المسيحون العراقيون (6)

الكاتب: عبدالله النوفلي
 
المسيحيون العراقيون
الواقع وآفاق المستقبل في العراق (6)
الزمن يمضي والأقلام تكتب ومواقع الانترنيت تشهد ٌأقلاما تكتب بمواضيع مختلفة، والقراء والذين يطالعون يقفون تارة إلى جانب هذا وأخرى إلى جانب ذاك، وكشعب شرقي دائمأ ما نلجأ إلى تضخيم الأمور، فلو تواعدنا مع صديق وتأخر عن موعده بضع دقائق، فأول ما نبادره بالكلام نقول له: (هاي وينك يمعود صارلي ساعة دأنتضرك!!!)، وكحال العراقيين عندما يبنون شيء ويعملون أن يكون مرتفعا يقولون أنه أعلى برج في المنطقة!!! كما كان الحال أثناء بناء برج الاتصالات في المأمون ببغداد، وهكذا ونحن شعبا في العراق اليوم لا نتجاوز 1.5% أو ربما أكثر بقليل، وإذا أجرينا معادلة حسابية سنجد من هم في الخارج ربما خمسة أضعاف من هم في الداخل، وعندما ننشيء تنظيما معينا أو منظمة أو حزبا أو اتحاد، نحاول أن نُظهره لمن يقرأ أو يسمع عنه أنه عالمي وأنه … ونسينا نحن في بلدنا الأصلي لم نكن شيئا حتى قبل سقوط النظام حتى لو كنا آنذاك 5% من الشعب، فعندما نتصرف أو نكتب يجب أن تكون كتاباتنا عقلانية ونابعة عن دراية ولا نلجأ للتخمين والاستنتاجات التي ربما تكون بعيدة عن الواقع الفعلي، كما أن كتابنا غالبا ما ينالون الواحد من الآخر وبكلام جارح أحيانا، فالعقلانية شبه معدومة وكأننا فقدنا الثقة الواحد في الآخر، ومواقعنا الأليكترونية أكبر شاهد على هذه الصراعات، وتشهد أننا لا نقبل بالرأي والرأي الآخر، ونحاول تكميم الأفواه والنيل من أي قلم يحاول أن يكتب خاصة إذا كانت كتاباته لا تتوافق كليا معنا، ولو تكون الكتابة بمعلومات صحيحة ومبنية على مصادر موثوقة لكان لنا عذر أن نعذر هذا أو ذاك لأن من يتهجم عليهم، فهؤلاء يكتبون بلا معلومات أو أن كتاباتهم ليس لها مصداقية، ولكن لمحة بسيطة على التاريخ القريب وليس البعيد جدا نجد لكل الأقلام جانبا من المصداقية، ولو كنا حريصين على مستقبل شعبنا لتعاونا معا وعملنا كي نصحح الواحد للأخر بحسن نية ودون تجريح ونكسب أدباء وأقلام مهمة لشعبنا ونكون بذلك نبني حاضر الأمة ونضع أساسا متينا لمستقبلها، وأزاء ذلك سأذكر حالة كنت في جانب منها طرفا والكُتاب الذين سألمح لكتاباتهم يعرفون أنفسهم ودون أن أذكر الأسماء لأن هذا ليس من أسلوبي في الكتابة ليس لشيء أو لخوف بل لأنني أكتب وأعبر عن رأيي بصراحة ودون أن أجرح أي من أخوتي الآخرين، وأحيانا ألجأ لكتابة أسطر قليلة مصححا لبعض معلومات الكتاب بيني وبينهم خاصة عندما أجدها تبتعد عن الحقيقة وخاصة عندما يتم بناء بعض الاستنتاجات عليها.
