الفيليون.. كوردٌ أصلاء لا هم أنباط ولا هم آراميون1-2

الكاتب: محمد مندلاوي
الفيليون.. كوردٌ أصلاء لا هم أنباط ولا هم آراميون1-2
 
 
 
محمد مندلاوي
 
في محاضرة شبيه بمحاضرات التي كان يقيمها حزب البعث العروبي المجرم في العراق أبان حكمه البغيض. استضاف نادي الثقافي المندائي في مدينة (لاهاي) في مملكة (هولندة), الدكتور خزعل الماجدي لإلقاء محاضرته التي كانت تحت عنوان ” الفيليون: لا عجمٌ ولا كردٌ ولا عربٌ” حقاً أن المحاضرة بين من عنوانها, أو كما يقال: أول القصيدة كفر. للعلم أن الأستاذ المحاضر شخص أكاديمي يعيش في أوروبا التي هي مركز الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في العالم. من خلال ما ورد في محاضرته، يظهر أنه لم يتأثر بهما، ولا يزال يعشعش في داخله رواسب العنصرية العروبية المقيتة, وعلى وجه الخصوص حين يسمي شريحة من الكورد وهم الفيلية، وكذلك الفرس بتسمية عنصرية كريه أطلقها العرب قديماً عليهم وعلى غيرهم من بني البشر تهكماً بهم وبلغاتهم، ألا وهو مصطلح ال(عجم) الذي يعني في اللغة العربية، الشخص الذي في لسانه لكنة وعدم الإفصاح في الكلام، تشبيهاً بالبهيمة (حيوان)، لأن العجماء عند العرب هي البهيمة، وإنما سميت عجماء لأنها لا تتكلم؟. وتقول العرب: والعجم هو غير العرب، ولاسيما الفرس؛ سموا بذلك لتعقد ألسنتهم، وصعوبة إفصاحهم. عزيزي القارئ الكريم، هل قرأت أو سمعت كلاماً يصدر من شخص أكاديمي يوازي الكلام البذيء الذي صدر من شخص المحاضر؟. إن الدكتور المحاضر نسي أو تناسى أن الحضارة العربية أقيمت على أكتاف هؤلاء ال(أعاجم) الذين اقتبست العرب كلمات ومصطلحات جمة من لغاتهم (الأعجمية)، ولا زالت الشعوب العربية تداولها في حياتها اليومية. بل حتى مفردات كثيرة من لغات هؤلاء الأعاجم تزخر بها آيات القرءان. أضف أن غالبية مؤسسي المذاهب وعلماء ونوابغ المسلمين العرب هم من هؤلاء الأعاجم، من أبناء الكورد والفرس (المجوس) وغيرهم. للأسف، لأول مرة في التاريخ المعاصر يجرؤ شخص أكاديمي ويطلق العنان للسانه… ويقول كلاماً هرطقياً ماسخاً يلتقي مع ادعاءات نوري المالكي، الذي يحاول بشتى الوسائل الماكرة، أن يفصل شريحة الكورد الفيلية عن شعبها الكوردي, ألا أن جميع محاولاته الخداعة باءت بالفشل، وذلك بفضل الوعي القومي الذي يتمتع به الكوردي الفيلي. إن الدكتور خزعل الماجدي، بخلاف الآخرين الذين نسبوا الفيلية إلى إيران أو الفرس، جاءنا بنغمة جديدة هذه المرة، حيث ينسب الكورد الفيلية الأصلاء إلى جماعات اختفوا منذ قرون عديدة عن مسرح الأحداث، والفيلية بعيدة عنهم بعد الأرض عن السماء، ألا وهم الأنباط الذين أنشأوا مملكة بين أعوام (312 ق.