مقالات

البحري الأوحد في البرلمان العراقي

عندما تتابع نشاطات النائب (ياسر الحسيني) تشعر انه البرلماني الوحيد (أو الأوحد) الذي يمتلك خبرات بحرية وملاحية ومينائية مذهلة، وتشعر انه عاش بجوار موانئنا في البصرة، أو على ضفاف شط العرب، ثم تكتشف انه لم يكن من نواب البصرة، ولا من النواب الذين عملوا في البحر، فتزدحم في ذهنك التساؤلات عن سر اختفاء الخبير البحري الخارق الحارق (عامر عبدالجبار) الذي توارى الآن عن الأنظار، ولاذ بالصمت المطبق إزاء الزوابع المينائية وما رافقها من خروقات وتجاوزات وانتهاكات تعاقدية، تناولتها الفضائيات ونشرتها منصات التواصل، وأضحت حديث عامة الناس في مقاهيهم ومجالسهم الخاصة، فكان المتحدث الوحيد عنها هو (النائب ياسر الحسيني)، في حين كان النائب (عبدالجبار) في المرحلة التي سبقت الانتخابات هو المتصدر الاول لكل القضايا المينائية، ولكل المشاريع المرتبطة بها، زاعما انه هو الخبير البحري الذي عمل في 100 ميناء حول العالم. .
كنا نأمل ان نسمعه يتحدث ولو همساً او غمزاً أو بلغة الاشارة عن القوى المحلية التي أجهضت مبادرة الحزام والطريق، وعن تداعيات ميناء الفاو، وعن زحوفات منصة (فشت العيك) في خور عبدالله، وعن تأخر مراحل التنفيذ في مشروع النفق البحري، وعن تردي اعماق ممراتنا الملاحية، وعن مشروع طريق التنمية (من الفاو إلى زاخو)، وعن المليارات المرصودة لمشروع تطوير السكة الحديدية (أي بحجم الاستثمارات الفلكية التي استقطبتها دولة الإمارات في العام الماضي). .
هذه كلها ظل يتحدث عنها النائب الحسيني وحده، ولم تتحدث عنها لجنة النقل النيابية، بينما تجاهلها (عبدالجبار) تماماً، ولم يعد يغرد عنها مثلما كان يشدوا في الفضائيات عن الربط السككي وعن ميناء مبارك. والغريب بالأمر انه لم يتكلم نهائياً عن مشاريع التنقيب الكويتية داخل مياهنا الإقليمية، ولا عن انخفاض ايرادات الموانئ بالمقارنة مع الأرقام القياسية المسجلة في السنوات التي سبقت عام 2020. .
اقوى ما قام به (عبد الجبار) قبل مدة انه كان يبحث مع وزارة التربية عن كيفية حصول موظف متقاعد (73 سنة) على الشهادة الإعدادية في سبعينيات القرن الماضي، والاستفسار من وزارة التعليم عن كيفية حصول ذلك الموظف على شهادة البكالوريوس بالعلوم قبل عام 2003، وتحريك الدعوى القضائية ضد مطار كركوك الدولي. لكننا عندما نأتي إلى الخروقات الكبرى وصفقاتها المريبة نكتشف ان لسانه أكلته القطة، وانحصرت اهتماماته بالأمور الشخصية ورغبته بالانتقام من متقاعد بلغ من العمر عتيا. .
يمتلك الشعب العراقي رادارات ثاقبة، ومجسات وطنية شديدة الحساسية، قادرة على رصد مواقف النواب ومدى تفاعلهم في التعامل مع الأزمات الخانقة والممارسات الخاطئة. .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!