الحوار الهاديء

لماذا تدعم الرابطة الكلدانية قائمة “أئتلاف الكلدان”؟ وجهة نظر..

د. عبدالله مرقس رابي     

باحث أكاديمي

لماذا تدعم الرابطة الكلدانية
قائمة “أئتلاف الكلدان”؟ وجهة نظر..

في بيان الرابطة الكلدانية المنشور في 21/1/2018 المعنون (بيان دعم الرابطة الكلدانية لقائمة ” أئتلاف الكلدان” .الرابط أدناه. تبين بوضوح وصراحة أن الرابطة الكلدانية قررت دعمها للقائمة المذكورة واعتبرتها سندا وظهيرا لها في الانتخابات المقبلة لاختيار ممثلي شعبنا الكلداني في البرلمان العراقي ومجالس المحافظات، كما جاء في البيان.
ولكي تتضح مبررات وأسباب دعم الرابطة الكلدانية ساسلط الضوء على ماهيتها والاستنادات التي اعتمدتها قيادة الرابطة الكلدانية لتنطلق منها لدعم القائمة الكلدانية، وبالطبع من وجهة نظري الشخصية كمحاولة تحليلية.
ماهي منظمات المجتمع المدني؟
لاعتبار الرابطة الكلدانية منظمة مجتمع مدني، لابد من توضيح المفهوم لتقديم صورة عن طبيعة وانواع منظمات المجتمع المدني.
تعد هذه المنظمات أحدى المواضيع أو الميادين الاساسية لعلوم الاجتماع والسياسة والاقتصاد، وقد ازداد الاهتمام في دراستها وتحليلها ضمن الدراسات الاجتماعية في العقدين الاخيرين، وذلك لتطور وبروز دورها في المجتمعات البشرية. وهذا المفهوم، كما غيره من المفاهيم الاخرى في العلوم الاجتماعية لا يوجد اتفاق موحد بين الباحثين في تحديده، فقد تنوعت تعاريفه بحسب طبيعة ونظام الحكم السياسي الذي تعمل في ظله هذه المنظمات المدنية، كأن تكون حكومة ليبرالية أو دكتاتورية ذات الحزب الواحد في السلطة، او حكومة ملكية. فالحكومات تعامل هذه المنظمات باشكال مختلفة، كما يُشير الى ذلك تقرير الوكالة الامريكية للتنمية الدولية عن استدامة منظمات المجتمع المدني لعام 2013 لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
لا افضل الخوض في التفصيلات عن الموضوع الا انه أكتفي بتعريف يكاد ان يكون شاملا أستخلصه الباحث ناصر محمود رشيد في اطروحته للماجستير المعنونة”دور منظمات المجتمع المدني في تقرير المشاركة السياسية في فلسطين” : ( انها جملة المؤسسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعمل في ميادينها المختلفة في استقلال نسبي عن سلطة الدولة وعن ارباح الشركات في القطاع الخاص). واستخلص أيضاً ( يمكن ان ينضم تحت لواء منظمات المجتمع المدني القوى والاحزاب السياسية والمنظمات الاهلية التي تُصنف حسب طبيعتها الى جمعيات خيرية تعاونية ومنظمات جماهيرية ومؤسسات تنموية ومراكز ومؤسسات بحث واعلام وحقوق الانسان وهيئات الدفاع عن حقوق ومصالح مختلفة).
وتُشير الدكتورة ليلى عبدالوهاب استاذة علم الاجتماع في جامعة “بنها” المصرية في محاضراتها المنهجية عن موضوع منظمات المجتمع المدني الى( من المبادىء الدولية التي تحمي منظمات المجتمع المدني هو المبدأ الرابع عن الحق في الاتصالات والتعاون، حيث جاء فيه: لمنظمات المجتمع المدني الحق في تشكيل شبكات وتحالفات والمشاركة فيها من أجل تعزيز الاتصال والتعاون والسعي لتحقيق اهداف مشروعة.). وتُشير الى ما جاء في تقرير اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا ” اسكوا”( ان مؤسسات المجتمع المدني تضم المنظمات غير الحكومية والاحزاب والنقابات العمالية والمعاهد والجامعات المهنية والتجمعات الاجتماعية والدينية والصحافة وكل منظمات القاعدة الشعبية والنوادي الاجتماعية وما ذلك من مؤسسات وتجمعات ومن اهم اركانها تركز على الفعل الارادي الحر والطوعي ).
