الحوار الهاديء

أَحْتَرِمْ تُحْتَرَمْ … صورة متواضعة عن الاحترام

أَحْتَرِمْ تُحْتَرَمْ

صورة متواضعة عن الاحترام

عبد الرضا حمد جاسم

احْتَرِمْ صيغة الأمر ذات المعاني العميقة عندما يصدرها الشخص لنفسه …وذات معاني جميلة عندما يسمعها الشخص من مُهتم وذات معاني ربما حادة او صادمة عندما يسمعا الشخص من متحدي!!!!

مفيد ان يأمر كل شخص نفسه بها بعد ان يستيقظ من النوم وقبل النهوض من الفراش لصفاء تلك اللحظات حيث ينتقل الانسان فيها من حال الى حال وعظيم ان يكررها كل يوم ليضيفها الى برنامج دماغه …”المبرمج هل يُبرمج” نعم مع الوقت والإصرار وهذا جزء من تربية النفس على عدم التعدي على الغير سواء كان من البشر او الكائنات الاخرى او الطبيعة.

الاحترام حق مقدس حتى للذي لا يستطيع انتزاع حقه هذا او الدفاع عنه كما نتصور نحن من حيوانات او نباتات او حتى جماد.

اول اشكال الاحترام هو أن يحترم الأنسان انسانيته من خلال اكتشافها والاعجاب بها والدفاع عنها لتدفعه للدفاع عن انسانية الغير من خلال عمله على ان يكون مُحْتَرَمْ…ليترسخ لدية الاحترام ليتحول الى ثقافة

من يحب ان يُحْتَرَم يجب ان يكون مُحْتَرَماً ومُحْتَرِماً…والاحترام فعل يجب ان يسود وعدم الاحترام يجب ان يقع ضمن رد الفعل غير الفيزيائي. نعم عدم الاحترام معاكس للاحترام والذي يجب ان لا يكون وفق قانون الفيزياء لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومعاكس له في الاتجاه حيث لحظة الوقوع وانما وفق وصف انساني يأخذ بنظر الاعتبار النتائج والحالة والمكان…حيث التطبيق الفيزيائي يعني العصبية والانفعال والتناحر…الفاصلة الزمنية بين الفعل ورد الفعل في موضوع الاحترام ربما تكون طويله ويُفضل وفق ’’رقبة البعير’’ و القول فيها رغم الاختلاف لغرض افساح المجال لامتصاص تأثير فعل رد الفعل ومحاولة تفسير الفعل ومن ثم افساح المجال لصاحب الفعل وفعل رد الفعل بمراجعة نفسه بالسكوت او عدم تكراره او الاعتذار وافساح المجال لمن وقع عليه الفعل (وهنا ليس مفعول به) للمحافظة على خيوط التواصل وتقدير اسباب الفعل الذي ربما يكون رد فعل خارج قدرته على التحكم فيه او لم يُحسن التعبير عنه او به.

كما ان الاحترام فعل فهو فاعل في نفس الوقت لأنه من أعماق الفاعل والمفروض ان يكون ويعم حيث عندها سيكون في الحياة شيء من حيوية الصح والخير والمحبة والهدوء وتكون مفيدة ونافعه وسعيدة للجميع.

اما إذا انخفض دور الفاعل والفعل /الاحترام ووقع رد الفعل الفيزيائي حيث سيصبح رد الفعل الفيزيائي هنا فعل وفاعل وستكون سلسلة من فعل/ أفعال حتى تصل الى (الانتقام او الثأر) وإن انتشر هذا صارت الحياة غابه من ردود الأفعال ويصبح هنا رد الفعل هو الفعل والفاعل ليظهر الظلم والازدراء والاضطهاد والتسلط والشللية’’ شلل وشلة’’ السوداء لتصاب الحياة بالعطب ويتعقد والعيش ونكون من الضالين.

الاحترام شعور انساني نبيل المفروض ان يكون دائم ودوامه يُشيع حياة هانئة متكافئة.

