المجالس الخورنية بين الوجود الفعلي والشكلي

الكاتب: زيد ميشو
المجالس الخورنية بين الوجود الفعلي والشكلي

 زيد غازي ميشو
zaidmisho@gmail.com
 
أسلوب الحياة يختلف بين زمن وآخر، والعقلية تتغير بين جيل وجيل، وطريقة إدارة المؤسسات بحاجة إلى تحديث يساعدها على مواكبة المسيرة بجديدها، والمؤسسة الكنسية لها أيضًاً تحديثها كي تكون حاضرة في كل زمان ومكان، وإلا أصبح وجودها يدعوا للإستغراب عند الأجيال القادمة.
لذا ومنذ حوالي 18 سنة بدأ العمل في الكنيسة الكاثوليكية للكلدان بنظام المجالس الخورنية، والأصول المتبّع هو بترشيح الراغبين أنفسهم ليتم إنتخابهم للعمل كمتطوعين في الكنيسة ومساهمين في إدارتها، فاعلين ومُتفاعلين مع كل النشاطات التي يتم أقتراحها من قبلهم والبت بتنفيذها من قبلهم أيضاً مع راعي الخورنة والذي يعتبر صوت حالهُ حال بقية الأعضاء.
وعندما نقول مجلس منتخب، فهذا يعني بأن الشعب المؤمن إنتخبه ليكون واجهتهِ ولسان حالهِ، لذا فإن وجوده من وجود الشعب وعدمهُ من عدمهِ، والمنطق يقول، على المسؤولين أحترام رغبة الشعب وأحترامهم من أحترام المنتخبين. والأمر مختلف في المجالس الخورنية، حيث لا قيمة لهم ولا للشعب الذي إنتخبهم، لأن القانون مع الكاهن فقط، إذ يستطيع بكلمة إلغاءه، هذا عدا من إنهُ ومنذ بداية الترشيح لهُ الحق في قبول إستمارة الترشيح أو عدم قبولها، وبذلك وعلى الأغلب، يعتبر وجود المجلس شكلي فقط وأهميتهِ هي للكاهن فقط، لهذا نراه يحاول أن يختار ويحث الأشخاص الذي يلتمس منهم الرضوخ.
في كنيستي أيضاً هناك قانون لهذا المجلس، ليس قانون إلهي، ولا كنسي، ولا منطقي أيضاً، قانون شرّعه الكاهن للكاهن وليس للشعب، ومن يتقدّم ويُمليّ استمارة الطلب ويقرأ الشروط يعيّ مُسبقاً بأنهُ يتقدّم للعمل بصفة حملٌ وديع لا رأي لهُ ولا وجود إلا بما يوافق رأي الكاهن!
تم ترشيح بعض الأسماء ورفض منها البعض لأن قرار الكاهن لهذه الدورة هو أن يكون كل المتقدّمين لم يشاركوا من قبل في أي دورة سابقة للمجلس  ولو لفترة زمنية قصيرة! أي يجب على المتقدّم أن يكون عديم الخبرة! والحكمة من ذلك تكمن بإبعاد المرشّح الذي له رأي وأفكار وأقتراحات تساعد على معالجة الكنيسة من الشلل الذي أصابها منذ إنسحاب أربعة من آخر مجلس كان لهُ رأي، وهم آخر أربعة يعرفون جيداً كيف يساهمون بتسيير دفة الكنيسة مع الكاهن، وكان ذلك في تموز 2005، وفي كل الدورات التي تلت هذا التاريخ وعلى ما أعتقد، وجد إثنين أو ثلاثة يرفضون التبعية العمياء، إلا أنهم لم يستمروا، لأن صاحب الرأي والمعترض بالحق في كنيستي لا مكان له في قلب الكاهن.
قبل أيام تم أنتخاب مجلس جديد للدورة القادمة أتوشّم بهم خيراً، الخطأ الأول الذي رافق عملية الإنتخابات هو عدم معرفة الشعب بكل المرشّحين، حيث لم تسنح الفرصة للتكلّم عن أنفسهم، بل أكتفوا برفع أياديهم عند إعلان إسمهم ومن أذاع الأسماء كان على عجالة من أمره.
وبهذا أصبح الإنتخاب يعتمد على الشكل، أو المعرفة الشخصية، أو الإنتماء القروي، وقد يكون الهندام له تأثير أو طريقة الوقوف، كل الأسباب الآنفة الذكر وأي سبب آخر لم يراودني لأذكره، ساعد في منح الأصوات للمرشّحين، إلا أن هناك أسباب مهمة أهملت كلياُ منها الكفاءة والأختصاص والحضور ومعرفة السبب من الترشيح.
شخصيًا، حاولت أن أنصف بأختياري للأسماء، لذا طعّمت القائمة بأسماء الإناث، ولو كان الأمر بيدي لجعلت الترشيح إجباري مناصفة بين الذكور والإناث. لكني حرت من أختار، لا أعرفهن، لم يتكلمن عن أنفسهن، ولكوني أجلس في الصفوف الأخيرة، لذا لم أرى وجوههن، فأخترت ألأكثر ح*ما*سًاً وهي تلوح بيدها عندما إذيع أسمها!!! حيث لا يوجد خيار آخر في الإختيار.
