آراء متنوعة

القنبلة النووية الإيرانية.. الحقيقة والمآلات

قبل أيام صرح وكيل وزير الدفاع الأميركي بأن إيران لديها الآن ما يكفي من المواد الانشطارية لإنتاج القنبلة النووية في غضون 12 يوماً فقط. وتصريحه هذا لم يأت من فراغ، حيث يستند إلى التقرير الفصلي للوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في 28 فبراير.

وأهم ما جاء فيه هو اكتشاف الوكالة جزيئات يورانيوم مخصبة بنسبة %83.7 في محطة فوردو لتخصيب الوقود. كما قد تأكدت أيضاً من إجراء إيران تجارب سرية لإنتاج يورانيوم معد للاستخدام في صنع الأسلحة النووية. وأبرز ما خلص إليه التقرير هو امتلاك إيران حالياً ما يكفي من اليورانيوم المخصب لصنع السلاح النووي في غضون 12 يوماً كما صرح وكيل وزير الدفاع.

وبهذا، فإن اقتراب إيران من امتلاك القنبلة النووية لم يصبح مسار تكهنات وشكوك، بل أصبح أمراً واقعاً بالفعل، بل وقد كان متوقعاً. لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل ستفعلها إيران وتنتج السلاح النووي في أسرع وقت ممكن؟

وواقع الأمر أن الإجابة على هذا السؤال في غاية التعقيد. للكثير من الأسباب، وأهمها ألا أحد يعلم تحديداً نوايا إيران الحقيقية. إذ في بعض الأحيان يبدو أن تهديد إيران بإنتاج السلاح النووي جدي، وفي بعض الأحيان الأخرى يبدو أنه مجرد ورقة ضغط على الغرب.

الأمر المهم الآخر أن طهران تعلم علم اليقين أنه بمجرد البدء فعلياً في خطوات إنتاج السلاح النووي، فستجابه بضربات عسكرية إسرائيلية، حتى إن عارضت واشنطن هذه الضربات. إذ على مدار العامين الماضيين، صرح مسؤولون إسرائيليون من كل المستويات العليا، بمن في ذلك رئيس الوزراء، بأن امتلاك إيران لسلاح نووي خط أحمر لإسرائيل لا يمكن تجاوزه.

كما ستجلب على نفسها استعداء الغرب ودول الخليج، وربما روسيا وتركيا أيضاً. هذا في وقت تعاني فيه إيران من وطأة أزمة اقتصادية طاحنة، وفقدان متزايد لشرعية نظام الحكم.

إذاً، نرى أن امتلاك إيران للسلاح النووي سيكون خطوة انتحارية لن تقبل عليها إيران الآن وفي المستقبل القريب. ربما في المستقبل البعيد. والشاهد على ذلك أن إيران كانت جادة في تنفيذ الكثير من بنود الاتفاق النووي الإيران الذي أبرم عام 2015، والذي كان سيعرقل إنتاج السلاح النووي لمدة 10 أعوام على الأقل بسبب بنوده الصارمة وموافقة إيران على التفتيش الدوري على المفاعلات.

وانسحبت منه إدارة ترامب عام 2018، وهذا الانسحاب هو الذي شجع إيران على استكمال عمليات تخصيب اليورانيوم التي قد توقفت بعد 2015. وعندما جاء بايدن إلى البيت الأبيض، أعاد إحياء المفاوضات على البرنامج النووي، لكنها تعثّرت لأسباب عدة، أهمها المساومة على العقوبات.

وإزاء ذلك، يمكن أن نستنتج أن إيران قد تعمدت إثارة اقترابها من السلاح النووي في هذا الوقت تحديداً كورقة ضغط قوية على واشنطن تحديداً لعودة مسار المفاوضات المتعثرة، وتقديم التنازلات الكبيرة التي تبغيها طهران، وأهمها رفع العقوبات الاقتصادية القاسية من على كاهلها التي تعرّض شرعية نظام الحكم إلى خطر كبير.

إذ إن إدارة بايدن غارقة في مواجهة على جبهتين خطيرتين، الجبهة الروسية، والجبهة الصينية. وبالتالي، فقد تعتقد طهران بأنها لا تستطيع فتح خط مواجهة جديد مع طهران، قد تتطور إلى مواجهة عسكرية في المنطقة. وربما تعتقد طهران أيضاً بأن واشنطن ستحاول استرضاءها لعزلها عن حليفها الرئيسي موسكو، والصين على المدى البعيد.

حاصل القول إن إيران حتى الوقت الراهن لا تنوي حقاً امتلاك السلاح النووي، نظراً للعواقب الوخيمة لذلك، لكنها تستخدمه بذكاء كورقة ضغط، تمكنها في النهاية من الاعتراف بها كقوة مهيمنة في المنطقة.

نقلاً عن “القبس”

ملاحظة: هذا المقال نشر على (رابط المقال) ولا يتحمل موقعنا مضمونه بأي شكل من الأشكال.

Subscribe
نبّهني عن
guest

0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!

يستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف الارتباط وبالتالي يجمع معلومات حول زيارتك لتحسين موقعنا (عن طريق التحليل) ، وإظهار محتوى الوسائط الاجتماعية والإعلانات ذات الصلة. يرجى الاطلاع على صفحة سياسة الخصوصية الخاصة بنا للحصول على مزيد من التفاصيل أو الموافقة عن طريق النقر على الزر "موافق".

إعدادات ملفات تعريف الارتباط
أدناه يمكنك اختيار نوع ملفات تعريف الارتباط التي تسمح بها على هذا الموقع. انقر فوق الزر "حفظ إعدادات ملفات تعريف الارتباط" لتطبيق اختيارك.

وظائفيستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط الوظيفية. ملفات تعريف الارتباط هذه ضرورية للسماح لموقعنا بالعمل.

وسائل التواصل الاجتماعييستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف الارتباط الخاصة بوسائل التواصل الاجتماعي لعرض محتوى تابع لجهة خارجية مثل YouTube و FaceBook. قد تتعقب ملفات تعريف الارتباط هذه بياناتك الشخصية.

أعلاناتيستخدم موقعنا الإلكتروني ملفات تعريف ارتباط إعلانية لعرض إعلانات الجهات الخارجية بناءً على اهتماماتك. قد تتعقب ملفات تعريف الارتباط هذه بياناتك الشخصية.