م- 106م) وهم قبائل بدوية استوطنت جنوب فلسطين، واتخذوا من البتراء التي تقع اليوم في جنوب مملكة الأردن عاصمة لهم. وقضى عليهم عام (106) ميلادية الإمبراطور ترايانس (M.Ulpius Trajanus) (53- 117م). وفيما يتعلق بموطنهم الأصلي وانتمائهم القومي كمجموعة بشرية استوطنت ثلة منها منطقة البطائح بين عراق العرب وعراق العجم. يوجد هناك اختلاف بين المؤرخين لا زال قائماً، حيث أن البعض منهم يقول: أن هؤلاء الأنباط هاجروا من جزيرة العرب إلى بلاد بين النهرين. والبعض الآخر يعتقد، أنهم من سكان بين النهرين، وفي ظروف متباينة لا تعرف أسبابها نزحوا إلى أطرافها. وهناك قول آخر يقول: إن الأنباط عاشوا في شمال الجزيرة العربية بين سواحل الفرات والخليج (الفارسي) والبحر الأبيض والبحر الأحمر. وبسبب عدم مواكبتهم لمتطلبات الحضارة وفقدانهم لمقومات مفردات استمرار الحياة على الأرض، انقرضوا من الوجود كما انقرض غيرهم بذات الداء. لنعد إلى موضوع عنوان المحاضرة، كيف يزعم المحاضر، أن الفيلية أنباط، وعنوان محاضرته يقول أنهم “لا كرد ولا عرب ولا عجم”. ونحن نرى في بواطن كتب التاريخ والمناجد والمعاجم كلاماً مغايراً لادعاءات المحاضر الدكتور خزعل الماجدي، تقول تلك المصادر: “إن الأنباط قبائل بدوية عربية، وأشهر ملوكهم كان، الحارث الأول (169- ق.م) والحارث الثاني (110- 96م) والحارث الثالث (87- 62م)، وعبيدة الأول (90 م)” الخ. جاء هذا الكلام في (المنجد العربي)، طبع دار المشرق، لبنان (1973) و(معجم الحضارة السامية) لمؤلفه (هنري س. عبودي) طبعة الثانية، (1991) جروس برس، طرابلس، لبنان. أتلاحظ عزيزي القارئ، أن ملوك الأنباط، يشاركوا العرب في أسمائهم العربية؟.   
جاء في المقال المشار إليه أعلاه, أن الدكتور خزعل الماجدي قسم محاضرته إلى ثلاثة أقسام هي: 1- جغرافيا وجود الفيليين وأصل كلمة فيلي 2- تاريخ الفيليين في العراق 3- المظاهر الحضارية لوجودهم في العراق. أولاً، أن كلمة “پشتكو – Pshtko” تكتب بالباء الكوردية بثلاث نُقاط وهذا رسمها (پ) وتفتقد لها اللغة العربية. ثم، أن المحاضر ترجم كلمة “پشتكو” ترجمة حرفية إلى “ظهر الجبل” وهذه الترجمة خطأ, لأن مدلولها يتجاوز معنى اللفظ في اللغة المتداولة، بل الأصح أن تقول، خلف الجبل. يقول المحاضر:” إن جبال زاغروس تفصل بين العراق وإيران…” أنا، وكما كل مواطن كوردستاني آخر، يرى أن جبال زاجروس (زاگروس – Zagrus) تفصل في بعض من متعرجاتها بين شرق وجنوب كوردستان, وليس بين العراق وإيران. تلك الحدود المصطنعة اللعينة التي خطت بحراب المحتلون، ومزقت الجسد الكوردي إلى أشلاء. ونحن الكورد لا نعترف بها، تماماً كما أنتم العرب، تأبون أن تسموا الحدود بين الأردن والضفة الغربية بالحدود الإ*سر*ائي*لية الأردنية، أو الحدود بين جمهورية المصرية وغ*ز*ة بالحدود الإ*سر*ائي*لية المصرية, وتطلقوا عليها حدود أردن ومصر مع فلسطين. ثم أن المنطقة التي حددها المحاضر وسماها ب “پشتكو” إنها تسمية خاطئة, يظهر أنه يجهل جغرافية المنطقة, لأن مصطلح “پشتكو” أطلقه قديماً حاكم (كرمانشاه) على المنطقة التي تقع خلف جبل “رنو” الذي يفصل بين منطقة قبيلة كلهر