مقالات دينية

ميلاد الكلمة وبدأ المعركة بين التنين والمرأة وطفلها

الكاتب: وردا اسحاق

 

 

ميلاد الكلمة وبدأ المعركة بين التنين والمرأة وطفلها

بقلم/ وردا إسحاق قلّو

 

( … ثم وقف التنين أمام المرأة وهي تلد ، ليبتلع طفلها بعد أن تلده ! .. ) ” رؤ 4:12″

إمرأة تقية ، تستعد لكي تنجب ولداً ، تبكي لأنها تعيش في الآلام ، وتخاف من مكائد العدو لأنه قد يباغتها في أي لحظة . إنه شخصية خفية يخطط للهجوم على مولودها بعد ولادته لكي يبتلعه .

وضعت المرأة الطفل الإلهي الذي أعد لكي يملك العالم بعصا من حديد ( رؤ 5:12) اختطف الولد إلى عرش الله في الحال ، وشارك الله في سلطانه الأبدي كما كان قبل الولادة . بقيت المرأة في الصحراء تحت تهديد التنين ، والتنين هو صورة الشيطان ( طالع رؤ 3:12 ، 4، 7 ، 9،13،16 ) وَ ، رؤ 2:20) إنه الحية الكبيرة ، تنين أحمر اللون بلون الدم ، والذي يمثل قوى الدمار والعداوة والسلطة الشيطانية ، له سبعة رؤوس ، وعشرة قرون ” رؤ 3:17″ أي يمتلك صورة مرعبة تتحدى الخيال ، ويتوخى بصورته أن يظهر الهمجية ، غايته خطف الطفل وأبتلاعه . فما يذكره سفر الرؤيا يرتبط مع قصة الحية في العهد القديم التي أغوت حواء ، هكذا في العهد الجديد يريد أن يقضي على حواء الجديدة ونسلها .

المرأة هنا تمثل صورة تقليدية لشعب الله الذي هرب إلى الصحراء من فرعون ، فحافظ عليه الله في الصحراء وأطعمه المن والسلوى ، وأسقاه الماء الخارج من صخرة المخلص ” خر 16. عد 11 ” . كما نلاحظ أيضاً التشابه بين المرأة في سفر الرؤيا كيف أعطيت جناحي نسر عظيم ” رؤ 14:12″ على مثال ما أعطي لشعب الله في الخروج ” 4:19″ ( حملتكم على أجنحة النسور وجئت بكم إليّ ) . 

بدأت المعركة بين الحية والمرأة ، فقذفت الحية من فمها نهراً لكي يبتلع المرأة ( هنا الماء يرمز إلى الشر والعدوان ) لكن الله خلص المرأة . أراد التنين أن يبتلع الطفل يسوع المولود من إمرأة في ملء الزمان ( التنين هنا يمثله هيرودس الملك الذي تحقق من المجوس عن أخبار الطفل المولود ليبتلعه ) لكن الله أنقذه مع أمه بأرسالهم إلى مصر .

هيرودس أسلم ذاته طوعاً للشيطان فأراد أن يق*ت*ل الطفل الإلهي المولود في مملكته ، فبدلاً من أن يذهب مع المجوس ليسجد له ، حاول بكل قدرته ق*ت*له ، والطفل تجسد من أجل خلاصه وخلاص البشرية كلها ، بهذا لعبَ هيرودس دور التنين والحية القديمة الذي وقف أمام المرأة ليبتلع ولدها متى ولدت ” رؤ 14:12″ .

هكذا شعب الله في العهد القديم تَحّمل آلام كثيرة عبّرَ عنها الكتاب المقدس بآيات كثيرة مشابهة لما جاء في العهد الجديد ، منها ( كنا أمامك يا رب كإمرأة قاربت الولادة ، تتوجع وتصرخ في مخاضها ، كنا كمن يتمخض عن ريح ، لم نخلص الأرض ولم يولد من يقيم فيها فتصير آهلة عامرة  ) ” أش 26: 17-18 ” .

ثم يأتي العون من الله فيطعن التنين ويعيد الموتى بالقيامة ، يقول ( تحيا موتاك وتقوم أشلاؤهم … وفي ذلك اليوم يعاقب الرب بسيفه القاسي العظيم المتين لوياثان الحية الهاربة الملتوية ، ويق*ت*ل التنين الذي في البحر ) ” أش 19:26 و 1:27 ” .

التنين والحية القديمة منذ البدء دفعت الإنسان لكي يقف معه ضد الله الخالق . كان الشيطان يقف أمام الله كمفتري فيتذكر أمامه خطايا البشر ( زك 3: 1-2) أي كان يلصق الخطيئة بالإنسان أمام الله .

