الحوار الهاديء

مظلوم مروكي، عضو منظمة العفو الدولية/ كندا، كيف ومن اجل من يعمل

(مظلوم مروكي)

عضو منظمة العفو الدولية/ كندا

كيف ولأجل من يعمل؟

 

د. عبد الله مرقس رابي

 

                       كنت اتصفح جريدة نينوى الصادرة في كندا/ تورينتو لأطالع اخبار الجالية العراقية بمختلف مكوناتها في كندا. اثار انتباهي الخبر الذي يخص شعبنا، المعنون (في اجتماعها الافتراضي في كندا، العفو الدولية تناقش واقع الأقليات الدينية والاثنية والنازحين في العراق) في 20 من شباط 2021. عنوان مهم بارز يثير انتباه القارئ ليطلع ما الذي تم مناقشته في اجتماع العفو الدولية كمنظمة دولية مهمة في المجتمع العالمي، ومن هي الجهة التي شاركت العفو الدولية لمناقشة الموضوع.

تبين من الخبر ان الناشط في منظمات المجتمع المدنية (مظلوم مروكي) من المشاركين في الاجتماع لاعتباره عضوا في منظمة العفو الدولية فرع كندا، كما انه رئيس جمعية المكونات العراقية الخيرية في كندا. ترأست الاجتماع (لانا فيران) رئيسة منظمة العفو الدولية/ فرع كندا في دورتها الحالية 2020-2021.

كان للناشط الانساني (مظلوم مروكي) مداخلة مستفيضة بحسب الخبر لنقل هموم ومعاناة الشعب العراقي، وخاصة ما تعانيه الأقليات الدينية والاثنية، في ظل حكومات متعاقبة من احباطٍ كبيرٍ لنيل حقوقها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والمدنية والقانونية، وما تعرضت له الأقليات من اضطهادٍ وتعدٍ في ظل غياب سلطة القانون والصراع الطائفي المتفاقم يوماً بعد يوم. داعياً منظمة العفو الدولية لرفع تلك المعاناة ومساعدة الأقليات وايصال صوتها الى كافة المنظمات الدولية لاتخاذ الإجراءات الكفيلة لتنال العيش الكريم في ظل حياة آمنة ومستقرة في بلدها الأصلي.

ويمكن تلخيص ما طرحه بما يأتي:

أولا: تامين الاحتياجات الأساسية للنازحين من جراء الاضطهاد على أساس الهوية الدينية واجبارهم لترك منازلهم وممتلكاتهم، لضمان عودتهم الى قراهم وبلداتهم المدمرة، متسائلاً عن طبيعة الخدمات التي ممكن ان تقدمها هذه المنظمات لهذه الشريحة من العوائل النازحة، سيما ان معظمهم من بلدات وقرى سهل نينوى، حيث لا تزال دورهم دون اعمار، البنى التحتية مدمرة، وعدم الشعور بالأمان لفقدان الثقة في إمكانية الحكومات الضعيفة المتعاقبة في ضبط الامن وفرض القانون في المنطقة، كما ان فرص العمل غير متوفرة لانعدام مشاريع التنمية في مختلف مجالات الحياة.

ثانياً: أكد على معاناة النازحين المضاعفة من جراء وباء كور*و*نا في المخيمات داخل العراق والتسريع لإيجاد سبل الوقاية والعلاج.

ثالثاً: طرح موضوع التجاوزات على ممتلكات المسيحيين سواء في السابق او الان، وما يحدث من تجاوزات متواصلة على القرى واراضي شعبنا في إقليم كوردستان وبلداته في سهل نينوى، مطالباً بوضع حد لهذه الانتهاكات المتكررة، ومعالجتها قانونيا.

رابعاً: أكد على تفعيل دور العفو الدولية لضمان حقوق الأقليات وفق الدستور ولوائح حقوق الانسان العالمية، لينال الانسان في العراق بغض النظر عن انتمائه الاثني والديني والمذهبي حق معاملته كانسان له قيمة في الحياة اسوة بالأخرين. كما أكد على عملية تمثيل الأقليات الاثنية والدينية في العراق استناداً الى حضورهم التاريخي واصالتهم وتضحياتهم في تشكيل وبناء العراق الحديث.