التي كانت خاضعة لسلطة حاكم كرمانشاه ومدينة (إيلام) التي كانت تسمى قبل تولي رضا شاه الحكم في إيران ب (حسين آباد – معمورة حسين) نسبة للوالي (حسين خان الفيلي) وإدارياً مدينة (أيوان) التي تقع في منطقة “پيشكو- Pishko” أي أمام الجبل، وليس “پشتكو – Pshtko” أي خلف الجبل، والتي ألحقتها السلطات الإيرانية عنوة بمحافظة (إيلام)، تماشياً مع سياسة فرق تسد التي قامت بها السلطات الإيرانية المحتلة لشرق كوردستان. ومنذ أن قررت السلطات الإيرانية إلحاق ناحية (أيوان) بمحافظة (إيلام) رفضت قبيلة كلهر هذا الأمر الإداري رفضاً باتاً، وتطالب السلطات الإيرانية باستمرار بعودتها إلى محافظة (كرمانشاه) ذات الأغلبية الكلهرية. إن تحديد المحاضر أو كاتب المقال منطقة  “پشتكو” بأنها “تبدأ من نهر ديالى شمالاً حتى كرخة جنوباً”. إنه خطأ آخر وقع فيه المحاضر، ووقع فيه بعض الكتاب أيضاً حين تحدثوا في مؤلفاتهم عن جغرافية المنطقة المذكورة، كان على المحاضر أن يلغي اسم نهر ديالى في هذه الجزئية. لأن منطقة “پشتكو” لا تبدأ منه، ولا تجتاز جبل (كبير كو) في محافظة (إيلام). ثم، أن طول نهر (سيروان- ديالى) (445) كيلو متر. ينبع من جبال زاجروس قرب مدينة سنندج في شرقي كوردستان، واسمه الكوردي نهر (سيروان). وتفصل بين محافظة (سنندج) و(لورستان) محافظة (كرمانشاه). كيف ربطها المحاضر بلورستان؟. حتى وأن تذرع المحاضر وزعم أن (المنطقة الفيلية) داخل العراق في حوض نهر (ديالى) وليس في قسمه الذي يسمى (سيروان) ترتبط بمنطقة (پشتكو) حتى هذا الادعاء الساذج يكون غير صحيح، لأن المنطقة، من شرق مندلي إلى خانقين وكلار تتصل ب “پيشكو” وليس ب “پشتكو”. أما عن نهر كرخة، الأصح أن يقول حتى “كرخة العليا” أي نهر سَيمرة (Seymre) الذي يجتاز محافظة إيلام الذي يفصل بين اللور الصغير، واللور الكبير، وطول هذا النهر من المنبع في جبال زاجروس (كوردستان) إلى المصب في هور الحويزة يبلغ (900) كيلو متر وخلال هذه المسافة الطويلة يمر النهر بعدة مدن وقصبات. و وقع المحاضر في مطب آخر حين أطلق اسم الفيلية على عموم الشعب الكوردي في المنطقة المذكورة التي حددها في محاضرته. كيف بشخص أكاديمي ومختص في التاريخ القديم يتكلم بدون وثيقة! وهو يعرف جيداً, لا تاريخ من دون وثيقة. عليه أن يبرز لنا وثيقة معتبرة بأن المنطقة التي حددها تسمى اليوم ب”پشتكو” وكذلك زعمه بأن الشعب الذي يعيش فيها اليوم جميعه من الشريحة الفيلية. أنا عندي حق اليقين، لو يبحث بقية عمره سيتعب كثيراً ولن يحصل على مبتغاه… . لزيادة المعلومات أن اللور كما قال (ب. ليرخ) في كتابه (دراسات حول الأكراد وأسلافهم الخالديين الشماليين) ص (69): تنقسم إلى لور الكبير، ولور الصغير ويبدأ التقسيم بينهما من أطراف مدينة (بروجرد) إلى ( دزپيل – دزفول) والقسم الشرقي منها تمتد إلى أطراف مدينة (شيراز) في محافظة فارس في جنوب إيران, والتي تقع بالقرب من