آراء متنوعة

المؤسسات التعليمية في ظل التحول الرقمي والذكاء

د. هيثم جبار طه
الخبير الدولي في جودة التعليم والاعتماد الأكاديمي

مقدمة
إن التطورات المتسارعة التي حدثت في السنوات الأخيرة في مجالات تقنيات الحاسوب والوسائط المتعددة وشبکة الانترنت والتکامل بينهما أدت إلی ظهور مايسمی اليوم “بتکنولوجيا المعلومات والاتصالات” وبسرعة کبيرة کذلك ظهر أثر هذه التکنولوجيا بوضوح في جميع مجالات الحياة، وذلك راجع إلی أن استخدامها أدى إلی اکتشاف إمکانيات وقدرات جديدة لم تکن موجودة من قبل وقد أدت إلی نشوء بيئة تعليمية جديدة تغير فيها دور الأستاذ والطالب, حيث أن من تأثيرات هذه التكنولوجيا أنها أدت من ناحية إلی تغيير في أنماط الولوج إلی المعرفة والحصول عليها وبثها، وهذا قد يؤدي بالأستاذ إلی إعادة النظر في مجموع الإستراتيجيات الخاصة بالأعمال والنشاطات التي کان يقوم بها من قبل ويتحکم فيها، سواء کان ذلك علی مستوى النفاذ إلی المعلومات أو علی مستوى تنظيمها وتخزينها، ومن ناحية أخرى فقد فرضت علی الأستاذ لکي يکون مؤهل وفعال علی أداء عمله في هذه البيئة التعليمية الجديدة، اکتساب مجموعة کبيرة من المهارات التقنية التي تؤهله علی استعمالها. وفي وقتنا هذا أصبحت المؤسسات التعليمية تلعب دورًا محوريًا في عصر التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، حيث أصبحت التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من العملية التعليمية. حيث يُمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة التعلم من خلال تخصيص المحتوى التعليمي وفقًا لاحتياجات الطلاب الفردية، وتحليل الأداء لتحسين النتائج الأكاديمية. توفر التقنيات الرقمية وسائل تعليم تفاعلية ومتقدمة مثل الفصول الافتراضية والمنصات التعليمية عبر الإنترنت، مما يسهم في توسيع نطاق الوصول إلى التعليم. كذلك، تُسهم هذه التحولات في إعداد الطلاب لمستقبل يتطلب مهارات رقمية وقدرة على التكيف مع التكنولوجيا المتطورة باستمرار. تهدف المؤسسات التعليمية إلى تحقيق توازن بين الابتكار التكنولوجي والحفاظ على جودة التعليم، لضمان استفادة الجميع من هذه التطورات التحول الرقمي في مجال التعليم يعد من أهم التطورات في العصر الحديث، ومن بين أدوات هذا التحول يأتي الذكاء الاصطناعي. حيث يندرج الذكاء الاصطناعي في عداد القضايا التي تشغل جميع القطاعات الاجتماعية والاقتصادية بما فيها ميدان التربية والتعليم. أن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي يحملان وعودًا كبيرة لمستقبل التعليم، لكن نجاحهما يعتمد على التخطيط الجيد والتنفيذ المدروس، ولهما تأثير عميق على المؤسسات التعليمية، حيث يغيران الطريقة التي يتم بها التدريس والتعلم والإدارة.
وهنا نلاحظ بأن المديرة العامة لليونسكو، أودري أزولاي، قالت أنّه: “سيحقق الذكاء الاصطناعي تغييراً جذرياً في مجال التعليم. وسنشهد ثورة تطال الأدوات التربوية وسبُل التعلّم والانتفاع بالمعارف وعملية إعداد المعلمين”.
إذ يمكن للذكاء الاصطناعي المساعدة في تسريع عملية بلوغ أهداف التعليم العالمية من خلال الحد من العوائق التي تعترض سبيل التعلّم، وأتمتة الإجراءات الإدارية، وإتاحة أفضل السبل الكفيلة بتحسين نتائج التعلم.

