الدروس من الأنتخابات في الكتاب المقدس

الكاتب: مسعود هرمز
الدروس من الأنتخابات في الكتاب المقدس
بعد البحث في الكتاب المقدس وجَدْتُ نوعين من الأنتخابات وهي:
1- في سفر يشوع 3 : 12 يقول ” انتخبوا أثني عشر رَجُلاً من أسباط إس*رائي*ل ، رجُلاً واحداً من كل سبط”. ويُكرر الدعوة في يشوع 4 : 2 .
 هؤلاء الرجال كانت واجباتهم بان يرفع ويحمل كل رجلاً منهم حجراً واحداً من نهر الأردن ومن ثم السير أمام تابوت العهد حاملين هذه الأحجار والسبب هو من أجل تذكير بني اس*رائ*يل الى الأبد بأن مياه نهر الأردن توقفت امام تابوت عهد الرب عند عبورهِ ، الكهنة كانوا حاملين التابوت والرجال المنتخبين كانوا يسيرون أمام التابوت وهنا يعطينا الكتاب درساً مهماً في القيادة والمسؤولية من حيث انتخاب الأشخاص والسير في الأمام وكأنهم في المعركة والقتال عندما يكون القائد في الأمام ليقتدي به الشعب ، هؤلاء الرجال وضعوا الأحجار بعد عبور الشعب في مكان المبيت لتبقى امامهم الذكرى التي لا ينسوها. لم يأتي انتخاب الرجال أعتباطاً وغير مدروساً وإنما كانت هناك صفات يجب ان يتميز بها المُختار لأنه سيقوم بتمثيل السبط الذي هو مُنحدراً وقادماً منه.
سَمِعَتْ الشعوب الأخرى بجفاف نهر الأردن وبدلالة الأحجار التي رفعوها ، وعندها يقول الكتاب ” ذابت قلوبهم وخارت عزائمهم أمام بني اس*رائ*يل ” ، ما هذه الأعجوبة والعناية الإلهية بهذا الشعب!! . الدرس الذي نستنتجه هو إنّ الرب قادرٌ أن يعطينا ما نحلم به من الوحدة والتكاتف والقيادة الواحدة إذا كانت لنا النيات الصافية والأيمان الحقيقي بإله الكون وليس إله المال والكعكة ، عندها تنظر الينا المكونات العراقية الأخرى كما كانت تنظر الشعوب الأخرى الى بني اس*رائ*يل ، من هنا فان الحل هو بأيدينا وهو أن نختار القائد المخلص لشعبه والذي يُحقق الطموحات الشعبية للأخوة الكلدان السريان الآشوريين بدون الطائفية والعنصرية وتقسيم الحصص والشعب الواحد الى شعوب وأُمَمْ.
2- في سفر أعمال الرسل 6 : 3 نقرأ ” اختاروا أيها الأخوة ، سبعة رجال منكم مشهودٍ لهم بحسن السمعة ومُمتلئين من الروح القدس والحكمة حتى نُكلّفهم بهذا العمل “.
كما نعلم بعد قيامة سيدنا يسوع المسيح ، بدأت واجبات الرُسل (تلاميذ يسوع) في نشر الأيمان الجديد وكان يعيش في فلسطين يهود عبرانيين ذوي الأقامة الدائمة ويهود من جنسية يونانية مُغتربين وبدأ الرُسل بالكرازة وتلمذة الشباب واختيار تلاميذ جُدد وكسبهم الى الأيمان الحديث بالمسيح الرب بالأضافة الى واجباتهم الدينية كانت هناك واجبات اخرى منها الأعتناء باليتامى والفقراء والأرامل وتوزيع المواد الغذائية للمحتاجين والمتعففين كما تعمل الكاريتاس الآن ، وبعد ازدياد أعمال الرُسل بالأعداد الجديدة من المؤمنين الجُدد الملتحقين بالمسيحية ظهرت هناك حالات غير طبيعية بين الشعب من حيث التذمر والتأخير واتهام البعض بعدم العدالة في التوزيع وخاصة للأرامل والمحتاجين وأدت الى أن البعض من اليهود اليونانيين بدأوا يتهمون الرسل بالأنحياز الى اليهود العبرانيين عن غيرهم وتفضيلهم على الآخرين ، عندها شعر الرُسل بضرورة اختيار تلاميذ جُدَدْ للقيام بهذه المهمات الأرضية لسببين رئيسيين الأول هو أن يتفرغ الرسل الى البشارة في المسيح والثاني لكي يقطعوا دوابر الشك عند البشر في التوزيع وخاصة عند اليهود اليونانيين.