سلسلة جبال (زاجروس- زاگروس- Zagrus) ومن الشمال تتاخمها محافظة (كرمانشاه) والجزء الغربي منها يقع بين نهري كرخة ودزفول،- سبق وتحدثنا عن نهر كرخة الذي هو امتداد لنهر سيمرة والذي يتغير اسمه بعد جسر (گاميشان – Gamishan) حين يتصل بنهر (كشكان – Keshkan) وبعد مسير طويل يخترق فيه الجبال والوديان ويدخل محافظة (خوزستان) باسم نهر كرخة-. واليوم الفيلية فرع من اللور الصغير- عرفت منطقة لور الصغير في فترات تاريخية متباينة بلورستان الفيلي- ألا أن عدداً من العشائر الكوردية في منطقة “پشتكو”  بدأت تحمل اسم الفيلي بسبب تسنم الحكم في الإقليم في زمن حكم شاه إيران عباس الصفوي (1571- 1629م) الوالي (حسين خان الفيلي) حيث نقل مركز حكم الإمارة من مدينة (خُرم آباد) إلى مدينة التي غير اسمها المقبور رضا شاه عام (1314) الهجري الشمسي من (حسين آباد) إلى (إيلام). وكما يقول المثل “الناس على دين ملوكهم” وفي زمن ولاة إيلام الذين كانوا من اللور فلذا عدت إيلام كجزء من لورستان. وبما أن الحاكم كان من الفيلي أصبح الاسم شرفاً لمن يحمله، وهو كذلك، فلذا اتخذت عدداً من العشائر الكوردية لنفسها هذا الاسم “الكورد الفيلية”. أما عن عدم انتماء الكورد من سواحل بحر الخليج (الفارسي) إلى مدينة كرمانشاه إلى الكورد الفيلية فتجده في أسماء المدن والقرى التي تقع في الشريط الحدودي القبلي الذي يفصل بين القبائل الكوردية، مثلاً بالقرب من إيلام تقع مدينة (ديهلران – Dihluran) وتعني قرية اللور. لو كانت عشائر منطقة إيلام من “الفيلية اللور” لم يشيروا إلى هذه القرية باسم قرية اللور، لأنهم يكونوا هم من اللور, فكيف يشيروا إلى قرية من قراهم باسم اللور؟. وبعد إيلام، حين تنحدر من جبل (قلاجة) نحو مدينة (إسلام آباد) المدينة الكوردية الكلهرية وعلى الحدود القبلية بينها وبين لورستان قرب نهر (سَيمرة) أيضاً توجد قرية أخرى باسم (ديهلر) أي قرية اللور. وعلى مسافة من نهاوند توجد كذلك قرية أخرى باسم (ديهلر) وأنك تجتاز كرمانشاه نحو همدان في منتصف الطريق تقع ناحية (كنگاور – Kengawr) يقع في جنوبها، بينها وبين لورستان جبل (لوره كوه) أي “جبل اللور” الخ. يقول المحاضر:” الفيليون ليسوا كرداً ولا عرباً ولا عجماً بل هم آراميون استعربوا بعد الإسلام مباشرة “. يا دكتور، أنت مطالب أن تقدم لنا الإثباتات والبراهين فيما تزعم، وألا لا قيمة لكلامك؟. ثم، ها أنك تقول استعربوا بعد الإسلام مباشرة, أي قبل (1400) سنة وفي ذلك التاريخ لم تخلق لا أنت ولا أنا, يا حبذا تقول لنا من أين جئت به أنهم استعربوا حينها!, أ وهل الذي يستعرب قبل (1400) سنة يبقى محافظاً على خصائصه القومية؟، كاسمهم  القومي”الكورد الفيلية” والذين بخلاف بقية الكورد أن هويتهم القومية لصيقة باسمهم القومي إلى اليوم “الكورد الفيلية”؟ وكذلك تكلمهم إلى اليوم باللغة الكوردية، هل الذي يستعرب قبل أربعة عشر قرناً، يتكلم اليوم اللغة الكوردية؟