التأثير على المؤسسات التعليمية:
يعمل التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي على تغيير الطريقة التي تعمل بها المؤسسات التعليمية، مما يجعلها أكثر كفاءة وفعالية وتتمحور حول الطالب، حيث يمكن للتحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي أن تساعد المؤسسات على تحديد المجالات التي يحتاج فيها الطلاب إلى دعم إضافي، مما يسمح بالتدخلات المستهدفة وتحسين النتائج. ويمكن أن يؤدي التحول الرقمي أيضًا إلى زيادة فرص الوصول إلى التعليم، وخاصة بالنسبة للسكان المحرومين.

التحول الرقمي في المؤسسات التعليمية:
تشهد المؤسسات التعليمية تحولًا رقميًا كبيرًا لتعزيز تجربة التعلم وزيادة الكفاءة وتحسين نتائج الطلاب. ويتضمن هذا التحول اعتماد التقنيات الرقمية مثل أنظمة إدارة التعلم والدورات عبر الإنترنت والبرمجيات التعليمية. ويتضمن أيضًا تغييرات في الثقافة التنظيمية والقيادة والحوكمة، وكما يلي:
1. التعلم الإلكتروني: التحول الرقمي سمح للمؤسسات التعليمية بتوفير التعلم الإلكتروني (E-Learning)، مما يتيح للطلاب الوصول إلى المواد التعليمية عبر الإنترنت، والتعلم في أي وقت ومن أي مكان.
2. إدارة التعلم: تستخدم المؤسسات التعليمية أنظمة إدارة التعلم (LMS) لإدارة الدورات التعليمية، توزيع المواد الدراسية، تقييم الطلاب، وتتبع تقدمهم.
3. التواصل: تساعد الأدوات الرقمية في تحسين التواصل بين المعلمين والطلاب وأولياء الأمور، من خلال المنصات التعليمية والتطبيقات المخصصة.
4. المصادر المفتوحة: توفر الإنترنت مصادر تعليمية مفتوحة (OER) يمكن للمؤسسات التعليمية استخدامها لتحسين المناهج الدراسية وتوفير موارد إضافية للطلاب.
5. التحليلات التعليمية: تستخدم المؤسسات التعليمية بيانات الطلاب وأدوات التحليلات للتعرف على أنماط التعلم، وتحديد الطلاب الذين يحتاجون إلى دعم إضافي، وتحسين المناهج الدراسية.

الذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية:
يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد في المؤسسات التعليمية لتخصيص التعلم، وأتمتة المهام الإدارية، وتحسين نتائج الطلاب. حيث يمكن لأنظمة التعلم التكيفي المدعومة بالذكاء الاصطناعي ضبط مستوى صعوبة مواد الدورة التدريبية بناءً على أداء الطلاب الفرديين، ويمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي توفير الدعم للطلاب على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، والإجابة على أسئلتهم ومساعدتهم في واجباتهم الدراسية، وكما يلي:
1. التخصيص: يمكن للذكاء الاصطناعي تخصيص تجربة التعلم لكل طالب بناءً على سرعته في التعلم، اهتماماته، ونقاط القوة والضعف لديه.
2. التقييم التكيفي: يستخدم الذكاء الاصطناعي في التقييم التكيفي، حيث تتغير أسئلة الاختبارات بناءً على أداء الطالب، مما يوفر تقييمًا أكثر دقة لقدراته.
3. المساعدين الافتراضيين: يمكن للذكاء الاصطناعي توفير مساعدين افتراضيين (مثل الدردشات الآلية) لمساعدة الطلاب في الحصول على المعلومات، التسجيل في الدورات، أو حتى الإجابة عن الأسئلة الأكاديمية.
4. التنبؤ والتدخل: يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل بيانات الطلاب للتنبؤ بصعوبات التعلم المحتملة وتقديم التدخلات في الوقت المناسب لتحسين نتائج التعلم.
5. تطوير المناهج: يساعد الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات لتحديد الفجوات في المناهج الدراسية واقتراح التحسينات.

