آراء متنوعة

الطارئون ..

الطارئون ..

أ. د. محمد طاقة

الطارئون ، ظاهرة اجتماعية وسياسية ، تعم جميع بلدان العالم ، ولها آثار اجتماعية وسياسية سلبية ، وتعتبر من اخطر الظواهر التي تؤثر سلباً على المؤسسات والدول والأحزاب الثورية .
حيث يمثل الطاريء شخصية تتسلق المناصب والسلطات وقيادة الاحزاب لتحقيق اهداف ذاتية بحتة ، دون ادنى التزام بالمبادىء أو القيم التي تقوم عليها تلك المؤسسات أو الاحزاب .
الطاريء بمكره وأساليبه الملتوية ، يتبنى في الظاهر فكر حزب أو سياسة دولة ، لكنه في العمق يسعى إلى تخريبها .
يظهر في البداية كمنتمي ومخلص ، لكنه سرعان ما ينكشف بسلوكياته التي تتناقض مع اهداف المؤسسة او الحزب الذي ينتمي اليهما ، ستنكشف حتماً مهما حاول إخفاء اهدافه الحقيقية ، وعلى الأكثر تكون اهداف تخريبية إضافة إلى الاهداف الشخصية .
فالطاريء يمثل شخصية خطيرة في كثير من الاحيان على السلطة وكذلك على الاحزاب الثورية التي تمتلك مباديء واهداف تناضل من اجلها ، ولها إرثاً من العادات والتقاليد النضالية الراسخة والاخلاق والقيم التي تتمسك بها . والطارئ لا يتمكن من الالتزام بها كونها بعيدة كل البعد عن أخلاقياته وتصرفاته السيئة ، وبالتالي عندما يتبوأ الطاريء مواقع قيادية بالدولة أو بالحزب يتصرف بشكل مؤذي ومخرب .
الطاريء يفتقر إلى الأسس القيمية والفكرية التي تدعم وجوده داخل المنظومات التي ينتمي اليها .
وجوده يرتكز على المصالح الشخصية ، لا على الالتزام بالأهداف الكبرى .
المتواطئ هو من يسهل صعود الطارئين لتحقيق مكاسب شخصية مشتركة أو بدافع الإهمال واللامبالاة ، المتواطئون قد يكونون مسؤولين كبار ولكنهم لايهتمون بالكفاءة او النزاهة بل بمن يحقق لهم مآربهم الخاصة ، هذا يضاعف من خطورة الظاهرة ، إذ تصبح بنية المؤسسة او الحزب اكثر هشاشة .
الطاريء وحده قد لا يتمكن من الوصول إلى مواقع مؤثرة لولا وجود متواطئين يمهدون له الطريق . المتواطئ قد يكون مسؤولاً يهمل معايير الاختيار او شخصاً يبحث عن مصالح مشتركة مع الطاريء .
هذا التواطؤ يزيد من خطورة الظاهرة حيث يصبح النظام المؤسسي أو الحزب اكثر انهياراً .
الطارئون يعتبرون أعداءً للبناء والتقدم واعداء التنمية واعداء الوحدة والعمل الجماعي ، فهم بمثابة طفيليات اجتماعية تعيش على استنزاف المؤسسات والأحزاب وهم انتهازيون يستغلون غياب الرقابة والمحاسبة .
والمتواطئون يتعاونون مع بعضهم ويدعمون بعضهم البعض لتحقيق اهدافهم فهم شركاء في الهدم .
للأسف انتشرت هذه الظاهرة في دولنا العربية وخاصة في العراق ، داخل اجهزة الدولة والأحزاب الثورية التي كانت تمثل املاً للتغيير وانقاذ الامة .
غياب الديمقراطية وسوء اختيار القيادات فتح الأبواب امام هؤلاء الطارئين ليعبثوا بمقدرات الامة والدول والأحزاب ، مما أدى إلى نكبات وكوارث خطيرة .
وبالامكان مواجه هؤلاء الطارئين والمتخلفين من خلال تعزيز الديمقراطية وضرورة تطبيق مباديء الديمقراطية في اختيار القيادات بناءً على الكفاءة والنزاهة ، ووضع معايير صارمة لتولي المناصب القيادية مع آليات مراقبة ومحاسبة دقيقة حتى لا يتسلل أمثال هؤلاء وتوعية المجتمعات حول خطورة الظاهرة وأثرها المدمر على المستقبل .
والعمل على تعزيز القيم والمباديء داخل الاحزاب الثورية والمؤسسات لضمان بقاء مسارها في خدمة الاهداف الكبرى .
الطارئون ليسو مجرد أفراد انتهازيون ، بل ظاهرة تهدد كيان المجتمعات من الداخل وكيان الاحزاب الثورية من الداخل ايضاً .
الإرادة الجماعية والإصلاحات الجذرية يمكنها وقف هذا التدهور ، وانقاذ مؤسساتنا وأحزابنا من عبثهم ..

 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!