خامساً: شدد على معاناة المسيحيين الذين اجبرتهم ظروف الاضطهاد والقمع في بلدهم العراق للهجرة الى البلدان المجاورة، حيث تعد محطة انتظار لهم لحين بدء رحلتهم الأخيرة الى البلدان التي سيشعرون فيها بالأمان والاستقرار، فالكثير منهم لم يحصلوا على حق اللجوء اليها على الرغم من مرور فترة طويلة.

وهم يتعرضون الى: عدم الحصول على الإقامة في تلك البلدان، حرمان أولادهم من مواصلة الدارسة في المدارس الحكومية المجانية، عدم حصولهم على العلاج الصحي المجاني، إضافة الى عوزهم المالي المستمر والشعور بالضياع والخوف من المستقبل.

وعدتْ رئيسة العفو الدولية/ فرع كندا بالعمل في منظمة العفو الدولية وكافة منظمات حقوق الانسان العالمية الأخرى التابعة لمنظمة الأمم المتحدة لتفعيل ما طرحه الناشط الإنساني من قضايا راهنة ذات العلاقة بحقوق الأقليات الاثنية والدينية في العراق والمهجرين منهم المقيمين في البلدان المجاورة.

بعد ان قدمتُ عرضاً مقتضباً لهذا النشاط الفردي، لابد الاجابة على التساؤل الذي طرحته كعنوان للمقال، كيف ولأجل من يعمل؟ وهو الهدف الرئيسي من المقال.

أكثر المطلعين على هكذا نشاط يقوم به شخص ما، يعتقدون ان الناشط مرتبط بمؤسسة سياسية او حزب سياسي او وكالة حكومية تعني بشؤون المواطنين وحقوقهم، لكن الناشط المعني في المقال، ليس الا شخصاً مستقلا غير مرتبط حالياً بأية جهة سياسية او حكومية بحسب علمي. انه كان منذ تأسيس المجلس الشعبي الكلداني السرياني الاشوري ممثلاً له في كندا، وعرف في تحركاته المستمرة للمشاركة في طرح هموم ومعاناة شعبنا للمنظمات والحكومات العالمية وفقاً لارتباطه بالمجلس المذكور، ولم ابالغ عندما أقول انه كان أكثر ممثلي المجلس نشاطاً وشعبية وحضوراً في اللقاءات الحكومية ولقاءات المنظمات الدولية في حينها. لم يترك باباً دون ان يطرق عليه لإيصال كلمة المسيحيين والمضطهدين عامة من الشعب العراقي.

كان دؤوب الحركة والاتصالات، ليس لأجل تحقيق مصلحة شخصية، انما لغرض رفع المعاناة من أبناء شعبه وبلده بقدر الإمكان مُستغلاً وجوده في المهجر، وكانت السنين التي قضاها ممثلاً للمجلس الشعبي تهدر كل طاقاته وتؤثر على سير اعماله الشخصية في كندا. نفذ كل جولاته لمسافات طويلة على حساب عمله ووقته وراحته وراحة عائلته وحياته الاجتماعية ككل.

استقال من المجلس الشعبي عندما تحول الى حزب سياسي قبل ثلاث سنوات تقريباً، لأسباب غير معروفة عندي شخصياً، بل الذي اعرفه لا يرغب بالعمل السياسي أكثر من ولعه بالعمل الإنساني الخيري. ولما كانت جهوده استثنائية في عمله ضمن سياق تطلعات المجلس الشعبي، ولم يبحث حينها على منصب او جاه، لأنه متمتع بمكانة اجتماعية مقبولة جدا في محيطه الاجتماعي الحالي وبين أبناء قريته (شيوز) واقربائه ومعارفه، ويمتلك من اعمال شخصية لها مردوها قبل الانضمام الى المجلس، مما يدل بوضوح ان ما قدمه حينها لم يكن لأجل تحيق مصالح ذاتية، بل ابتغى تحقيق مصالح شعبه من الاثنيات الثلاث وكافة المظلومين من أبناء الشعب العراقي.