، حتى أن غالبيتهم لا يجيدون لغة غيرها. ويتحفنا المحاضر: “بأنهم استعجموا فيما بعد وأجبروا على موالاة الفرس”. أليس بعد أن تركوا الاستعجام أن المنطق يقول لنا أن ثلة منهم تبقى على استعجامه ولن تغادره،؟ هل يوجد اليوم على وجه البسيطة شخص واحد فيلي يقول أنا عجمي، فارسي؟! لنضرب مثلاً عن وجود العرب في خوزستان، بعد أن (استعجم) غالبيتهم حافظت ثلة منهم على انتمائها ولسانها العربي. وزعم المحاضر: “واستكردوا الآن بسبب طلب الحماية والأمان من القوى الكوردية التي جعلتهم تحت نفوذها”. عجبي عليك يا تاريخ. كيف يصدر مثل هذا الكلام الأجوف وغير مسئول من شخص أكاديمي مختص في التاريخ القديم! يزعم أنهم استكردوا الآن،  والآن ظرف زمان يدل على الوقت الحاضر الذي أنت فيه، وهذا يعني، أن الفيلية حسب ادعاء المحاضر، استكردوا بعد سقوط نظام حزب البعث المجرم في (2003). في ردي على هذه الجزئية لا أريد أغوص في ثنايا التاريخ كثيراً وأأتي بشواهد تاريخية عن الكورد الفيلية وملكهم (پيلي) الذي عاش قبل سبعة وعشرون قرناً في مدينة (شوش) الأثرية، التي كانت عاصمة مملكة إيلام. وأطلق خلال حكم السلالة التي أسسها الملك  (پيلي) اسمه على كافة مواطني تلك المملكة (پيلي) ثم اضمحل الاسم من صفحات التاريخ في عصور متباينة حتى جاءت ولاة الفيلية إلى سدة الحكم مجدداً. وتحول الاسم عند العرب كما أسلفنا إلى (فيلي). ومن شواهد التاريخية الباقية من اسم (پيلي) إلى اليوم،هي تلك القرية الأثرية التابعة لناحية (زرين آباد – Zerin abad) في محافظة (إيلام) واسمها اليوم (پَهله – Pehle). وبعد أن جاء الغزو العربي، أبان نشر العقيدة الإسلامية في العراق، واستيطان العرب فيه، واحتكاكهم بهذه الشريحة التي وجدت على أديم العراق قبل الغزو العربي في العقد الثاني للهجرة، لم يستطع هؤلاء الغزاة لفظ اسمهم بطريقة صحيحة، وذلك بسبب فقدان اللغة العربية لحرف ال (پ) فلذا قلبوه إلى الفاء وأصبح عندهم الاسم (فيلي) مالبثوا آن أطلقوه على جميع الكورد في شرقي نهر دجلة. هذا هو موضوع اسم الفيلية بإختصار شديد. أما عن ذكرهم في المصادر الكوردية القديمة، فذكر وجودهم في مدينة بغداد قبل خمسة قرون صاحب كتاب (شرفنامة) للأمير (شرفخان البدليسي) الذي ألفه بین عامی (1597- 1599م). وذكر البدليسي في كتابه المشار إليه أعلاه أيضاً، اسم أربع قبائل كوردية كبيرة التي تكون منها الأمة الكوردية، وهي “اللور، والكلهور، والگوران، والكرمانج” أرجو أن يلاحظ المحاضر، أن المؤلف ذكر من ضمن الأسماء الأربعة اسمي “لور وكلهور” لو كانت كلهور كما زعم المحاضر جزءاً من اللور، كيف يشير إليها المؤلف بمعزل عن اللور؟ وذلك قبل خمسة قرون من الآن. وبعيداً عن اجترار البعض، أن الكورد الفيلية، هم يُعَرفوا أنفسهم بهذا الاسم المقدس “الكورد الفيلية” واليوم يحاول شخص مستغرب أن يسلب منهم هذا الانتماء القومي النبيل بالتدليس والنفاق؟. 
