آراء متنوعة

المجلات والصحف الإلكترونية في العراق وتغيير عادات القراءة

 

واجهت الصحف والمجلات المطبوعة، عديد التحديات والمشكلات ومنها، تراجع مبيعات النسخ الورقية، مع انتشار وسائل الإعلام الرقمية، ما أثر سلبا على إيرادات المؤسسات الإعلامية وكذلك الباعة؛ الأمر الذي دفع إلى التكيف مع التكنولوجيا الحديثة واستعمال الأدوات الرقمية لإنتاج وتوزيع الأخبار والموضوعات.

وواجه الاعلام الورقي إذا جاز القول، منافسة شرسة من الاعلام الإلكتروني والمواقع الإخبارية، التي تقدم محتوى متاح بشكل مجاني في الغالب.

ان من أحد الأسباب الرئيسة للجوء الى الاعلام الالكتروني بصورة متزايدة، هو تغير عادات القراءة بفعل التحول إلى القراءة الرقمية، مما يتطلب جهودا مضاعفة من الاعلام الورقي لتكييف اساليب جذب الجمهور، كما تأثرت إيرادات الإعلانات التي كانت تأتي من الصحف والمجلات الورقية بسبب تراجع القراءة الورقية، وتولدت تحديات في تحقيق إيرادات كافية من الإعلانات الرقمية.

وطبعا لم يأت ذلك من دون ثمن اذ يتطلب الانتقال إلى النشر الإلكتروني استثمارات في البنية التحتية وتقنيات التوزيع الرقمي وخبرات غير اعتيادية للعاملين فيه، كما تنبثق في الاعلام الرقمي الحاجة الى مراعاة حقوق النشر والالتزام بالقوانين والتشريعات المتعلقة بنشر المحتوى.

ولم يأت التحول الى الاعلام الرقمي من فراغ، فقد عانت بورصة الصحف والمجلات من معضلات كبيرة لاسيما في وضع العراق، من قضايا النقل والتوزيع بسبب عدم تواجد البنية التحتية المطلوبة للصحافة الورقية.

ويشير باعة المطبوعات الورقية ممن استطلعت آراؤهم الى تراجع كبير في شراء الصحف والمجلات الورقية من قبل السكان، فأغلب زبائنهم بحسب قولهم من كبار السن أو ممن لم يتمكنوا الى يومنا هذا أن يستسيغوا الانترنت وما جلبه للناس من أدوات ووسائل، تتيح للجميع الاطلاع على جميع الأخبار بسرعة.

وفي هذا يقول أحد السكان انه لم يألف الى الآن الصحافة الإلكترونيَّة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تجلب له الأخبار من كل مكان في التو واللحظة، ولا يمكنه أن يعتاد على النمط الالكتروني ويغادر التقليدي الذي تطبع عليه منذ عشرات السنين.

وبالمقابل تقول احدى الطالبات الجامعيات: لا أستطيع أن أضيع الوقت في تصفح الجريدة او شراء مجلة، في ظل توفر وسيلة الكترونية تستطيع أن تجلب لي الموضوعات والاخبار في أي وقت.

والمسجل الآن، ان المجلات الإلكترونية تتفوق بشكل كبير على المجلات المطبوعة في العصر الرقمي الحالي، لأسباب عدة من بينها سهولة الوصول والتوزيع، اذ يمكن الوصول إلى المجلات الإلكترونية من أي مكان في العالم عبر الإنترنت، مما يجعلها متاحة لعدد أكبر من القراء مقارنة بالمجلات المطبوعة التي تتطلب شراء أو اشتراكا أو توفرها في نقاط توزيع محددة.

والمجلات الإلكترونية تتطلب تكاليف أقل من حيث الطباعة والشحن والتوزيع، وهذا يقلل من التكاليف العامة للنشر، كما أن تكاليف الإنتاج للمجلات الإلكترونية تكون أقل لأنها ليست بحاجة إلى الورق أو الحبر.

كما يمكن تحديث محتوى المجلات الإلكترونية بسرعة ومن دون تكاليف إضافية، ويمكن تضمين محتوى تفاعلي مثل الفيديوهات والصور المتحركة والروابط التفاعلية، مما يجعل التجربة أكثر جذباً وتفاعلا  للقارئ.

وان تقليل استعمال الورق والطباعة يعني تقليل استهلاك الموارد الطبيعية المساهمة في تقليل الأثر البيئي، مما يجعل المجلات الإلكترونية خيارا أكثر استدامة.

وفضلا عن ذلك فان المجلات الالكترونية تشتمل على التحليل والرؤية الأفضل للقراء، اذ انه باستعمال أدوات التحليل الرقمية، يمكن للمجلات الإلكترونية معرفة اهتمامات القراء وسلوكهم بدقة أكبر، مما يسمح لها بتكييف المحتوى لتلبية توقعات جمهورها بشكل أفضل وأسرع.

كما يتوافر للمجلات الالكترونية التنوع والإبداع في المحتوى، اذ المجلات الإلكترونية قادرة على تقديم محتوى متنوع وإبداعي بفضل التكنولوجيا الحديثة، مثل الرسوم البيانية التفاعلية ومقاطع الفيديو والمدونات الصوتية (البودكاست).

والمجلات الإلكترونية التي تسعى الى الربح وبخاصة في المجالات الاكاديمية غالباً ما توفر خيارات اشتراك أكثر مرونة، وتسمح للقراء بتجربة المحتوى مجاناً لمدة معينة قبل الالتزام بالاشتراك المدفوع.