وليست عملية تصميمه ومواصلته لمتابعة معاناة شعبنا والعراقيين الى مختلف الجهات ذات العلاقة دولياً، الا دليلا واضحاً على انه لا يبحث عن مصالح شخصية، ولكن لدافعه الإنساني وغلبة ميوله الذاتية للتعاون ومشاركة آلام الناس والحرص عليهم وتقديم المساعدة اثناء تعرضهم للمآسي والظلم والكوارث بأنواعها. وقد تفاعلت قدراته الشخصية ودوافعه الإنسانية في استعداداته الذاتية مع خبراته العملية المتراكمة، ومع ما تلقاه من تنشئة اجتماعية عائلية اهلته ليكون دائماً محباً ومندفعاً لمساعدة الاخرين المعوزين والبحث عن حاجاتهم.

وهكذا سمعنا وشاهدنا عن شقيقه الدكتور (شمعون مروكي) مدير مستشفى زاخو في الثمانينات من القرن الماضي الذي توفي على إثر حادث سيارة، فتألم وحزن أبناء زاخو ومحافظة دهوك من الكورد المسلمين والمسيحيين وكل من سمع عنه في كوردستان العراق، وذلك لما تميز به من حسن الطيبة ومساعدته وحبه للأخر بغض النظر عن انتمائه، وما تمتع به من مشاعر انسانية خيرية تجاه الكل، فتلك الميول المشتركة لهما صقلتها تنشئتهما الاسرية.

وعليه، قدم جهود استثنائية (مظلوم مروكي) في العمل بمنظمات المجتمع المدنية في المهجر، وعلى إثرها تمكن الانضمام الى منظمة العفو الدولية/ فرع كندا ليكون عضوا فيها، تلك المؤسسة الدولية التي تعني بشؤون حقوق الانسان. فينطلق من خلالها الى بذل قصارى جهده من اجل الاستمرار لإيصال معاناة شعبنا بأثنياته الثلاث ومآسي كافة أبناء العراق الذين تعرضوا للظلم والاضطهاد، دون ان يرتبط بجهة سياسية او حكومية، بل دوافعه الذاتية الإنسانية هي وراء هذه المساعي على المستوي الدولي. فهناك القلة من يطالب دولياً بالنظر في شؤون المسيحيين المقيمين في دول الجوار ويتحسس مشاكلهم وما يعانون منه في أماكن اقامتهم.

فهكذا مبادرات شخصية وبجهود ذاتية اراها شخصياً أفضل وأجدر من أي عمل يقدم اليه حزب سياسي ما، اذ الأحزاب السياسية تبحث عن مصالحها الحزبية الضيقة، والمنتمون اليها لا يمكنهم تقديم أي نشاط الا في ضوء فلسفة حزبهم الفكرية وطموحاته او لمصلحته الذاتية، فالانتماء الى اية جماعة منظمة لابد للفرد ان يأمل تحقيق غايات شخصية وطموحات ذاتية قد تكن مناصب او غيرها. وهذا ما نلمسه بوضوح مما تقدمه الأحزاب السياسية للاثنيات الثلاث من شعبنا او غيرها في العراق انها تصب لتحقيق المصالح الحزبية الضيقة والصراع على المصالح، وهم في وادٍ والشعب في وادٍ اخر.

بينما النشاط الذي ينجزه الفرد من تلقاء ذاته دون العمل تحت اجندات حزب معين هي اعمال تنفذ بإخلاص، وناجمة عن نكران الذات، وراؤها دوافع إنسانية لتحقيق مصالح المتألمين والمضطهدين دون تمييز..

ولهذه الأسباب اندفعت للكتابة عن هذه المناسبة لأجل التمييز بين العمل الفردي دون تبعية سياسية والعمل تحت وطأة الأيديولوجية الحزبية من خلال هذا النموذج الانساني. وتعريف القارئ العزيز على (كيف ولأجل من يعمل مظلوم مروكي عضو منظمة العفو الدولية/ كندا) فهو يعمل دون ارتباط بحزب سياسي، بل منطلقاً من مشاعره الانسانية، ومن اجل المضطهدين والمعوزين من أبناء العراق، متمنياً له النجاح الدائم والتواصل نحو الأفضل.

ومما هو جدير بالذكر هناك نماذج عديدة من هذا القبيل بين أبناء شعبنا في المهجر، ولا يمكن نكران دورهم.

أثمن جهدهم وحرصهم، فالف تحية لكل من خطى ويخطو هكذا خطوات من اجل الانسانية والبشرية جمعاء.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!