فعندما طلبت من السيد رئيس الحكومة الاحالة على التقاعد وفق الآلية الرسمية لذلك، وقمت بالتشاور مع المرجعيات الدينية المسيحية بترشيح البديل بل البدلاء، لأن رئيس الحكومة كان مطلبه أن يتم ترشيح ثلاثة أسماء للمنصب كي يستطيع هو الاختيار، وفعلا وقّع جميع رؤساء الطوائف الأجلاء على الأسماء الثلاثة المرشحة طالبين أن يتم البحث بها حسب تسلسل ورودها بموافقتهم، واتخذ السيد رئيس الوزراء السيد نوري المالكي قراره باختيار المرشح الأول في القائمة (السيد رعد عمانوئيل الشماع)، على أن يكون موقفه من النزاهة واجتثاث البعث سليما، وإلى هنا كانت الأمور تسير بالسياق الرسمي الذي تسير عليه سياسة الحكومة، لكن بعض من سياسيي شعبنا لم يرق لهم اختيار هذا الاسم وبدأ يحوك المؤامرات كي يزيحه من المنصب بالاتفاق مع من كان له من المؤيدين في ديوان الوقف حتى أصبحنا مهزلة أمام الغرباء، لأن أحدى المرات حينها التقيت مستشارا قانونيا للسيد رئيس الوزراء وأعرب لي شخصيا عن استغرابه لحالنا، وشرح لي حينها أن بعض السياسيين من شعبنا حاولوا التلاعب ببعض القيادات الدينية المسيحية كي يعترضوا على أسم معين وقال لي ذلك المستشار بالحرف الواحد (كل شوية تجيني ورقة من واحد تگول آني وقعت على الأسم الفلاني بس آني ما أريده!!!) ورغم أن هيأة النزاهة واجتثاث البعث لم تجدا شيئا على الأستاذ رعد عمانوئيل الرئيس الحالي للوقف لكنه بقي يعاني من تصرفات بعض سياسيي شعبنا، وقال لي في حينها أحد مستشاري رئيس الوزراء أن شخصا اتصل به قائلا له أنا (فلان) المرشح الوحيد للقائمة (؟) لمنصب رئيس الوقف، وكأن رئاسة الوقف أصبحت بيد السياسيين وتناسى هؤلاء أن الوقف ورئاسته يهتمان بالشأن الديني أولا ولا دخل للسياسيين به، وعندما كنت حينها رئيسا لهذا الوقف وأُبدي رأيي ببعض المسائل التي يعاني منها شعبي فكان هذا رأيي الشخصي لأننا عندما كنا نعبر عن رأي الوقف كنا نصدر بيانا رسميا من رئاسة الوقف بهذا الشأن.
أليست هذه الأفعال مخزية خاصة عندما نكشف مستورنا أمام الغرباء ونصبح مجردين من كل المبادئ والقيم التي تربينا عليها سواء في عوائلنا أو من خلال تربيتنا الدينية التي توصينا بالمحبة التي جعلها الرسول بولس أعظم من الايمان والرجاء!!! ألا تقودنا مثل هذه الأفعال إلى التخلف والتقهقر والتراجع كثيرا أمام غيرنا الذين لديهم قوى كثيرة سندا لهم.
فيجب أن نعرف أننا كشعب مسيحي في العراق نختلف عن العرب أو الاكراد، وعن المسلمين؛ سنة أو شيعة، فالمعادلة الطائفية في المنطقة نستشف منها أن شيعة العراق تساندهم أيران وسنته تساندهم السعودية وتركيا وربما دول أخرى وأكرد العراق لديهم أخوة لهم في أيران وتركيا وسوريا إلى جانب مساندة قوى دولية مهمة لقضيتهم وهكذا التركمان، ولكن في المقابل من يكون سنداً لشعبنا المسيحي؟ بدون تردد نستطيع الجزم بلا أحد!!! فحتى الدول التي نسميها بالمسيحية أي الدول الأوربية أو أميركا، فإنها دول علمانية ولا تضع وزنا للوازع الديني والذي يحركها هو مصالحها فقط. فعلينا أن نتيقن بأن لايوجد سند لنا في دول العالم أقله على المستقبل المنظور، متأملين أن يكون لنا بقعة أرض نعيش عليها وتصبح لنا مصالح متبادلة مع هذا الطرف أو ذاك وعندها ربما سيكون لنا تحالفات ويصبح لنا سند نستطيع الاعتماد عليه.
وللموضوع صلة …
عبدالله النوفلي
 
 
 
 ..