وفي الدستور العراقي الحديث الذي يضم التناقضات والغموض في مواده القانونية ،جاء في المادة 45 الفقرة الاولى ما ياتي دون أن يوضح ماهية وطبيعة وانواع هذه المنظمات وادوارها، بل أكتفى: (تحرص الدولة على تعزيز دور مؤسسات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها واستقلاليتها، بما ينسجم مع الوسائل السلمية لتحقيق الاهداف المشروعة لها، وينظم ذلك بقانون.).
يمكن ان نستخلص مما تقدم عن منظمات المجتمع المدني فيما يخص موضوع المقال:
الاختلاف في طبيعة المنظمات، تعد الاحزاب السياسية من منظمات المجتمع المدني طالما انها غير حكومية، الا ان بعض الدول لا تعتبرها من ضمنها لاعتبار ان لكل حزب سياسي اجندة تخص اهدافه، والاهم هنا وما يرتبط بموضوعنا هو مبدأ الحماية الدولية لها في منح الحق لها لتشكيل تحالفات والمشاركة فيها والتعاون لتحقيق الاهداف التي ترمي اليها سياسة المنظمة.
ما هي مبررات الدعم؟
أية مؤسسة مهما تكون طبيعتها، لابد ان تتحرك في أنشطتها وفعالياتها انطلاقاً من نظامها الداخلي الذي يحدد فلسفتها لتحقيق أهدافها. أذن لتشخيص العوامل التي دفعت بالرابطة الكلدانية الى دعم القائمة الانتخابية “أئتلاف الكلدان” يستوجب الرجوع الى نظامها الداخلي للوقوف على تلك المواد النظامية التي تخولها للقيام بهكذا نشاط .
ففي المادة الثانية التي تخص التعريف جاء : (هي رابطة مدنية عالمية غير حكومية تعبر عن الهوية الكلدانية وعن الانتماء الى الشعب الكلداني في كل مكان).
واضح جدا نص المادة التعريفية، ان الرابطة تعبر عن الهوية الكلدانية وعن الانتماء الى الشعب الكلداني، فأن أختيارها لدعم القائمة المذكورة باسم ” أئتلاف الكلدان” جاء منسجماً لان كلاهما يعبران عن الهوية الكلدانية وعن الانتماء الى الشعب الكلداني.وفي مثل هكذا نشاط يساعد على ترسيخ الانتماء الاثني لدى الافراد.
ان نشاط الرابطة لدعم القائمة الانتخابية الكلدانية جاء متفقاً مع اهدافها، فهي أنطلقت من المادة الثالثة من النظام الداخلي التي تخص الاهداف، ففي هذه الحالة جاء النشاط لتفعيل وممارسة الاهداف الواردة في النظام.
فالمادة الثالثة الفقرة1 تنص على:(تعزيز البيت الكلداني من خلال حشد واستثمار كل طاقات وامكانيات وخبرات الشعب الكلداني في العراق والعالم). فهي تقوم بجزء من هذا الحشد للطاقات، وهي طاقات المشاركة في العملية السياسية للشعب الكلداني، تلك المشاركة التي تتوجها الاهداف الاخرى. ففي نفس المادة الفقرة 2 تنص على 🙁 العمل على تشجيع وتنمية الوعي القومي الكلداني ) وما جاء في الفقرة4 التي تنص على( العمل من أجل الحفاظ على الحقوق الاجتماعية والثقافية والسياسية للكلدان والدفاع عنها). وأما في الفقرة 10 من المادة نفسها جاء ( تعنى الرابطة بالشؤون الانسانية والاجتماعية والقومية والسياسية، ولن تتحول الى حزب سياسي).