هنا أقول، إن فكرة المجلس رائعة، والإنتخابات الديمقراطية أروع، والتجديد كل سنتين أروعين، لكن وللأسف الشديد، كل تلك الروعات شوّهت لأنها مزيّفة ولا أهمية لها، لأن الكاهن يستطيع أن يهدد بإصبعهِ إن لم يخضعوا لهُ، ويلغيهم بصرخة مدوية كما نشاهد في الأفلام المصرية كيف الرجل يطلق زوجتهِ في لحظة غضب، ويذهب ويتزوّج بأخرى متى شاء.
ومع كل هذه السلبيات، ومع القانون المجحف والخاطيء بحق المجلس الخورني في كنيستي، إلا أنهُ والحق يقال، هناك من بين الأعضاء الجدد أشخاص أعرفهم حق المعرفة ويشهد لهم بكفاءتهم ورفعة أخلاقهم، لكني لم أختبر جرأتهم بعد أو صمتهم أو خبرتهم في العمل الكنسي، وهم يستحقون كل الدعم من قبلنا جميعاً، لكن يبقى القلق يساورني حتى أرى وألمس جدّيتهم في العمل، آملاً أن لا يكملوا مسيرة من بقي وأتي بعد تموز 2005 حيث كانوا جميعهم بإستثناء لا يتعدى أصابع اليد الواحدة، طيبين إلى درجة لا دور لهم يتعدى ما تستطيع عمله (خالة جدتي) لو كانت حية لغاية الآن وقادرة على المشي ولو بالكرسي الكهربائي.
كنيستي خاملة، حتى أن عدد الحضور للقداس في صيف 2003 وهو التاريخ الذي وطأت قدماي الأراضي الكندية، هو نفس العدد أو أكثر من المشاركين عام 2013، علماً بأن عدد العوائل قبل 10 سنوات كان لا يتجاوز 600 عائلة واليوم يتجاوز 1600 عائلة عدا الزيادة بين العازبات والعزّاب.
قبل 2005 كنّا نشهد محاضرات وندوات ومهرجانات، واليوم لا شيء يذكر من هذا القبيل
كان هناك أخوية وصل عدد الأعضاء أكثر من ثمانين، عمل شخصاً واحداً فقط على هدمها لكي يُبقيّ على أسسهُ بنفسهِ، وهو دروس الكتاب المقدس، ومن يتابع هذه الدروس علمانيين غير متخصصين!! وهذا خطأ فادح أتمنى تداركه، والحضور لتكل الدروس لا يتجاوز عن الثلاثين
كان هناك أمسيات شهرية يحضرها أكثر من مائتي شخص، واليوم أقل من نصف هذا العدد وليست شهرية بل قد تكون موسمية أو نصف سنوية.
لذا أقول لأخواتي وإخوتي أعضاء المجلس الجديد، نحن بحاجة إلى وجودكم الفعّال وليس الشكلي، لديكم مهمّات كثيرة وأنصحكّم أن تبدءوا بـ :-
1 ـــ أبحثوا عن الأشخاص الذين قدّموا خدمات جلية للكنيسة وأصبحوا اليوم خارجها أو مجمّدين فيها وأستفيدوا من خبراتهم وأكسبوهم للكنيسة مجددًاً.
2 ـــ أسألوا عن حاجة المؤمنين الثقافية والإجتماعية. 
3 ـــ الإهتمام بنشاطات الشباب وتأسيس أخويات لهم وبأشراف أشخاص لهم خبرة.
4 ـــ أستقطاب مختصين من أجل إقامة ندوات ومحاضرات للشعب مرة أو مرتين في الشهر.
5 ـــ تعزيز مكتبة الأستعارة التي بدأ العمل بها قبل تموز 2005 وأهملت فيما بعد، وفقدت الكثير من الكتب.
6 ــ فكروا أنتم بما تريدون أن تفعلوه للكنيسة، ولا تقبلوا على أنفسكم بأن يقتصر عملكم على جمع حسنات القداديس.
7- تنظيم لقاءات مصارحة شهرية أو موسمية بين الكاهن والمجلس والشعب المؤمن، فيها يتم حوار متبادل بين كل ابناء الرعية للوقوف عند السلبيات لغرض تجاوزها والإيجابيات لتعزيزها، والمشاركة في الآراء والمقترحات التي تساهم في مسيرة كنيستنا لتصبح من الكنائس الحيوية التي تجلب الأنظار في خدماتها ونشاطاتها، ولا ينقصنا شيء من أجل تحقيق هذا التمني سوى أن نعرف المواهب في الرعية والعمل على أستثمارها.
7 ـــ وشيء مهم من أجلكم ومن أجل من يأتي من بعدكم …. إعملوا على تغيير نظام الترشيح للمجلس الخورني، لأن ما موجود حالياً يسخر منكم ومن الشعب.
متمنياً لكم التوفيق، وأعدكم بأنني سأكون عون لكم إن أحتجتموني بأي شيء وفي خدمة الكنيسة وراعيها،
وسأكتب عن إنجازاتكم في صيف 2014 آملاً أن تكون خيراً وفيها ما يشرح القلب ويسعدهُ.  
 
 ..