ويرى باحثون واعلاميون، ان المجلات تصدر اسبوعيا او شهريا او فصليا ولهذا فمن الاجدى إن تركز على تحليل الاحداث وتقديمها الى القارئ بشكل واضح، كما يجب التركيز على التحقيقات الاستقصائية والقضايا الاجتماعية والمعيشية والاقتصادية والاخبار الحصرية كضمانة لنجاح المجلة، ويشيرون الى ان هذه المقومات لطالما كانت غائبة عن المجلات في العراق.

وفي استطلاع حديث اجراه “بيت الاعلام العراقي” للإجابة عن سؤال: كيف تقرأ الصحف اليومية العراقية؟ كانت الإجابة كالآتي؛ النسخة الورقية 12%، النسخة الإلكترونية 88%.

وكان رصد اجري في وقت سابق من قبل “بيت الاعلام العراقي” بشان المجلات في العراق، قد سجل إن عدد المجلات المتواجدة حتى ذلك العام “2015” هو (18) مجلة فقط، (3) منها اسبوعية، و(14) منها شهرية، وواحدة فصلية (وتناقص العدد أكثر من ذلك في السنوات اللاحقة)، وبين ان ذلك يشير الى حجم التراجع الذي تعانيه المجلات؛ وكان عام 2003 مع الانفتاح الاعلامي والحريات الصحفية،  قد شهد زيادة في عدد المجلات بشكل لافت لم يكتب لغالبيتها الاستمرار، ولم يترك الا عدد محدود منها بصمة واضحة في الوسط الصحفي، بالاشارة الى توقف مجلات منها “الأسبوعية” و “شعوب” ومجلات أخرى؛ ويلفت الباحثون الى انه برغم ان تكاليف اصدار المجلات الالكترونية قليلة مقارنة بالمجلات الورقية فان كثيرا من المجلات لجأت الى التخلي حتى عن اصدار طبعة الكترونية، مفسرين ذلك بالتقاعس وغياب الحس الصحفي والتجربة والكفاءة المطلوبة.

وتشير مصادر المعلومات إلى بعض من المجلات الصادرة، ومنها مجلة الف باء الإلكترونية، التي صنفت واحدة من أقدم وأشهر المجلات العراقية، تقدم مواضيع متنوعة في الأدب، التاريخ، والفنون، و مجلة الفن العراقي: مجلة إلكترونية تهتم بتغطية الأحداث الفنية والثقافية في العراق والعالم العربي، وتوجد ثمت مجلات متخصصة تابعة الى الوزارات او المؤسسات منها مجلة صحة العراق وهي مجلة إلكترونية تركز على تقديم النصائح والمعلومات الصحية والطبية.

ومن بين (18) مجلة فان (7) منها فقط تمتلك اعلانات تجارية وغالبيتها لشركات او مؤسسات صغيرة، فيما تتجنب الوزارات والمؤسسات الرسمية الاعلان في المجلات الا نادرا.

وتمتلك (7) من أصل (18) مجلة مواقع الكترونية بعضها ذات تصميم سيئ صعب التصفح، فيما تمتلك مجلة واحدة تطبيقا على الهواتف النقالة.

وتلفت مصادر المعلومات، الى ان من الملاحظات على المجلات المحلية، ان الجزء الاكبر منها محدودة الاهتمام، وهي مثلبة بحسب قولهم، لأن المجتمع متنوع وهو بحاجة الى مجلات متنوعة تتناول شتى الشؤون الحياتية، فهناك (6) مجلات عامة ومتنوعة من أصل (18)، فيما هناك (5) مجلات ثقافية، و(3) مجلات معنية بالطفل، ومجلتان مختصة بشؤون المرأة، ومجلة واحدة رياضية.

وتصنف مصادر المعلومات، مجلة “فيلي” بصفتها إحدى الوسائل الإعلامية التي أصرت على البقاء بالقول، هي مجلة إلكترونية تصدر في إقليم كوردستان العراق، تهتم بشكل خاص بقضايا وحقوق الكورد الفيليين، الذين يعدون جزءا من الشعب الكوردي ويعيشون في العراق وإيران، مضيفة القول، ان المجلة تأسست بهدف تسليط الضوء على القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية التي تخص الكورد الفيلية، وتعزيز هويتهم وتراثهم الثقافي فضلا عن الموضوعات المتعلقة بعموم العراق، وتصدر عددها باللغة العربية في كل شهر، مشيرة إلى أن مجلة “فيلي” تركز على مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك الحقوق الإنسانية، والتاريخ، والثقافة، والأدب، فضلا عن القضايا السياسية والاجتماعية التي تواجه الكورد الفيليين في العراق وإيران، وكذلك الموضوعات العراقية.

وتقول عن أهداف المجلة، انها تتعلق بتوثيق تاريخ الكورد الفيليين وتقديمه للأجيال المقبلة، وتعزيز الوعي بقضايا الكورد الفيليين، بخاصة فيما يتعلق بحقوقهم ومشكلاتهم الاجتماعية والسياسية، ونشر الثقافة والتراث الفيليين بوساطة المقالات، والقصص، والأبحاث التي تهتم بالثقافة والتقاليد الفيلية، فضلا عن الأبحاث والتحليلات والمقالات التي تتعلق بالشأن العراقي في شتى المجالات.

وتلفت مصادر المعلومات إلى أن  المجلة تعتمد بشكل أساسي على منصات الإنترنت، حيث تنشر مقالاتها وأبحاثها بشكل دوري، وتقوم المجلة أيضًا بتغطية الأخبار المتعلقة بالكورد الفيليين في العراق والمنطقة، وتسليط الضوء على القضايا التي تؤثر على المجتمع الفيلي  والكوردي والعراقي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!