الله خَلقَنا مُخيّرين لامُسَيّرين

الكاتب: وردااسحاق
 
الله خَلقَنا مُخيّرين لامُسَيّرينفي البدء خلق الله الملائكة أحراراً . خلقهم بطبيعة ٍ عاقلة داركة ولها الحرية والأرادة وصحة التقدير ودرجة كبيرة في فهم الله الذي خلقها . فالملاك لا يخطأ في الفهم . وأن سار في فكر الشر ، بل يسقط بسبب الأصرار والقصد . لهذا يختلف الملاك عن الأنسان الذي يمتلك الجسد والشهوة وضعفات كثيرة . لكن رغم ذلك نجد الأنسان يندم على أخطائه عكس الملاك الذي أصر على الخطأ الذي أرتكبه ولن يشاء أن يحيد عنه ، والسبب يعود الى جنوحه الى الخطأ والناتج عن عدم الأكتراث من النتائج ، بل حصل ذلك القرار عن ملأ أرادته الثابتة التي لا تتغَيَر . فهكذا سقط أحد رؤساء الملائكة من الكاروبيم المقربين الى الله بسبب التكبيرعلى مقام الله الخالق متأملاً في قلبه بأنه سيصعد الى السموات فقال ( أرفع كرسيي فوق كواكب الله وأجلس على جبل الأجتماع في أقاسي الشمال …وأصير مثل العلي .. ) ” أش 14: 13-15″ وهكذا سقط معه الكثيرين . الملاك لم يغويه أحد كالأنسان الذي أغواه الشيطان . كما أن طبيعة الملاك ليست ترابية ضعيفة مثل الأنسان . الله خلق الأنسان مخيراً حراً في قراراته . والله يحترم حرية الأنسان فخلقه مخَيّراً ، فلا يتدخل في حريته لأنه هو الذي خلقه حراً . فالله يحترم الأنسان ولا يتدخل في أفكاره بل تركه لكي يعيش حراً ويقرر مصيره وأختياره وحتى وأن كان في كل حياته عدواً لله ، ملحداً ، شريراً ، مجدفاً ، وكاسراً لكل وصاياه ، لا وبل ينكر وجوده ، الله يصبر على الخاطىء المتمرد ويحسن اليه ويعمل من أجل خلاصه . فإن كان الله يفرض أرادته على الأنسان فهذا يعني أن الأنسان خُلِقَ مُسَيّراً وليس مُخَيّر . وهذا لا يتفق مع طبيعة الله ومع وصاياه الألهية ، الأشرار يبررون أفعالهم المشينة بألقاء اللوم على الله بزعمهم أنهم مسلوبي الأرادة والحرية لأن الله هو الذي خلق الحروب والكوارث ، وهو الذي كان يعلم مسبقاً بذلك الشر قبل حدوثه ، فلماذا سمح الله بذلك ، أو لماذا يسمح له بالتجربة ؟ وهكذا يتهمون الله بأنه خلق الأنسان مُسَيّراً وأن الله غير عادل الآن وهكذا سيكون في يوم الدينونة ، لأنه يعلم بضعف الأنسان الساقط ويعلم بأنه سيقع في التجربة وسيسقط فيها . الجواب هو أن الله ليس مجرب بل يسمح للمجرب بتجربته ، كما أنه لا يسمح للمجرب أن يجربه فوق طاقته . والأنسان الذي خلقه الله حراً لم يعطي له مطلق الحرية كحريته هو ، لكنه لديه مطلق الحرية في قراراته وحريته محدودة بقوانين ووصايا ، وأن تجاوز الأنسان فيعني أنه تَجَبّر وتكبَر كالملاك الساقط فهكذا ينال غضب الله العادل ( تك 7:38) .الله أكرمنا بقاعدة قوية نثبت عليها لكي لا نسقط في الخطيئة وهي الأتضاع ، وبأتضاعنا تكمن محبة الله وقوته فينا هكذا سنجتاز التجربة ونتحدى تجارب الشريرمهما كانت .هل الله يتدخل في حياة الأنسان ؟نعم يتدخل وهناك مستويات حددها الله لتجاوزات الأنسان فإذا تجاوزها فالله سيتدخل لكن لا لأجل الأنتقام بل لمصلحة الأنسان . فإذا أصر الأنسان أن يقاوم مشيئة الله ، فالله يتدخل لكي يرشد الأنسان الى الصواب . فمثلاً بعد الطو*فا*ن تحالف بنو البشر لتحدي الله ببناء برج بابل لأجل الوصول الى الله وأجباره لعدم معاقبتهم بطو*فا*ن آخر ! فهنا تدخل الله فبلبل لسانهم ففشل مشروعهم المبني على الخطأ . كما تدخل في سادوم وعمورة عندما زاد فيها الشر ووصل الى حضرته فأحرق الله تلك الكورة . الله لا ينتقم بل يحكم بالعدل فما فعله هو بسبب