الاهداف المذكورة هي واضحة وصريحة لتبرر ما تقوم به الرابطة الكلدانية من فعالية لدعم القائمة الانتخابية الكلدانية، فمن خلال تشجيع الكلدانيين لممارسة هذ العملية السياسية وتوجيههم لاختيار المرشحين ضمن القائمة التي تُشير الى الهوية الكلدانية كأثنية وتتضمن عناصر حريصة على مصلحة الشعب الكلداني هو جزء من الوعي القومي والتحفيز لنزعة الانتماء الاثني والاعتزاز به. وهي تحافظ على الحقوق السياسية للكلدان من خلال هذه الممارسة وفقاً للنظام السياسي السائد في العراق للمشاركة في صناعة القرار السياسي والتشريعات القانونية في البلد عن طريق الممارسة الديمقراطية بغض النظر عن مدى نزاهتها من عدمه، فالشعب الكلداني هو جزء من التركيبة الديمغرافية العراقية، فهو يخضع الى ما يخضع اليه الشعب العراقي. ولما كانت الرابطة الكلدانية معنية بالشؤون المختلفة ومنها السياسية والقومية، عليه تكون معنية أمام الشعب الكلداني بالشؤون السياسية والقومية لتحقق طموحاته في المجالين ولكن دون ان تتحول الى حزب سياسي، وهذا ما تؤديه في ممارستها الحالية.
أذن ما تقوم به الرابطة الكلدانية في دعمها للقائمة الكلدانية هي عملية ترجمة لاهدافها المنصوص عليها في نظامها الداخلي، مقترنة ممارستها بحماية قانونية دولية كما جاء أعلاه وفق المبدأ الدولي لمنح منظمات المجتمع المدني شرعية التحالفات والتعاون، فمن حق الرابطة التعاون مع أية جهة تراها مناسبة لتحقيق أهدافها كما بينت آنفاً، فالانسب هي تلك القائمة التي تؤكد على الهوية الكلدانية والتي تدافع عن حقوق الشعب الكلداني. دون ان يغيب عن تطلعاتها للسعي لبناء جسور التآخي والمحبة وأحترام الاخروالمساواة مع مكونات شعبنا بدون استثناء كما جاء في المادة الثانية، الفقرة7. ولم يبق امام الرابطة الكلدانية الا بذل الجهود لوضع برنامج مدروس فعال لحشد الطاقات بالتعاون بين فروعها ومؤازريها لانجاح تجربتها في دعم القائمة الانتخابية المختارة. وهثل هذه الممارسة هي قائمة في معظم البلدان المتقدمة، فمثلا الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي في الولايات المتحدة الامريكية لهم مؤسسات خيرية صحية واجتماعية واقتصادية واكاديمية واعلامية وعمالية تعمل لخير الشعب وفي نفس الوقت تخدم الحزب وتسوق سياسته وتدعمه في الانتخابات بكل طاقاتها، ومثل هذه المنظمات هي حصانة الحزب. وهكذا يجري تماماً في كندا مع الحزب الليبرالي والمحافظين والديمقراطي الجديد.
تمنياتي لقائمة ” اتلاف الكلدان ” الفوز في الانتخابات القادمة، مع تمنياتي لفرصة الفوز لقوائم الاثنيات الاخرى من شعبنا الاشورية والسريانية في ظل ممارسة انتخابية نزيهة بعيدة عن المشاعر التعصبية ، بل تعبر عن الانتماء الاثني والاعتزاز به للحفاظ على الهوية الاثنية، مع مراعاة الاحترام المتبادل والتعاون والعمل ضمن أطار السياق الموحد مستقبلاً. وبعيدة عن الضغوطات الجانبية والتهديدات من قبل الاحزاب الكبيرة والمتنفذة سواءاً في الحكومة المركزية في العراق أو في حكومة أقليم كوردستان .
http://www.chaldeanleague.org/

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!