مقالات دينية

الوساطة والشفاعة عند الله في الفكر المسيحي

الكاتب: وردااسحاق
الوساطة والشفاعة عند الله في الفكر المسيحي
( … إن أخطأ أحدكم فلنا شفيع عند الآب ، يسوع المسيح البار ) ” 1يو 1:2 ”
ماذا تعني الوساطة عند الله ؟ وما هي الشفاعة ؟ علينا أن نميّز بين الوسيط والشفيع . فالوسيط الوحيد عند الله الآب هو المسيح الأبن . أما الشفيع فهو المُرافع أو المحامي عن الآخر عند الله . وكلمة الشفيع مترجمة من اليونانية من كلمة ( باراكليتس ) وتعني مؤيد ، محامي ، مدافع ، مشدّد . المسيح حسب الكتاب المقدس ليس الشفيع الوحيد ، بل هو الوسيط الوحيد . فروح القدس هو شفيع لنا أيضاً وحسب قول الرسول ( الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا توصف ) ” رو 26:8″ كما هناك شفعاء كثيرين من الآباء في العهد القديم وقديسين من العهد الجديد وبقوة المسيح نفسه . فإذا صنع القديس آية أو نال لغيره نعمة ينالها بقوة المسيح ، وكما فعل القديس بطرس فقال ( ليس لي فضة ولا ذهب ، لكني أعطيك ما عندي : بسم يسوع المسيح الناصري ، قُم وامش … ) ” أع 3: 6-8 ” .
إذاً الوسيط هو المسيح . لكن علينا أن لا نقول لماذا شفاعة القديسين إذاً ؟ فالجواب هو أن وساطة المسيح فريدة في نوعها لأنها وساطة الفداء العام ولأنه هو الذي بذل ذاته عن العالم كله ودفع ثمن الخطيئة ، لهذا يعتبر هو وحده الوسيط الوحيد عند الله . كان هناك وسطاء كثيرون في العهد القديم كآدم وإبراهيم وغيرهم . فنوح مثلاً قيل عنه ( وجد براً كاملاً وبه كانت المصالحة في زمن الغضب ) ” سير 17:44 ” كذلك أبراهيم وقصة شفاعته لأهل سدوم : تك 18 : 20-30 ” طالع كذلك “تك 14:26 ” أما لوط ( فقال له ها ءنذا قد شفعتك في هذا الأمر أيضاً ، بأن لا أقلب المدينة التي ذكرت ) ” تك 21:19 ” . الله قبل شفاعة لوط من أجل صوعر ، ونلاحظ أن الله يعطي النعم بسبب أبراهيم وأسحق ويعقوب وداود وهم متوفون . كذلك شفاعة موسى لشعبه ” خر 32: 11-15 ” كذلك طالع شفاعات موسى في ” تث 9: 26-27 وَ 9: 18-20 ” موسى شفع بأخيه هارون وأخته مريم . يقول المزمور 23:105 ( فهم أن يدمرهم لولا أن موسى مختاره وقف في الثلمة تلقاء وجهه ، ليرد غضبه عن الأتلاف ) وهكذا أشفع أنبياء كثيرون عند الله والله سمع شفاعتهم طالع الشفاعات المذكورة في : ( أش 35:37) و ( صموئيل في 1مل 7: 5و9 ) وفي ( 1مل 4:5 ) ( أيو 8:42 و 1:5 ) ( أرميا 2:42 ) ( يهوديت 8: 29 و 33 ) ( باروك 13:1) . لكن وساطة المسيح في العهد الجديد تختلف عن وساطة العهد القديم ز وذبيحته الكفارية الفريدة تختلف عن ذبائح العهد القديم . ( دنوتم الى يسوع وسيط العهد الجديد ) ” عبر 24:12 ” لذلك هو الوسيط الوحيد لوصية جديدة بعد أن قرّبَ عن الخطايا ذبيحة واحدة عن يمين الله الى الأبد .