الاحترام في الظروف الحياتية في واقع اليوم والامس متذبذب تحت تأثير التنوع والتذبذب ناتج عن الإدراك لقيمة وموقع الفاعل في الحياة او يعكس المعنى الذي يحمله الفاعل للاحترام أي المُحْتَرِمْ من نبل وصدق وخُلق وإخلاص وحسن سيرة وسلوك وثقه بالنفس حيث شملت النسبية حتى الاحترام.

الاحْتِرامْ وعي وتَحَضُرْ واتزان وتسامح…لذلك فالمُحْتَرِمْ عنده المقابل مُحْترَمْ ويظن انه مُحْتَرِمْ حيث لا إثم في هذا الظنْ.

المُحْتَرَمْ والمُحْتَرِمْ ليس فيه ضعف/ضعيف كما يتصوره البعض الضعيف وربما غير المُحْتَرَمْ أو غير المُحْتَرِمْ وليس خانع وراكع وذليل…هو قوي بقوة جعلته يجعل من حواسه الخمس تتفاعل مع الوجود والموجود باحترام فصار يحترم الغير حقوق الغير والدفاع عنها بوجودهم او بغيابهم. فيكون عنده الاحترام ضَوء يُنير له طريقه الموحش ربما والذي اختار السير فيه بتَّحَسُبْ ودقه واخلاق.

المُحْتَرِمْ لا يسَّوف ولا يَهرب ولا يخفي رأسه في الرمال ولا يختفي او يتخفى تحت او خلف سُتُرْ وحُجُبْ لأن ذلك وفق ما يؤمن به إساءة له اولاً وللغير ثانياً وللمجموع ثالثاً.

عكس الاحترام ليس عدم الاحترام وكفى وانما التسيب والانفلات والفوضى في السلوك’’ الاقوال والأفعال’’ سواء بين الانسان والانسان او بين الانسان ومحيطه.

الاحترام يشيع السرور والبهجة والانفتاح على الاخر والتفاعل الايجابي وحب الغير والحياة العامة والخاصة.

الاحترام يعزز الذوق الخاص والعام والهدوء والرضا والقناعة لذلك عندما ينتشر ويعم، يعم الامن والامان والود والوئام والمحبة.

الاحترام يمنح الاتزان والتوازن بين ما يُرادْ وما يُريدْ لتختفي الأنانية والاحقاد والبغضاء والتسابق على الإساءة للغير ويُمتص الغضب والانفعال لأن الاحترام والكلمات التي تعنيه وتدل عليه دائما ما تكون لطيفه وهادئة ونقيه وواضحة لا تتعب المقابل بل تسهل عليه استقبالها والتفاعل معها.

الاحترام محلول (البفر الكيميائي) للحياة يمتص الغضب ويمتص الاندفاع الزائد في الحب والحقد والبغضاء.

الاحترام يُكْتَسَبْ…يتعلمه الانسان منذ أيامه الاولى حين يتكون في رَحِمْ الام…عندما تحترم ألاُم التعليمات الطبية الدوائية والغذائية او تحترم ما تعلمته من تجارب سابقه لها وللأخرين…يتعلمه من تبادل المنفعة بين ألاُم وحملها جنينها.

الاحترام قيمته ببساطته واهميته ولا يمكن ان يُخْلَقْ بالتزويق او التلوين او التغليف.

الاحترام حديقة غناء تشيع الألفة والهدوء والتعاون وتدفع للتفاعل والتواجد والتعاضد وتبادل الاهتمامات والمشاعر…حديقة تهرع اليها النفس لتتنفس النقاء وتلتقي الصفاء والهناء والانشراح والاختلاف.

لا يمكن ان يُصطنع الاحترام… ان حاول أحد ذلك سيُبانْ كما يتبين الورد الطبيعي من الصناعي…قد يتساويان بالنظر اليهما من بعيد لكن ما ان تقترب منهما حتى تشعر بالفرق الهائل بينهما… الطبيعي يريح ويشيع الانشراح والتأمل والصناعي يشيع الالم والتساؤل والانقباض…الاول فيه حياة وقريب من الاحاسيس لأنه حساس مرهف والثاني ميت مثير للكآبة.