خطيئتهم التي وصلت اليه ( تك 19 ) وأجرة الخطيئة هي الموت . الله لسبب محبته عندما ترتفع خطيئة الأنسان الى عرشه يحاول أن يتدخل لأنقاذ الأنسان لهذا ارسل لوط الى سادوم لكي ينذرهم به ، لكنهم لم يصغوا الى صوت ذلك البار. كما أجبر الله يونان النبي للذهاب الى نينوى التي زادت خطيئتها ، فسمعت نينوى الى صوت الرب فنقذها . وهكذا أنذر الرب يسوع صور وصيدا وكفرناحوم الشريرة وتنبأ بهلاكها قائلاً ( أنت يا كفرناحوم المرتفعة الى السماء ستهبطين الى الهاوية ) ” مت 22:11″ . هكذا عندما يرتفع الأنسان بكبريائه وتمرده سيهبط ويترذل أمام الله والبشر كمملكة يهودا التي أذلها الله بسبب تمردها فأستخدم نبوخذنصر كعصا تأديب ضدها فقادهم الملك الى سبي لمدة سبعين سنة في بابل . أما في عصرنا الحديث عاقب الله شعبه المسيحي في الأتحاد السوفيتي بالشيوعية التي أضطهدت الكنيسة لمدة سبعين سنة أيضاً وبعدها تحررِت من عبودية الشيوعية الى حرية الأيمان والعودة الى حضن الله .الله لا يقبل بالظلم ، فإذا صرخ الأنسان اليه فلا بد لله أن يتدخل عاجلاً أم آجلاً لأنصافه ومعاقبة الظالم . فالشعب العبري عندما كان في العبودية صرخ الى الله ، والله سمع أنينهم واضطهادهم فقال : ( إني قد رأيت مذلة شعبي الذي في مصر وسمعت صراخهم وعلمت أوجاعهم فنزلت لأنقذهم ..) ” خر 3: 7-8 ” . ( غضب الله معلن من السماء على جميع فجور الناس وأثمهم ) ” رو 1-18″ .ختاماً نقول الله خلق الأنسان حراً ولا يتدخل في شؤونه إلا إذا طلب الأنسان رحمة الله بسبب المرض أو الضيقة أو الظلم . فقد تكون طريقة تدخله ظاهرة وواضحة وعلنية . وأحياناً بطرق خفية قد يترك الأنسان لفترات طويلة في المه وظلمه وبعد ذلك يحول ذلك الحمل الى خير وسلام وفرح . فيتعلم الأنسان من ذلك الظلم أو الضيقة الصبر ويلجأ الى الصلاة والصوم والتذرع وهكذا يجعل الله الأنسان يقترب منه فينال محبته وغفرانه .وقد يكون تدخل الله العقاب ،  فيكون العقاب شاملاً لأمم وشعوب كثيرة أذا لم تفهم سبل الرب فيسمح بالحروب والكوارث والأوبئة والمجاعات وأستئصال القادة العادلين . هكذا ينذر الله الأنسان للعودة الى طريق الصواب والله سيغفر لكل تائب . يقول الله رداً لصلاة الملك سليمان الحكيم ( إن أغلقت السماء ولم يكن مطر وإن أمرت الجراد أن يأكل الأرض ، وإن أرسلت وباء على شعبي ، فإذا تواضع شعبي الذين دُعي اسمي عليهم وصَلّو وطلبوا وجهي ورجعوا عن طرقهم الرديّية فإنني أسمع من السماء وإغفر خطيتهم وأُبرىء أرضهم ) ” 2 أخ 7: 13-14 ) في هذه الأيام نلاحظ في بلداننا هناك مقاومة واضحة لمشيئة الله ، وأضطهاد ضد شعبه المسيحي المؤمن فأنتشر الشر والتعدي والسلب والنهب ونبذ حرية الآخر والفساد وكل هذا يحصل تحت ستار الدين . أنعدمت العدالة وسلب حق الفقير وظهر الخلل بوضوح في ميزان القضاء وفي القيادات الدينية التي تدعم هذه النيران بقذف وقود فتاويها  لنبذ المعتقدات التي لا تشاطرها في المعتقد ومنها المسيحية ، فالمؤمنون يصرخون الى الله فلا بد أن نتوقع تدخل يده المقتدرة سريعاً لرفع الظلم وتعزية المظلومين ومعاقبة الفجار المجرمين وتصحيح المَوازين المقلوبة بأسم الدين ، أدخلها عدو الخير في أفكار الكثيرين فجردهم من الرحمة . نطلب لهم التوبة والأيمان بالله الصالح الذي يحب خلاص الجميع وبالتوبة والأيمان سيتحررون . قال الرب ( أن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون ) ” لو 5:13 ) . ولربنا القدير المجد دائماً .بقلموردا أسحاق عيسىوندزر – كندا     
 ..