مقالات دينية

خميس الفصح والعشاء السري

خميس الفصح والعشاء السري

بقلم / وردا إسحاق قلّو

    قال يسوع ( إذا لم تأكلوا جسد إبن الإنسان وتشربوا دمه فلن تكون فيكم الحياة ) ” يو 53:6 “

خميس الفصح والعشاء السري

      كان اليهود يحتفلون بيوم تحريرهم من عبودية المصريين ، لكن ذلك الأمل بالتحرير النهائي تم بواسطة المسيح الفصح ، إنه فصح موت المسيح على الصليب . مبادرة من يسوع للإستعداد لوليمة الفصح . سأل تلاميذه عن المكان الذي يعدون الفصح ، ويسوع سبقهم عندما أنبأهم بأنهم سيلتقون برجل يحمل الجرة ، ولما كان المساء جاء مع الإثني عشر وجلسوا حول العشاء المعد ، ويسوع يبدو عالماً بتفاصيل الأحداث التالية ، وعلى العشاء أنبأ بخيانة واحد منهم ، إنه يتحسر مع الخائن لما وصل إلى هذا الدرك ، ولكن نلاحظ إنه يشدد على فظاعة عمل صديقه الذي سيسلمه ، تنبأ عنه صاحب المزمور ، فقال على لسان الرب يسوع  ( وحتى صديقي الحميم الذي أتكلت عليه ، فأكل خبزي ، هو رفع عليّ عقبهُ ) ” 10:41 ” .

   خلال العشاء أتم يسوع عملين طقسيين معروفين عند اليهود ، ترأس الوليمة وأخذ الخبز ويرفعه إلى الله مع الصلاة ومن ثم يوزع لقمة لكل الحاضرين ، وبعد تناولها يعترفون جميعاً بإنها عطية الله . وهكذا صنع بكأس الخمر بأنه عطية الله بعد أن أتم يسوع هذين العملين أضفى عليهما معنى جديد ، راجعاً بهما إلى الذي سيكون في اليوم التالي حين قال ( هذا هو جسدي ، هذا هو دمي ، دم العهد الذي يهرق من أجل الكثيرين ) كشف إنه يعرف معنى موته وعلّم تلاميذه هذا المعنى ، بل شدد بالأحرى على إنه قدم ذبيحته لأنه كان سيد موته الذي صار بإرادته ، موته هو خاتم كل الذبائح ، وخاتم للعهد القديم ، إنها ذبيحة العهد المقبولة عند الله الآب . ويسوع يعرف فاعليتها . فيه ختم العهد بطريقة نهائية بين الله والبشر . لذلك فالطعام الأخير الذي يأخذه مع تلاميذه يصوِّر مسبقاً الطعام الذي يعيد مجىء ملكوت الله . خمر دمهِ المسفوك بعد خمر الوليمة . في عرس قانا الجليل قال يسوع لأمهِ ساعتي لم تأتي بعد . والآن أتت الساعة لكي يعطينا يسوع الخمر الحقيقي . إنها الساعة التي قصدها يسوع . أما الساعة التي طلبت منه العذراء العون لأهل العرس فكانت قد أتت فعمل المعجزة الأولى ، وهكذا ربط يسوع بكلامه ( ساعتي لم تأتي بعد ) . بين خمر قانة وخمر العلية والدم المهراق على الصليب ، لتتم الساعة التي جاء يسوع من أجلها . في ليلة العشاء الأخير أسس يسوع سر الإفخارستيا ، وأوصى تلاميذه أن يعملوه لذكرى موته وقيامته ، ومن يتناول ذلك الخبز والدم بلإستحقاق سينال المغفرة والخلاص وبهذا أيضاً أسس سر الكهنوت ، فالكاهن هو المخول فقط بأن ينطق أمام المؤمنين الكلام الجوهري على مذبح الكنيسة ، فلا يحق للشعب أن يرد مع الكاهن تلك الكلمات . ةفي يوم الجمعة من إسبوع الالام أعطى الرب يسوع جسده ودمه للبشرية وحدثت المصالحة بين الله والإنسان الذي خانهُ بسبب الخطيئة وعادةً العلاقة بين السماء والأرض .

  تبدأ آلام يسوع من وسط تلاميذه في قاعة العلية عندما أعطى لهم جسده ودمه بحضور الخائن الذي يعلم بخيانته ، فعلينا أن لا نحير ونشك بان تأسيس الإفخارستيا في يوم خميس الأسرار كان محاطاً بخيانة يهودا . رواية تأسيس الإفخارستيا هي قريبة من الرواية التي كتبها البشير مرقس ، ومن الراجح إنها تكرار للنص الذي عرفتهُ الجماعات المسيحية التي من أصل يهودي ، بهذا العمل إستبق يسوع الأمور فعاش موته الشخصي قبل الموت ، وأوضح معناه فأضاف متنبئاً بثلاث حقائق سجلت في الإنجيل وهي : يسوع قبل آلامه قد أخبر اليهود بمغادرته قائلاً : ولا ترونني بعد الآن حتى تقولوا ( مبارك الملك الآتي بإسم الرب ) ” لو 38:19 ” . كما أخبرهم بذهابه . ففي مجلس اليهود كان أكثر صراحة ، قال ( سترون بعد الآن إبن الإنسان جالساً عن يمين القدرة ثم أتياً على سحب السماء ) ” مت 64:26″ . وقال لتلاميذه  ( بعد قليل لا تبصرونني ، ثم بعد قليل أيضاً ترونني ، لأني ذاهب إلى الآب ) ” يو 16:16 ” .

   بعد العشاء إنطلق يسوع مع تلاميذه بغياب يهوذا الأسخريوطي الذي غادر المكان لتنفيذ خطتهِ رغم قول يسوع للتلاميذ ( أنتم الذين تأكلون معي واحد منكم سيخونني ) هنا أشار يسوع إلى نبؤة ذكرت في المزمور ( 69 ) . كذلك كان في التوراة تقليد يقول ( إن نجاح الله يمرّ عبر فشل رجال الله ) ومن هنا يؤكد لغير المؤمنين أن المصلوب هو المسيح إبن الله .

 مجداً لإسمهِ القدوس .

توقيع الكاتب ( لأني لا أستحي بالبشارة ، فهي قدرة الله لخلاص كل من آمن ) ” رو 16:1

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!