فی سياق محاضرته، يدلس الدكتور كأي عروبي عنصري، حين ينسب مدينة بدرة الكوردية إلى الأرامیین، فی الوقت الذي لا يوجد آرامي واحد فيها، أو في محيطها، لو كات حقاٌ مدينة آرامية، م?ث فيها عدداٌ ولو قليلاً من بقاياهم، ?ما نرى الیوم بقایاهم في بغداد والموصل وبعض المدن السورية. تماماً كالوجود العربي في خوزستان في (إيران) وإقليم (حتاي) في (تركيا) والفلسطينيين في (حيفا) و (یافا) في إس*رائي*ل، حیث یشاهد جاليات منهم لازالت تحافظ على لغتها وانتمائها القومي. وحسم هذا الأمر المؤرخ العراقي المعروف (عبد الرزاق الحسني) قديماً، حين قال إن اسم بدرة تسمية فارسية – بل كوردية لأنه لا وجود للفرس في تلك المناطق- و”بد” تعنی الرديء، الوعر، و”را” بمعنى الطريق، أي الطريق الوعر. ومن أهل بدرة الباسلة المقاومة للتعريب البغيض، خالد الذكر شاعر الكورد وكوردستان (محمد البدري). وفي الجانب الآخر، خلف الحدود المصطنعة، أي في شرقي كوردستان، أطلق الكورد هذا الاسم على الكثير من القرى والمدن التي تقع في مناطقهم الوعرة، كناحية (بدرة) في محافظة إيلام ذاتها، التي تقع مقابل (بدرة) التي نحن بصددها. و(بدرة) أيضاً قرية تابعة لقضاء (إسلام آباد) في محافظة (كرمانشاه). و(بدرة) فرع من عشيرة ميهاكي في إيلام وقسم منها يقيم في مدينة (بدرة) ذاتها وفي مدينة (مندلي) عُرف منهم الشخصية الكوردية الفذة (كاكي نور علي). و يوجد منهم في مدينة (بغداد) أيضاً.
  وفي سياق محاضرته أشار المحاضر إلى ما زعمتها سيدة لمياء الصافي: “بأن المناطق التي يقطنها الفيلية على الحدود بين إيران والعراق، تسمى تاريخياً إقليم حلوان التي ظلت دائماً جزءاً من العراق .حيث أن هذه المنطقة جغرافياً هي امتداد طبيعي لسهل بلاد بين النهرين”. أنا ابن المنطقة، وذكرت أعلاه، أن الكورد الذين يعيشون منذ آلاف السنين في المنطقة التي ذكرتها السيدة لمياء ليسوا جميعهم من الكورد الفيلية، بل ينتمون لقبائل كوردية ليست لها صلة بالكورد الفيلية سوى انتماء الجانبين للأمة الكوردية وأرض كوردستان، وحتى غالبيتهم لا تجيد اسم الفيلية، إذا لا تصدقوا زوروا المنطقة واسألوهم عن اسم الفيلية ومدلوله. بما أن الشيء بالشيء يذكر، لي صديق من الكورد الذين هجرهم الديكتاتور صدام حسين إلى إيران، وبعد استقراره في مدينة إيلام ذهب إلى مبنى المحافظة لكي يحصل على هوية خاصة كانت تصدرها الدولة الإيرانية للمهجرين الكورد، وطلب منه الموظف المختص اسمه ولقبه، قال صاحبي “فلان الفيلي” تصوروا، أن الموظف الذي هو إيلامي ويتكلم الكوردية معه، كتب الياء في اسم الفيلي بالعين، “الفعلي” وقال لصديقي ساخراً، ما هذا اللقب الفعلي؟. أما عن زعم السيدة بأن المنطقة امتداد لبين الهرين. كيف تكون المنطقة امتداد طبيعي لسهل بين النهرين!. لماذا لا تكون عموم أرض العراق امتداداً لسهل كوردستان؟ خاصة ونحن نقرأ أن الحياة بدأت في مرحلتيها الأولى والثانية – آدم ونوح- في أعالي جبال كوردستان. ثم، أن المياه التي هي شريان الحياة ومصدر إستمراريتها، تأتي إلى بين الهرين من جبال كوردستان، وكذلك تأتيها بقية مستلزمات إدامة الحياة. لو يلقي الإنسان نظرة فاحصة على جغرافية المنطقة، يرى أن الأرض والجبال والوديان، تبدأ من كوردستان أكثر خصباً و اخضراراً، بخلاف الجزيرة العربية الجرداء اليباب،بينما تجد  في كوردستان جميع مفردات الحياة، من الحيوانات والطيور والأشجار المثمرة وغير المثمرة والمياه المعدنية والفيروزية الوفيرة الخ، وكلما تنزل نحو الأسفل تصبح الأرض أكثر سبخاً، حتى تصل إلى صحراء الجزيرة العربية التي لا يوجد فيها ماء ولا أشجار ولا حياة برية، حتى قال عنها القرآن “أرض غير ذي زرع”. دعونا الآن نسأل، أيهما امتداد للآخر؟؟. ذكر الباحث، أو كاتب المقال، أو رئيس تحرير مجلة “أدب فن” الالكترونية مجموعة مدن كمدن كوردية فيلية أو تقطنها الكورد الفيلية، مثل خانقين وقصر شيرين وبدرة وجصان ومنطقة “پشتكو” والحلفاية والعمارة وهور الحويزة والبصرة والمحمرة (خرمشاه) والأهواز. لقد ذكرنا في سياق هذا الرد عدة مرات أن غالبية هذه المدن ليست كوردية فيلية اليوم، بل كوردية فقط، وتسكنها قبائل كوردية لا تعرف عن الفيلية حتى اسمها. ويزعم القائل:” إن الفيلية بعد خط الحدود جُعلوا من حصة العراق”. أرجو أن يلاحظ القارئ لهذا الكلام السوقي، “جُعلوا من حصة العراق ” كأن مقدرات جزءاً هاماً من الشعب الكوردي المناضل، هو عبارة عن بضاعة تتقاسمها الكيانات اللقيطة، ربيبة الدول الاستعمارية. لا يا هذا، لا تفرح كثيراً، أن هذه الحدود المصطنعة التي خطها الاحتلال التركي الفارسي في غفلة من الزمن بإيعاز ومباركة دول الغرب العاهر، ما مضت عقود عليها حتى ورثت العرب على طبق من ذهب الأراضي التي ضمها هذه الحدود،التي ندوسها بأحذيتنا، ولا تساوي عندنا فردة حذاء عتيق، لأننا أصلاً لم ولن نعترف بها كحدود بين بلدين محتلين لوطن الشعب الكوردي كوردستان. كيف نعطي الشرعية لكيان مرقع ومصطنع باسم العراق أقامه وزارة المستعمرات البريطانية خدمة لمصالح بريطانيا العظمى وأورثته فيما بعد جنوب كوردستان؟. لا يا عزيزي، وادي حلوان لا يقابل إقليم لورستان، لأن  تفصل بينهما منطقة قبيلة كلهر الكبيرة، بمسافة تمتد لأكثر من مائة كيلو متر، والتي تبدأ من مدينة (كرمانشاه) مروراً بمدن (مادشت – Madesht)، (وإسلام آباد)، وانتهاءاً بمدينة (أيوان – Ewan)، التي تقع على كتف جبل (رنو – Rnu). أكرر، هذه المدن لا تعرف نفسها كمدن كوردية فيلية، بل غالبيتها تعرف نفسها كوردية فقط، ولعلمك، اللورية هي لهجة من لهجات اللغة الكوردية، وليست كما تزعم، بأنها لغة. للعلم أيضاً، أن مركز محافظة (چهار محال و بختياري) اسمه “شهر كورد” لو لم يكن اللور فرعاً من الكورد، سموا مدينتهم باسم شهر اللور، وليست شهر كورد، أي مدينة الكورد.إن قسم من اللور يحملون اسم الفيلي وليس جميعهم، أما أن العرب في العراق يطلقوا على جميع اللور اسم الفيلي، هذا شيء يعود لهم. إن من عادت العرب وبعض الشعوب والقبائل، أنها تطلق اسم الجزء على الكل، على سبيل المثال، إطلاقهم اسم “الإفرنج” على عموم شعوب قارة أوروبا. بينما الإفرنج قبيلة واحدة من عموم قبائل أوروبا. وكذلك الفرس، أطلقوا على العرب اسم “تازي” نسبة لعشيرة الطائي، هل أن جميع العرب ينتمون لعشيرة الطائي؟. وأيضاً بعض الفيلية، يطلقوا تسمية الجاف على عموم الكورد السورانيون، بينما الجاف هي عشيرة كوردية منتشرة في شرقي وجنوبي كوردستان قراها تقع بجانب أعداد هائلة من قرى ومدن العشائر الكوردية…