بعض النقاط المستخلصة لدور الذكاء الاصطناعي في تحسين وتطوير التعليم ومستقبله
1. تحسين عملية التعلم وتطويرها: يستخدم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات التعليمية وتحسين تجربة التعلم، حيث يمكن تقديم تعليم مخصص لاحتياجات كل طالب.
2. تحسين جودة التعليم: استخدام التعلم الآلي في المؤسسات التعليمية يساهم في تطوير أساليب التعليم وتحديثها.
3. تحليل بيانات الطلاب: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل بيانات الطلبة وتحسين أدائهم التعليمي.
4. تجربة تعليمية مخصصة: يتيح الذكاء الاصطناعي توفير تفاعل مستمر مع الطلاب وتقديم تجارب تعليمية مختلفة تناسب احتياجاتهم الفردية.
وباختصار، يعد التعلم الآلي في المؤسسات التعليمية أداة قوية لتحسين التعليم باستخدام الذكاء الاصطناعي، ويمكن تحقيق تطورات كبيرة في العملية التعليمية. هذا يأتي مع تحديات مثل توافر البيانات الكافية والجودة لتدعيم تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم.
• الذكاء الاصطناعي يساعد في تحسين عملية التعلم وتطويرها.
• استخدام التعلم الآلي في المؤسسات التعليمية يحسن جودة التعليم.
• تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم في تطوير أساليب التعليم وتحديثها.
• تطبيق الذكاء الاصطناعي في الممارسة التعليمية يعزز فاعلية الدروس وتجربة الطلاب.
• استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات الطلاب يساعد على تحسين أدائهم التعليمي.

التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي ودورهما في تطوير المؤسسات التعليمية وتحسين جودة التعليم.
1. تحسين تجربة التعلم: الذكاء الاصطناعي يساعد في تحليل بيانات الطلاب وتقديم تعليم مخصص يتناسب مع احتياجات كل طالب، مما يعزز من فاعلية الدروس وتجربة الطلاب التعليمية.
2. تطوير أساليب التعليم: تقنيات الذكاء الاصطناعي تساهم في تحديث المناهج الدراسية وتوفير تجارب تعليمية مبتكرة ومتنوعة، مما يساعد في تحسين جودة التعليم بشكل عام.
3. تحليل الأداء: استخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل بيانات التلاميذ يساعد على تحديد نقاط القوة والضعف لديهم، مما يمكن المعلمين من تقديم تدخلات تعليمية مخصصة لتحسين أداء الطلاب.
4. التحديات: على الرغم من الفوائد العديدة، هناك تحديات تواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في التعليم، مثل توافر البيانات الكافية والجودة، والتكلفة العالية لتطوير وتنفيذ هذه التقنيات.

الذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية:
الذكاء الاصطناعي يضيف طبقة إضافية من الابتكار والفعالية على التحول الرقمي من خلال عدة طرق:
1. التعلم المخصص:
– استخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتقديم دروس مخصصة حسب احتياجات وقدرات كل طالب.
– بناء خطط دراسية فردية تساعد الطلاب على التعلم بمعدلهم الخاص.
2. التقييم الذكي:
– أنظمة تقييم تستخدم الذكاء الاصطناعي لتصحيح الامتحانات وتقديم تغذية راجعة فورية.
– تقييمات قائمة على الأداء تقدم معلومات حول نقاط القوة والضعف لدى الطلاب.
3. المساعدات التعليمية الذكية:
– استخدام روبوتات الدردشة (chatbots) لتقديم دعم فوري للطلاب والأساتذة.
– تطبيقات المساعدة على الدراسة مثل تطبيقات حل الواجبات المنزلية وتقديم الشروحات.
4. التنبؤ والتخطيط:
– استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات والتنبؤ بالاحتياجات المستقبلية للمؤسسات التعليمية.
– تحسين إدارة الموارد وتخطيط المناهج الدراسية بناءً على التحليلات التنبؤية.