أجمل ما في الاحترام انه ينبع من اعماق صافيه جميله نقيه.

الاحترام جاذب للغير والخير ويحافظ على الذات والادوات ويشيع الود والجد.

الاحترام يزيل ما يفرق بين البشر من اشكال واجناس ومعتقدات وعادات وطباع لكنه يُرَكِزْ ويعزز المواقع والمنازل في كسب المعرفة والعلوم والابداع والتقيد باللوائح وتنفيذ الواجبات.

الاحترام لا يتحقق بالإكراه والغصب والإذلال والاجبار…لان كل هذه عنيفة وهو رقيق حساس شفاف ومن يحاول فرضه بتلك الصور يعني انه يحاربه ويرعب غيره سواء كان واعي لذلك او لا… من يحاول او يتصور ان بإمكانه فرض احترامه بالإكراه او باستغلال حاجة الغير اليه يُذِل نفسه ويسيء اليها حاضرا ومستقبلاً.

الاحترام واجب لا يتحدد بالعمر ولا الموقع ولا الجنس ولا الحالة الاجتماعية…أجمل ما في هذا الواجب انه ينفذ او يتم برغبة وليس بالإكراه وهو الواجب الوحيد الذي يتغير معناه بالإكراه الى معاكس لمعانيه. التلكؤ في تنفيذه يعني التلكؤ بالعيش بهناء ومحبه ووئام وامان.

الاحترام تثمين قيمة الشيء والذين تعبوا في انجازه وتقديمه وعرضه وما ينتج عنه.

تحترم الحديقة لما تقدمه هذه الفسحة الطبيعية من خدمه لك وللغير والغير هنا انسان كان ام حيوان او هواء تحترم فيها ابتسامات الزهور وغناء الطيور وضلال الاشجار وجمال الخضرة والندى والهدوء والسكينة وما يحصل في تلك الفسحة الزمكانية من علاقات وما تنتج من افكار شخصيه وعامه.

يقابلك اخيك في الإنسانية مبتسما في الطريق ليعبر حتى ولو بشكل سطحي عن احترامه لك لتشعر انه يزيل عنك هم او قلق او يعزز فيك حب الخير والغير لتجد نفسك قبل الابتسامة العابرة مختلف عما بعدها.

الاحترام ثقافة يتعلمها الانسان من الطبيعة والاخرين والكتب…يكتسبها الانسان من خلال جميع الحواس بخلاف الكثير من الاشياء التي ربما يحسها الانسان بحاسة واحدة او اثنتين.

عندما تفكر ان تلمس ورده تجد ان هناك شيء يدفعك للتعامل معها بلطف وذوق لأنك ربما قدرت لها نعومتها ورقتها وعطرها او تتذكر موقف تعامل أحدهم معها بخشونة وفضاضه وما شاهدته بعد تلك المعاملة القاسية

عندما تضع طائر في قفص قد تتلذذ بذلك وتعتبر نفسك امتلكته او تنفعه لكن شعورك يزداد لو احترمت حريته بالتنطط والطيران وتشعر إنك تطير معه او هو يطير بك بين تلك الاشجار والربوع

الاحترام قلنا يكتسب ويمكن التدرب عليه ووضعت نقاط كثيره لذلك ولكنها غير ثابته او محدده ويمكن لكل انسان ان يساهم فيها ويضيف عليها من تجربته.

صعقني الراحل الدكتور علي الوردي له الرحمة والذكر الطيب عندما ذكر التالي في كتابه المهم دراسة في طبيعة المجتمع العراقي ص 341 حيث كتب: [المشكلة في اهل المدن في انهم كانوا في أعماق أنفسهم لا يحبون الحكام وربما كانوا يبغضونهم ومعنى هذا انهم كانوا اتجاه الحكام يظهرون غير ما يضمرون وقد تأصلت هذه العادة في الكثيرين منهم بحيث أصبحوا في حياتهم اليومية يحترمون من لا يحبونه ويحبون من لا يحترمونه] انتهى

عبد الرضا حمد جاسم

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!