   أما الشفاعة الخاصة بالقديسين فلا تتعارض مع وساطة المسيح الشاملة . وشفاعة القديسين لا تعني وساطة الفداء لأنهم هم أنفسهم مفديّون ، حتى العذراء مريم ، أنما شفاعتهم هي ثانوية لنيل نِعَم متفرقة لبني البشر . فنفوذهم عند الله هو في مواضيع خارج الفداء الشامل الخاص بالمسيح وحده . لهذا قال المسيح وحده لتوما الرسول ( أنا الطريق والحق والحياة ، لا يأتي أحد الى الآب إلا بي ) ” يو 6:14 ” إذاً ليس بأحد غيره الخلاص لأنه ليس اسم آخر تحت السماء ممنوحاً لناس به ينبغي أن نخلص ” أع 12:4 ” كما أنه يشفع فينا عند الله الآب ( وهو أيضاً يشفع فينا ) ” رو 34:8 ” ( لأن فيه رضيَ الآب أن يحل الملء كله . وإن يصالح به الجميع لنفسه ، مسالماً بدم صليبه ما على الأرض وما في السماوات ) ” كول 1:19-20 ” ( لأن الله واحد والوسيط بين الله والناس واحد وهو الأنسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فداء عن الجميع ) ” 1تيمو 2: 5-6 ” إنه الوسيط لوصية جديدة حتى أنه بواسطة الموت لفداء المعاصي التي جرت في عهد الوصية الأولى ينال المدعووّن موعد الميراث الأبدي ” عبر 15:9 ” لكن وساطة المسيح الفريدة من نوعها لا تمنع المسيح من أن يسمع الى طلبات قديسيه والمؤمنين به الذين يطلبون منه شفاعة المحتاجين اليه ، لهذا يكرمهم بالأستماع اليهم فيُلَبي طلباتهم ، لهذا فوساطة المسيح لا تمانعنا من الصلاة لأجل غيرنا من الناس ، بل هذا حسن ومقبول لديه . أنه أنفرد في عمل الفداء ولم يشاركه أحد لكنه لم ينفرد بصنع المعجزات بقوة الصلاة والأيمان المجرد من الرياء والشك لأنه شاء أن يشرك معه القديسين لأن شفاعة القديسين ما هي إلا من تدفق ينابيع المسيح . لهذا يطلبها الرب ويوصي المؤمنين به بأن يصلوا بعضهم لبعض ” مت 4:5 ” ( صلوا لأجل من يبغضكم ) واستفانوس جثا على ركبتيه وصرخ بصوت عظيم : ( يا رب لا تقم عليهم هذه الخطيئة ) ” أع 58:7 ” وهكذا علمنا الرسول بولس أن نشفع الى غيرنا بالصلوات ، فقال ( قبل كل شىء أن تقام تضرعات وصلوات وتوسلات وتشكرات من أجل جميع الناس … ) ” 1تيمو 2: 1-7 ” نعم أن صلوات الشعب المؤمن والقديسين تصل الى الله .
نختم موضوعنا بآية من العبرانيين تفيد أننا في وحدة حال أي جسد واحد مع القديسين الذين وصلوا الى الحياة الأبدية . لذا يستطيعون أن يشفعوا فينا هكذا ندنوا الى الله ديان العالم والى أرواح الصديقين المكملين فنكون عند الله شفعاء لغيرنا ونحن على هذه الأرض كما نطلب من القديسين المتنقلين أن يشاركون في الصلاة والشفاعة أنها شركة القديسين التي تصب طلباتهم لخير أبناء الكنيسة وهكذا تلك الشركة تمتد الى الأشتراك في الآلام وتحمل أثقال الآخرين . وعبّرَ العهد الجديد عن هذه الشركة في ” عب 23:12 ” حيث تقرأ أن المؤمنين الأحياء في وحدة حال معنوية حقيقية مع أرواح الأبرار الذين بلغوا الكمال ” رو 35:8 ” فالموت لا يفصل أبناء كنيسة المسيح الواحدة عن محبة المسيح وعن جسد المسيح السري الواحد وهو الكنيسة الواحدة المجاهدة والمنتصرة ، سواء أكان المؤمن في الحياة أو بعد الممات . فسواء عاش الأنسان أو مات فهو في الرب وكما يقول الكتاب ( فاننا عشنا فللرب نحيا وإن متنا فللرب نموت … أننا جسد المسيح ) ” قو 12: 26-28 ) .
 ليتبارك أسم الرب .
بقلم
وردا أسحاق عيسى
ونزرد – كندا ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!