فوائد التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي للطلاب:
• تجارب تعليمية مخصصة مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات والقدرات الفردية.
• زيادة المرونة وإمكانية الوصول من خلال الدورات والموارد عبر الإنترنت.
• تحسين مشاركة الطلاب وتحفيزهم من خلال اللعب والمحتوى التفاعلي.
• تحسين التعليقات والتقييم من خلال الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي.
• تحسين الوصول وتوفير التعليم للجميع بغض النظر عن الموقع الجغرافي.
• زيادة الفعالية وتحسين إدارة الوقت والموارد.

تحديات التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في التعليم:
تواجه تقنيات الذكاء الاصطناعي في التعليم تحديات متعددة تؤثر على تطبيقها واستخدامها بشكل فعّال، ومن أبرز هذه التحديات هي:
• ضمان الوصول العادل إلى التكنولوجيا والاتصال بالإنترنت لجميع الطلاب.
• معالجة المخاوف المتعلقة بإزاحة الوظائف وإمكانية أن يحل الذكاء الاصطناعي محل المعلمين البشريين.
• تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي تكون شفافة وقابلة للتفسير وعادلة في عملية صنع القرار.
• دمج الذكاء الاصطناعي في البنية التحتية والعمليات التعليمية الحالية.
• الأمان والخصوصية وحماية بيانات الطلاب والأستاذة من الاختراقات.
• التمويل وتكاليف تنفيذ وصيانة التكنولوجيا.
• تأثير تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحديث طرق التعليم
• توافر البيانات الكافية والجودة لتدعيم عملية التعليم بتقنيات الذكاء الاصطناعي.​
• تحديث المناهج الدراسية وتوفير تجارب تعليمية مخصصة.
• تكلفة وصعوبة تطوير وتنفيذ تقنيات الذكاء الاصطناعي.​
• تحسين عملية تقديم المحاضرات والمعارف بطرق تفاعلية وشيقة.
• تحليل بيانات الطلاب لتحديد نقاط القوة والضعف وتوجيهات فردية.

الاتجاهات المستقبلية:
أن تطوير أنظمة تعليمية تكيفية أكثر تطوراً تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكنها فهم احتياجات الطلاب الفردية بشكل أفضل. وأن دمج الذكاء الاصطناعي مع التقنيات التعليمية الأخرى مثل الواقع الافتراضي والواقع المعزز، يعتبر أمر بالغ الأهمية لتحسين جودة التعليم في المؤسسات التعليمية، وأيضاً تعزيز الشراكات بين المؤسسات التعليمية والصناعات والحكومة لتطوير مهارات القوى العاملة الجاهزة، مع التأكد من استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي في البيئات التعليمية.

الخلاصة
تقاطع التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي في المؤسسات التعليمية يحمل إمكانات كبيرة لتحسين نتائج الطلاب، وزيادة الكفاءة، وتعزيز تجربة التعلم الشاملة. ومع ذلك، فمن الأهمية بمكان أن نتصدى للتحديات المرتبطة بهذا التحول ونضمن استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة وأخلاقية. ويساعد التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي المؤسسات التعليمية على تحسين جودة التعليم، وزيادة الوصول إلى الموارد التعليمية، وتخصيص تجربة التعلم لكل طالب. وأخيراً نقول بأن حجم سوق تكنولوجيا التعليم العالمي سيصل إلى نحو 200 مليار دولار خلال السنوات القليلة المقبلة، وهنا نتساءل عن حجم نسبة المنطقة العربية المستهدف تحقيقها من ذلك الرقم.

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!