد معرفة ساكنة و لكنها حياة متدفقة بقوة وأعمـاق داخلية و عشرة لا تنتهى ، و اختبار قلبي ممتع جدا . فمع كل دقات الزمن ومع نبضات القلب يلهج الانسان كي يدخل الى عشرة أعمق و في معرفة حقيقية ، به يقترب أكثر إليه و باشتياق يذوب فيه . إذن الإنسان المسيحي لابد أن يعيش حياة مختلفة عن كل البشر الذين هم فى العالم ، إذ عنده قضية هامة يحيا لأجلها و هى أن يتغير الى تلك الصورة ، فمع كل فكرة تعبر على ذهنه لابد ان يقف امام المرآة وينظر الى وجه المسيح و ينظر معه الى وجهه الشخصى و يقول لنفسه هل هذه الفكرة ستزيد من الشبه بينى و بينه ؟ أم ستبعدنى عنه و ستشوه ملامحى أكثر . و مع كل قرار لابد أن يأخذه فانه يسأل نفسه هل هذا القرار سيرضى وجود الله فى داخلى أم سيجعله غريبا عنى ؟ انه المعيار الهام لكل أمور الحياة . فقضية المسيحي هى كيف أكون مثل المسيح ، كيف أتغير الى تلك الصورة . نعم يا أحبائي و أخوتى … إن الحياة الروحية هى أن نخضع كل ما فينا الى عمل الروح القدس حتى يغيرنا الى شكل السيد المسيح له المجد . ولأن الدخول فى قانون العالم و سلطانه يعنى تعطيل عمل الروح القدس و عدم امكانية تغيرنا الى صورة المسيح ، فلا ينبغى أبداً ان نضيع هذه الامكانية و هذه الفرصة العظيمة التى أخذناها فى العهد الجديد و ننحدر بصورتنا الى صورة التراب بعيدا عن عمل روح الله فينا . فمن يعرف أنه مدعو لكي يكون مشابها لسيده يسوع المسيح لا يهدأ ولا يصمت حتى يدرك هذا ، و حينما نعرف ان روح الله قادر على تغيير ملامحنا نفرح ، بل و نخضع له كل ما فينا كى يغيرنا و يحملنا الى السماء حيث مجد الرب . و أنت يا أخى و يا أختى … فى أى صورة تريد أن تكون ؟ و ما هو أعظم شئ تبتغيه ؟ أتريد أن تكون من الاغنياء ؟ أعظم و أقوى الأقوياء ؟ أن هذه كلها اشياء حقيرة جدا و لكن ارتفع و اطلب ما هو أعظم . كما يقول القديس أغسطينوس: ” أنت إنسان و ما تبتغيه إسعاداً لك هو أدنى منك قدراً … اقبل مشورة مخلصة، إن أردت ان تكون افضل ..فاسع إلى ما هو أرفع منك لكى تكون أفضل ..ارتفع الى خالقك و لا تيأس قائلا:إنه بعيد… يصعب عليك أن تحوز الذهب الذي تبتغيه و قد لا تتمكن منه… اما ان طلبت خالقك فسوف تحصل عليه هو الذي جاء اليك قبل ان تطلبه و حين كنت مائلاً عنه بإرادتك كان يدعوك.”

+ فدعوتنا يا أحبائي فى الحياة هى أن نشابهه ، لذلك يقول لنا السيد المسيح له المجد: “كونوا قديسين لأنى أنا قدوس” (1 بط 1: 16) “فكونوا أنتم كاملين كما أن اباكم الذي فى السموات هو كامل” (مت 5: 48) “وصية جديدة أنا أعطيكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما أحببتكم أنا” (يو13: 34) فهو المعيار و الهدف الذي به نرى نفوسنا و من أجله نعيش . لا تظن يا أخى أن هذه الكلمات ليست لك و أنك بعيد عن هذه الصورة ، أبداً فإنك فى المعمودية ولدت منه و فيه أخذت كلامحه ، و إن كنت لا تراها و لكنها حقيقة . و لكن مع الايام كبر الانسان العتيق الذي تكون حسب الأرض و صار يزاحم ملامح الانسان الذي أخذه من المسيح فى المعمودية ، فصرت مشوها و مستبعدا ، و لكن توبتك الدائمة و سعيك الدائم للخلاص و رغبتك الحقيقية فى الحياة الروحية هذه للاطمئنان على وجود ملامح للمسيح فى أعماقك . وإن النور لا يزال كائنا فى داخلك و لم ينطفئ بعد …. و لكنك تحتاج الى كسر القشرة المكونة من الأرضيات و الماديات لكى ينفجر النور فى داخلك و تستعيد الحرية التى خلقك الله عليها … هذا هو القانون الذى يحكم هدف حياتى و تحركاتى و أعمالى . 

Exit mobile version