المحاورة الدينية التي جرت بين الخليفة المهدي وطيماثاوس الجثاليق البطريرك في القرن الثامن بعد الميلاد

الكاتب: اسحق بفرو
المحاورة الدينية التي جرت بين الخليفة المهدي وطيماثاوس الجثاليق البطريرك في القرن الثامن بعد الميلادي

المقدمة
الباب الاول : المسيح كلمة الله المتجسد لخلاصنا
أيها الجاثليق ، لا يليق برجل مثلك ، عالم و ذوي خبره ، ان يقول عن الله تعالى ” انه اتخذ امرأة وولد منها ابنا ”
فجاوبنا قائلين : يا ايها الملك محب الله ، من هو ذاك الذي أتى بكذا تجذيف عن الله “عزّ وجل  ” ؟
فحينئذ قال لي الملك : فماذا تقول عن المسيح ؟ من هو؟
فجاوبنا الملك قائلين : إن المسيح هو كلمة الله ، الذي ظهر بالجسد ، لأجل  خلاص  العالم .
المسيح ابن الله :
ثم سألني الملك : اما تعتقد ان المسيح هو ابن الله ؟
فقلت : اننا نعتقد بذالك دون شك . لان هكذا تعلمنا من المسيح نفسه ، اذ هو مسطّر في الانجيل والتورات والانبياء انه ابن الله . ولكن ولادته ليست كالولادة الجسدية ،  بل هي ولادة عجيبة ، تفوق إدراك العقل ووصف  اللسان ، كما يليق بالولادة الالهية .
فقال الملك : كيف ذلك ؟
فقلنا : ان المسيح هو ابن ومولود قبل كل الدهور ، فلا نستطيع ان  نفحص عن هذه الولادة  ، ولا ان ندركها .لان الله غير مدرك في جميع صفاته . ولكن نأتي بتشبيه ما ، مأخوذ من الطبيعة ، فكما تلد الاشعة من الشمس ،والكلمة من النفس ، هكذا المسيح ، بما انه كلمة الله ، ولد من الاب قبل كل الدهور .
المسيح ابن مريم البتول .
فقال لي الملك :اما تقولون ان المسيح ولد من مريم البتول ؟
فجاوبنا قائلين :اننا نقول ونعتقد بأن المسيح مولود من الاب بما انه كلمته ، ومولود  من مريم العذراء بما انه إنسان . وولادته من الاب هي ازلية قبل كل الدهور ، وولادته من مريم العذراء هي زمانية ،دون اب ومن غير زواج ، وبدون إنثلام بتولية امه .
كيف ظلت مريم بتولاً بعد الولادة ؟
فقال لي مليكنا إن ولادة المسيح من مريم بغير زواج هي مكتوبة ومقررة ، ولكن كيف يمكن ان تكون هذه الولادة  دون إنثلام بتولية الوالدة ؟
فجاوبنا الملك وقلنا : ان هذا الامر ، نظرا الى الطبيعة ، وهو محال ، وغير ممكن ان يصير دون إنثلام البتولية ، ولا يمكن ان يَتَلد إنسان ، ولا ان يُحبل به اصلاً ، بغير إشتراك رجل مع إمرأة .
وأما نظرا الى قدرة خالق الطبيعة ، فمستطاع ذلك ، اي إن البتول تَلد بدون إنثلام بتوليتها .لان الله سبحانه قادر على كل شيئ وليس عنده امر عسير .
برهان على امكانية ذلك من الكتاب والطبيعة :
ولنا برهان على ذلك في الكتاب وفي الطبيعة ، الذين يوضحان لنا انه تمكن ولادة انسان دون انثلام بتولية الوالده .
اولا من الكتاب : قد سطر ان حواء قد اخرجت من ضلع ادم ، دون ان تنشق تلك الضلعة ، والمسيح قد صعد الى السماء دون ان ينشق الجلد . فهكذا مريم البتول ولدت ابنها ، من دون ان تنثلم بتوليتها ويعتريها ضرر .
ثانيا من الطبيعة : فان الاثمار تولد من الاشجار ، والنظر من العين ، والروائح من الزهور ، دون انشقاق وانفصال بعضها من البعض . وكذا تولد الاشعة من الشمس .
فعلى هذا المنوال ، قد ولد المسيح من مريم دون ان تنثلم بتوليتها . وكما ان ولادته الازلية فائقة عن العقل ، هكذا ولادته الزمنية هي عجيبة المسيح واحد من طبيعتين
فقال لي ملكنا : كيف ذلك ، أأزلي ولد زمنياً ؟
فجاوبنا قائلين :ان المسيح ليس بما انه ازلي مولوداً من مريم ، بل بما انه زمني وبشري .
هل المسيح ازلي ام زمني 
فحينئذ قال لي ملكنا :فالمسيح اذا هو اثنان : الواحد زمني والاخر ازلي . فالازلي هوآله من آله حسب قولك ،  والزمني هو إنسان من  مريم .
فجاوبنا قائلين : ايها الملك ، ان المسيح ليس باثنين ولا بابنين ، بل المسيح واحد وابن واحد ، ذو طبيعتين الهية وإنسانية ، من حيث ان كلمة الله اتخذ جسدا بشرياً وصار إنساناً
الخاتمة
فملكنا قال لي مبتسماً نترك المحاورة ، ونتكلم عن هذه الامور في وقت اخر ،حينما تصير لنا فرصة لنعكف عليها .
ونحن مجدنا الله ، الذي هو ملك الملوك ورب الارباب وهو يعطي الحكمة والفهم للملوك ، لكي يدبروا ممالكهم بالعدالة والرحمة .
 
 
المصدر/ سلسلة بطاركة الكلدان تأليف جورج البناء
 ..