مقالات دينية

من هو يسوع؟

من هو يسوع؟

بقلم المطران / حبيب هرمز

من هو يسوع؟

  نؤكد على دور الفلسفة في فهم المسيحية، هذا لأن المسيحيين الأوائل واجهوا يونانيين عقلانيين لديهم فلسفة بإتجاهين : فهم الله تصاعدياً وهم اتباع فلسفة ارسطو ( تركيا او آسيا الصغرى ) ، وتنازليا وهم اتباع فلسفة افلاطون ( مدرسة الإسكندرية في مصر ).

افلاطون ( توفي 347 قبل الميلاد ) كان مثاليا قال ان الله هو الخير الأعلى ونحن لا نعلم شيئا عنه، وحياتنا اشبه بشخص يرى ظل الأشياء نتيجة الشمس. الله حقيقة كالشمس ولكن لا نستطيع النظر اليها ونحن لا نعلم شيء عن الله لأننا نشبه من هم في كهف يرون اشعتها داخله وظلهم على جدرانه. وقال افلاطون نحن نولد بعد ان نموت حيث اعتبر حياتنا مجرد ظل. اما اذا عملنا الخير وصنعنا اشياء جميلة فتقدر ان نفهم شيئا عن الله. وعندما نرى الجمال فإننا نستطيع تلمس شيئ بسيط عن جمال الله. من هنا نسمع عن الحب الإفلاطوني او العذري وظهرت الرهبنة في مصر والحياة النسكية المتقشفة للتكفير عن الإنسان القديم االشهواني.

اما ارسطو ( توفي 322 ق م ) فكان فيلسوف الطبيعة وقال ان الله هو المحرك الذي لا يتحرك ويمكن ان نتعرف اليه من خلال الطبيعة ( والعلوم ) فنحن يجب ان نتسامى لنصل الى فهم بسيط عن الله فالإنسان هو حيوان عاقل هدفه السعادة من خلال العمل . الإنسان الجيد هو المعتدل والكريم والعادل والشجاعميز ارسطو بين صورة ومادة اي شيء حتى الإنسان . فمثلا الإنسان هو مصنوع من مادة منفوخا فيها من روح الله وحسب عمل الله. وصورة الإنسان هي في فكر الله وخطة الله المستقبلية اي فيها هدفه من صنع البشر، وهذه تحتاج الى المعرفة والإرادة.

المسيحيون خصوصا في تركيا استفادوا من ارسطو ليفهموا شيئا من شخصية المسيح فقالوا اذا للمسيح طبيعة بشرية ( هو انسان كامل ) وطبيعة الهية ( اله معنا ) ، وهو كامل المعرفة. يسوع مولود بالجسد ولكنه ابدي. كما آمنوا ان الطبيعة الإلهية منذ الأزل هي واحدة مع الآب الذي جوهره ( الكلمة الأزلية  

من هنا آمنوا بالثالوث كتفسير لله الواحد : ( الله أب له العقل الإلهي ) والمسيح ( كلمته وتمثل المعرفة الإلهية لهذا العقل وقد ولدت منه منذ الأزل وظهرت في يسوع الإنسان ) والروح القدس ( الإرادة الإلهية لهذا العقل ، وهي حياة الله الأزلية حسب لاهوت كنيسة المشرق ، او هي محبة الله الأزلية حسب لاهوت الكنيسة الغربية ) والثلاثة هي واحد وازلية.

المسيحيون الذين آمنوا بالمسيح في القرون الأولى والمستفيدين من فلسفة افلاطون نادوا بطبيعة واحدة له ( الهية ) وانطلقوا من مصر، والذين حسب ارسطو نادوا بطبيعتين ( الهية وانسانية ) وانطلقوا من تركيا اليوم.

 اي ان الأولين اكدوا على الجانب الإلهي ليسوع المسيح، اما من تبنى ارسطو فقالوا ان المسيح انسان كامل واله كامل.

لقد كلّم الله البشر بانواع كثيرة واشكال وشتى، وكانت اعظم كلمة هي ولادة المسيح ولأن هذا صعب على العقل لذلك المؤمن يحتاج الى الصلاة والـتأمل كي يدخل في فهم السر قليلا قليلا.

والفنانين رسموا الآب بشكل شيخ كبير العمر لأن الشيخ يتمتع بالعقل المدبر ،ويسوع شاب لأن الشاب يسعى الى المعرفة، اما الروح القدس فبشكل حمامة رمز للوداعة او نار او رياح لما لها من قوة وارادة للتغيير.  

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!