 جر التنين بذنبه ثلث نجوم السماء ورماها على الأرض ( دا 10:8) و ( رو 9:3) الجميع هم تحت نير الخطيئة ( كنتم أمواتاَ بزلاتكم وخطاياكم … كنا بالطبيعة أولاد الغضب ) ” أف 2: 1-3″ .

في العهد الجديد نجانا المسيح بعد أن غسلنا بدمه وحررنا من خطايانا ( رؤ 5:1) فما عادت إتهامات التنين تؤذي المؤمنين بالمسيح . قال بولس الرسول ( ما من هلاك الآن للذين في المسيح يسوع ) : رو 1:8″ فسقط الشيطان بسبب إيمان المؤمنين بالمسيح والتبشير باسمه ، لهذا قال يسوع لتلاميذه ( كنت أرى الشيطان يسقط من السماء كالبرق ) ” لو 18:10 ” وقال يسوع ( الآن يلقى رئيس هذا العالم خارجاً . وأنا متى ارتفعت عن الأرض ، جذبت إليّ جميع البشر ) .

السماء لانستطيع أن نراها بعيوننا ، بل بالإيمان فقط . كما إننا لا نستطيع أن نرى الله إلا بالإيمان . فالمؤمنون المجّذرون في الله ومسيحه يشاركون يسوع في حياتهم ويشهدون له فأنهم يعتبرون سماويين ومقيمين منذ الآن في السماء . أما الأرض فهي مستوى الظاهر التي نراها ، أما الذي يرفض الله فإنه حتماً من نصيب الشيطان ومملكته الأرضية . كل من يشاركون بموت المسيح يشاركون في انتصاره على الشيطان ، اختاروا المسيح في حياتهم بسبب العمل بوصاياه ، قال ( لأن الذي يريد أن يخلص حياته يخسرها ، ولكن الذي يخسر حياته في سبيلي وسبيل البشارة يخلصها ) ” مر 35:8″ .

  

المرأة هي الكنيسة أيضاً التي تحتوي على المؤمنين بالمسيح ، جذورها تبدأ من تاريخ إس*رائي*ل ، والثانية في العهد الجديد التي ستلتحق بالكنيسة السماوية وهناك ستلبس الأكليل ، علامة الغلبة . وفي بعدها الحالي الأرضي ، ماتزال غارقة بالآلام والأضطهادات . الشعب المسيحي يلد المسيح في المغارة من مريم العذراء لكن الصورة تمتد إلى أورشليم السماوية حيث شعب الله الجديد في عالم جديد . وهكذا نكون في النهاية أمام ولادة المسيح الكامل ، ولادة البشرية الجديدة من خلال العبور العمادي في الموت والقيامة . المسيح لم يبقى تحت سلطان الموت كما اراد التنين ، بل قام ، هكذا سنقوم جميعاً .

التنين اليوم هو مجموعة من القوى المعادية للكنيسة ( المرأة ) وتلك القوه تهاجم عمل الله . وللتنين أسماء كثيرة في الكتاب المقدس منها ( الحية القديمة ، أبليس ، الشيطان ، مضّل المسكونة ، كذاب وأبو الكذاب ) واجبه إضطهاد المرأة ( الكنيسة ) ونسلها ومقاومة عمل الله القويم . الشيطان لا يكل ولا يهدأ ومع ذلك فكل أعماله هي في مهب الريح .

انتصر الطفل المولود على الشيطان وغلب كل أسلحته منها الموت عندما قام منتصراً وارتفع إلى السماء ، أما المرأة ( الكنيسة ) فتعيش في غياب ربها الآن ، ولكنها في يده وهو معها في كل حين إلى أنقضاء الدهر رغم صعوده إلى عرشه السماوي ، وهو يحميها ويحملها على جناح النسر العظيم . ما أستطاع التنين أن يصيب الكنيسة ، فأستمر في قتال باقي أبنائها ، أي نحن الباقين ، لكن الذي يعيش تحت كنف الكنيسة ووصاياها لا يخاف شيئاً ، وكما فعلوا الأجداد وأنتصروا ( غلبوا بدم الحمل وبكلمة شهادتهم ) . المسيح يدفع كنيسته إلى درب الآلام متحدياً التنين ، فالآلام والضيق التي تمر بها الكنيسة تدل على صدقها وإيمانها بمخلصها ، فلا مسيحي بلا صليب ولا كنيسة بلا آلام إلى أن تلتحم بالكنيسة السماوية الممجدة .  

ليتمجد أسم المولود بيننا 

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!