مقالات دينية

علاقة لعن التينة بهدم الهيكل

علاقة لعن التينة بهدم الهيكل

بقلم / وردا إسحاق قلّو

قال الرب يسوع ( لن يبقى حجر على حجر بل يهدم كله ) ” مر 2:13 “

علاقة لعن التينة بهدم الهيكل

    في الأسبوع الأخير كان التلاميذ مع المسيح صاعدين من الجليل إلى أورشليم ، والخوف يستولى عليهم منذ أن إتجهوا صوب أورشليم لإقامة لعازر ، وهذا واضح من كلام توما ، ويسوع نبههم بما سيحدث له بصراحة . قال ( إنّا صاعدون إلى أورشليم وسيسلم إبن الإنسان … ) ” مر 10: 32-33″ . هنا سنذكر عن ما حدث خلال ثلاثة أيام ما بين إنتقاله وزيارته للهيكل وعودته إلى بيت عنيا . ففي اليوم الأول : جاء من بيت عنيا ( مر 1:11 ) ودخل أورشليم وولج الهيكل . وبعد أن تفحص عاد إلى بيت عنيا . اليوم الثاني : أي في اليوم التالي خرج من بيت عنيا  ( مر 12:11 ) ووصل إلى أورشليم ، فدخل الهيكل ( مر 15:11 ) وعند المساء ترك المدينة . في اليوم الثالث : رجع في الصباح من بيت عنيا ( مر 20:11 ) ليعود إلى أورشليم وسار في الهيكل ( مر 23:11 ) وبعد جولات عديدة قلبَ مناضد الصيارفة ومقاعد باعة الحمام ثم ترك ساحة الهيكل وذهب إلى جبل الزيتون ( مر 3:13 ) وهناك أعلن دمار الهيكل المقدس ، ثم عاد إلى بيت عنيا ( مر 3:14 ) . يربط بمعنى تطهير يسوع للهيكل من الباعة حدثان مهمان هما لعنة التينة ومصير الهيكل .

   لما خرج مع التلاميذ من بيت عنيا نحو الهيكل أحس بالجوع . ورأى تينة مورقة عن بعد ، فقصدها راجياً أن يجد عليها ثمراً . فلما وصل إليها ، لم يجد عليها غير الورق لأن وقت التين لم يكن قد حان ، لكن رغم ذلك لعنها على مسمع التلاميذ ( مر 11: 12-13 ) وبينما هم راجعون في الصباح رأوا التينة قد يبست من أصلها . فقال بطرس ليسوع ( رابي ، أنظر ، أن التينة التي لعنتها قد يبست ) . فقال يسوع ( آمنوا بالله . الحق أقول لكم : من قال لهذا الجبل قم وإهبط في البحر ، وهو لا يشك في قلبه، بل يؤمن بأن ما يقوله سيكون ، كان له هذا ) .

   التينة المورقة تمثل الشعب اليهودي الذي إختاره الله لكن كانت رسالتهم إلى العالم عقيمة بدون ثمر كالتينة ، فقصد يسوع هو لعن تلك الأمة التي كانت بدون ثمر ، فمصيرها سيكون قريباً كالتينة ، والشعب اليهودي الذي كان عند الله شعبه المختار أصبح كرماً عائقاً ( إبن زنا ) لأنه عبد آلهة أخرى فلم يعطي عنباً للرب الكرمة ، بل حصرماً ( طالع أر21:2 و حز 17: 3-8 ، 10ك19 ) وهكذا تغير حب الله لشعبه إلى غضب . فالحب الخائب ينتقم من الكرمة الخائنة . وفي ( مز 67 ) يصرح إلى الله مستعيذاً به من الضيق الذي تعانيه الكرمة التي كانت مزدهرة وهي الآن متروكة للخراب والنار والدينونة والإنتقام من لحظة موت المسيح على الصليب فحجاب الهيكل أنشق لينتهي عمله إلى الأبد ، ومن بعد ذلك تم هدم الهيكل سنة 70 م . فالتينة التي لم تحمل الثمر هي رمز الهيكل الذي جاء إليه يسوع يبحث فيه عن ثمار روحية تفيد البشرية لكنه لم يجد . وهنا نتذكر مثل الإبن الوحيد المرسل ليطلب ثمراً من الكرم لكنهم ق*ت*لوا إبن مالك الكرم ( مر 12: 1-11 ) الإبن الوحيد الذي أرسله الله إلى العالم ق*ت*ل صلباً خارج أورشليم , فالله الآب أخذ الكرم من اليهود وسلّمهُ إلى الأمم لكي يأتوا بثمر ، وهذا ما حدث بعد هدم الهيكل الذي تنبأ يسوع بإزالته قائلاً ( لن يبقى حجر على حجر بل يهدم كله ) ” مر 2:13 ” وسبق وأن هاجم يسوع قادة اليهود الذين كانوا يجلسون في مقاعد الشرف أو أن صلواتهم المطولة تعطيهم حقوقاً على أموال الفقراء ، أولئك الذين كلنوا يسيرون بملابس فضاضة ، رأى يسوع بعظماء كهنة اليهود والكتبة والشيوخ بأنهم الكرامون الق*ت*لى الذين سيدفعون إبن الله إلى الق*ت*ل خارج أسوار أورشليم . فالكرمة هي شعب إس*رائي*ل والكرامون هم المسؤلين عنهم من قادتهم الدينيين .

  يسوع رفع الستار السري كانوا يجهلونه أولئك القادة العميان عن هوية يسوع المنتظر فأفهمهم في بيت قيافا بأنه ( إبن الله ) لقد تجلى السر بعد أن زال كل إلتباس عن الشكل الذي ستتم به رسالة إبن الله إلى العالم .

   أخيراً ترك يسوع الهيكل وأنبأ بخرابهِ النهائي فلا حاجة إلى التأمل بمشروع إعادة مملكة داود . فالمسيح سيموت على الصليب بإرادة ذلك الشعب المرفوض من قبل السماء . إنها ساعة الخطر على إيمانهم بسبب الالام الآتية ، وخاصةً بعد موت يسوع تتوقف عند ملاحظتين مهمتين في مصير الهيكل . الأولى : تتعلق بستار الهيكل الذي أنشق من الأعلى إلى الأسفل ، والذي كان يغلق الهيكل . أو ذاك الذي يغلق قدس الإقداس . يبدو هذا الحدث تسبيقاً وتحذيراً لدمار الهيكل . يدل موت ملك اليهود على نهاية إمتيازات الهيكل ونهاية العبادة التي تقام فيه . الثانية : كل من يؤمن بالمصلوب وبعمل الصليب سيتحرر من العهد القديم لينتقل إلى العهد الجديد عهد النعمة والخلاص . والمؤمن عليه أن يدخل معركة الإيمان ليحمل الصليب في حياته ، ومن يصبر إلى المنتهى فذاك ينال الخلاص .

 توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1″

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!