الكاتب: وردا اسحاق
حزقيا … الملك الصالح أبن الملك الشرير
بقلم / وردا أسحاق عيسى
وندزر – كندا
قال الملك حزقيا في صلاته ( أه يا رب أذكر كيف سرت أمامك بأمانة وبقلب سليم وفعلت الحسن في عينيك ) ” أش 3:38″
حزقيا ملك من ملوك يهوذا ، وهو أبن آحاز أبن يوثام عزيا …أبن سليمان أبن داود . كان تقياً ومحباً لله ومطيعاً ومهذباً ، بل كان أنقى وأفضل الملوك بعد داود .
ملك على كرسي داود وهو أبن خمسة عشر سنة وبقي لمدة تسعة وعشرون سنة في أورشليم . عمل بأستقامة في عيني الرب أكثر من أحفاد داود الملك ، وكان يعمل مثله حسب وصايا الله وبكل غيرة أيمانية فأزال المرتفعات وكسر الأصنام وقطع السواري وسحق الحية النحاسية التي صنعها موسى وبحسب أمر الرب ” عدد21″ وكان سبب أقدامه الى سحقها هو لأن بني أسرائيل حولوها الى صنم فبدأوا يوقدون لها النار ويرفعون لها البخور ” 2مل 18″ ودعوا أسمها ( نحشتان ) تاركين إلههم الحقيقي إضافة الى أعمال مستقيمة قدمها حزقيا للرب ، ولم يأتي ملكاً مستقيماً مثله في جميع ملوك يهوذا لأنه ألتصق بالله ولم يحد عنه أبداً ، وحفظ وصاياه وعمل بها ، لهذا باركه الرب فكانت يده القوية معه وتسنده بكل وضوح .” 2مل 18 : 2-7″ .
عندما نقرأ أحداث الأيام التي ملك بها هذا الملك يتبين لنا بأن الله كان معه فعلاً ، فقد تعرض لهجوم شرس لجيش عرمرم أرسله سنحاريب ملك الآشوريين فحاولت تلك الجيوش أستفزازحزقيا الملك وزرع الخوف فيه وبشعبه ، وأضعاف أيمانه ، فكانوا يستهزئون بألاهه ويعيروه بتحدي سافر. أحاطوا بأورشليم وأرسلوا له رسائل لكي يرضخ لهم ويستسلم ويسَّلِم لهم المدينة المقدسة أورشليم .
عرض حزقيا تلك الرسائل أمام الرب وصلى أليه بحرارة بعد أن مزق ثيابه ولبس المسوح فجاء رد الله أليه عن طريق أشعياء النبي ، قلئلاً ( هكذا يقول الرب : لا تخف بسبب الكلام الذي سمعته ، مما جذف به علىّ عبيد ملك أشور ، فإني أجعل فيه روحاً ، فيسمع خبراً قيرجع إلى أرضه ، وأسقطه بالسيف في أرضه ) ” أش 37: 6-7″ .
كان الملك حزقيا رجل الأصلاح وباحث نهضة في نفوس شعبه وكان يخاف الله رغم كونه أبن ملك آحاز الشرير . كان حزقيا رابع ملك في زمن أشعياء النبي الذي عاش وعمل مع أربع ملوك في اورشليم وحسب الآية ( رؤيا أشعيا بن آموص التي رآها على يهوذا وأورشليم ، في أيام عزيا ويوتام وآحاز وحزقيا ، ملوك يهودا ) ” أش 1:1″ . كما يحدثنا سفر الأمثال في مقدمة الأصحاحات من ” 25 لآخر سفر الأمثال 31 ( هذه أيضاً أمثال سليمان التي نقلها رجال حزقيا ملك يهوذا ) ” أم 1:25″ . إذاً كان لهذا الملك التقي الفضل على الأجيال في نقل أجزاء مهمة من سفر أمثال سليمان الحكيم أليهم .
هناك سؤال محّير يدور في مخيلتنا مفاده : ( هل يجوز أن يجلب الشرير قديساً ؟ )
والمقصود هنا آحاز الملك الذي أنجب حزقيا . وهكذا نطرح السؤال بشكل معكوس فنقول : (هل يمكن لقديس أن يجلب أبليساً ؟ ) أي حزقيا الذي أنجب منسي الشرير ! المعروف للجميع بأن الأبرار ينجون أبراراً لأنهم يتربون في ذلك الفضاء العائلي الملىء بمخافة الله كالتقيين زكريا وأليصابات اللذان كانا يسيران بحسب وصايا الله وأحكامه فكانوا بلا لوم . فلا غرابة أن ينجبا أعظم أنسان من مواليد النساء وهو النبي يوحنا المعمدان . وهكذا نقرأ في الكتاب المقدس عن آخاب وأيزابيل الشريرين أنجبا أولاداً أشرار كثيرين ، لكن الله يستطيع أن يخرج من الجيفة حلاوة فتظهر لنا الأستثناءات فنلاحظ ذلك في سلسلة ملوك يهوذا فمثلاً داود النبي أنجب أبشالوم الخاطىء والمرتد ، كذلك يوثام كان صالحاً لكن أبنه أخاز كان شريراً والذي أنجب حزقيا التقي الذي ولد منسي الشرير.
ختاماً نقول ، على الأنسان أن يعرف نفسه أولاً على حقيقتها فيتعرف على ضعفاته وأخطائه وعن الأسباب ، وكذلك ما هي الوسائل المساعدة لتجنب تلك الضعفات من أجل الوصول الى ما هو أقدس وأفضل . على الأنسان أن ينظر إلى النقاط الأصلية المهمة لا الى الفرعية ، هكذا يبتعد الأنسان المؤمن من السطح لكي يدخل الى العمق فيحاسب نفسه على كل ما لا يليق به أمام الله فيبدا بالتطور والنضوج فيسير في الخط الروحي بثبات فيتغيّر ويتقدم وينمو في الفضائل الروحية ليصبح رجل الله فيمتاز بالوداعة والتواضع والرجاء والعمل الصالح ويرتقي في القداسة والألتصاق بما هو لله . وقد وصف الكتاب المقدس حزقيا الملك بأنه ( ألتصق بالرب ولم يحد عنه ) ” 2مل 3:18″ . كذلك كان حزقيا رجل الأيمان والأتكال على الرب ، فكان يثق بالله ثقة كاملة مجردة من الشكوك حتى لم يكن مثله ، لهذا كان رجلاً ناجحاً فكان الرب معه ” 2مل 7:18″ .
طوبى لمن يقتدي بسيرة هؤلاء الرجال الذين كانوا بحسب قلب الله ، ولألهنا المجد الدائم
للمزيد عن سيرة هذا الملك طالع مقالنا السابق على الرابط :
https://mangish.net/forum.php?action=view&id=9145