أعطى الرُسل الأوامر الى الشعب لأختيار سبعة رجال بالمواصفات المذكورة في الآية وكانت الفرحة عارمة عند الشعب واختاروا إستفانوس وستة آخرين للقيام بمساعدة الرُسل وقدموا الى الرُسل لأخذ البركة والصلاة عليهم ونيل بركتهم .
الأستنتاجات والدروس المهمة:
1- الأنتخابات كانت بحكمة وتعقُل وبقوة الروح القدس وأغلب المُختارين أصبحوا من أوائل شُهداء المسيحية وأولهم الشهيد الشماس إستفانوس لأن الرُسل وضعوا عليه اليد كما يرسُمْ الآن رجل الدين الشماس بوضع اليد على الرأس وقص القليل من الشعر.
2- الأنتخابات لم تكُن قومية وبتعنّت ، بدليل ان المختارين السبعة أغلبهم كانوا من اليهود اليونانيين !! وكان الجميع راضين ومرتاحين من سير العملية الأنتخابية ، لا كما يحدث الآن كل واحد يرغب الى نفسه بشعارات زائفة أرضية لحُب الظهور والتمسك بالقومية وحصة الكعكة!!
3- الأنتخابات كانت بنيات صافية وبدون غش وتخوين الآخر وإنما كانت كما يعمل أبناء القرية الواحدة الآن عندما يختارون مُختارهم بالأجماع لكي يُمثلّهم أمام السُلطات.
4- الرب يعطينا ما نرغب بهِ في حالة وجودنا مُتكاتفين ومُتعاونين وبقلوب صافية وبكلام صادق الواحد مع الآخر وعدا ذلك سنبقى نتبعثر كما تتبعثر أصواتنا وتتشقق أحزابنا الى أحزاب صغيرة ومجهرية!! والقسم منهم لا يعيشون في الوطن أصلاً.
5- ما أعجبني كثيراً بان اليهود العبرانيين لم يعترضوا على ان يكون أغلب الرجال السبعة المُنتخبين من إخوتهم الآخرين اليونانيين وواحدا كان من أنطاكية وقد صار يهودياً للعلم. ألآن عندما ننتخب أخينا الآشوري تقوم القيامة عند البعض والسبب الغير منطقي هو لأن عدد الكلدان أكبر ولهم الحق وغير ذلك من المُبررات وهنا أرجو المقارنة بين وضعية اليهود العبرانيين واليونانيين وبين وضعية الآشوريين والكلدان!!
6- بالتأكيد كان اليهود العبرانيين واليونانيين وغيرهم من الأجناس أبعد تجانُساً في الحال كما هو عندنا الآن ، أي نحن آشوريين سريان كلدان مُتقاربين أكثر من أولئك الأعراق وكُلنا عُنصراً واحداً وشعباً واحداً ولا فرق بين هذا وذاك أما أن يأتي البعض بفصلنا ويعمل لخياطة بدلات جديدة لأسماء وشعوب وأُمَمْ فهذا الأمر يجب أن لا نقبله أبداً وعلينا التحذير والتوجيه للخراب القادم إذا استمر هؤلاء بالتعنت والتكبر بحجة العدد وغير ذلك ، هؤلاء أصبحت أفكارهم معروفة وتوجهاتهم مكشوفة للصغير والكبير. إذاً علينا أن نرضى ونقبل بالشخص المُنتخب الذي يختاره الشعب بايمان صادق وبحرية.
7- تشبه حالة البعض في التهجم على الآخر كما هجم مُعلمي الشريعة على أستفانوس وجلبوا شهود زورٍ لكي يخلصوا منه ويق*ت*لوه ، أين نحن من كل هذا أيها ألأخوة؟ هلى ترغبون أن يصبح البعض منكم شُهداء بأعمالكم كما أصبح الشهيد إستفانوس؟
بركة الرب على جميعكم والنعمة والسلام معكم آمين.
مسعود هرمز النوفلي
19/2/2010..