مقالات دينية

الأسئلة الأربعة وإجاباتها

الأسئلة الأربعة وإجاباتها

 1ـ لماذا نصَّلي للشخص آلمتوفي، علمًا بأنه قطع، بوفاته، علاقته معنا ؟.

2ـ لم يأتِ أحدٌ من آلملكوت ولا من آلجحيم ليقول لنا هناك ملكوت وجهَّنم ؟.

3ـ ما آلمقصود بِـ ” الله خلقنا أحرارًا “؟. لماذا يُحاسِبُنا إِذن في آليوم آلأخير؟.

4ـ هل آلكوارثُ آلطبيعية هي لمعاقبة آلإنسان “” ؟.  

¨       ألسؤال آلأول : لماذا نصلي للميِّت ؟

أولا : لمَّا يتحدَّث آلكتاب آلمقدس عن آلموت وآلموتى يُشيرُ عادةً إلى آلهلاك وآلهالكين. أما آلأنسان صورة آلله فروحه خالدة. ما يموت ويفنى هو آلجسد آلترابي:” إنك من آلتراب وإلى ألتراب تعود “، ” لأنَّ آللحم وآلدم لا يمكنهما أن يرثا ملكوت آلله. ولا يمكن للمائت أن يرث آلخلود” (1كور15: 50). أما آلروح فتبقى حيَّة خالدة للأبد، لأنها نسمةٌ من نفس آلله آلأزلي (تك2: 7؛ 3: 19). يبقى آلأنسان حيًّا بجسد روحاني (1كور15: 44). وإِن كان آلميِّتُ حيًّا ، سعيدًا أو تعيسًا، فلا تنقطع علاقة آلحياة بين آلأحياء وآلأموات. كلُّهم أحياء : بعضُهم في آلزمن وبعضُهم في آلأبدية. هم آلسابقون ونحن آللاحقون. وما يوحَّد بينهم هي آلحياة. هو  نفسُه آللهُ آلحَيُّ أبدًا. علاقة آلأنسان هي مع آلله، ومع الذين معه. ففي آلله وبواسطته تبقى آلعلاقة بين أهل آلسماء وأهل آلأرض.

ثانيا : موتُ آلمسيح هو لإصلاح آلعلاقة بين آلله وآلإنسان، ألإنسان الذي في آلزمن أو في آلأبدية. مات آلمسيح تكفيرًا عن خطايا ” آلإنسان ” من آدم إلى نهاية آلعالم. عن آلأنسان ، الذي تاب عن سيرته آلشريرة وإرادته آلملتوية آلسيّئة، وسلك طريق آلله. مات يسوع من أجل  آلموتى الذين قبْله وبعده. وبموته صالح بين آلله وآلتائبين. يسوع دفع ضريبة آلخطيئة آلأصلية، وفتح باب آلتوبة عن آلخطايا آلفعلية،” توبوا، إِقترب ملكوتُ آلله ” (متى3: 17). صلَّى وطلب من آلله أن يغفرَ لجميع آلخطأة آلتائبين :” يا أبتاه إِغفر لهم لأنهم …” (لو23: 34). وبذلك علمنا يسوع أن نحملَ وزرَ خطايا غيرنا ونُكَفِّرَ عنها بآسم يسوع وبحَّق ألمِه وصلبه. و” ما من حب أعظم من بذل آلذات عن آلآخرين”. ليس مُهِّمًّا أنهم بعدُ أحياءُ في آلزمن أو إنتقلوا إلى آلأبدية. ألمهم أن يبقى رباطُ آلأُخُوَّةِ في آلمسيح، بين أعضاء آلكنيسة المُمَجَّدَة وآلمتأَلِّمة.

ثالثًا : فنتيجةَ إستمرار رباط آلأيمان بآلكنيسة آلمُمَجَّدَة يمكن أن يُسعِفَنا آلأموات آلمُخَلَّصون لأنَّ آلملاك يرفعُ أمام آلله صلواتِهم من أجلنا :” وأُعطِيَ آلملاكُ بخورًا كثيرًا لِيُقَدِّمَه مع صلوات آلقدّيسين على مذبح آلذهب أمام آلعرش. فتصاعَد من يد آلملاك دُخَّانُ آلبخور مع صلوات آلقدّيسين أمام آلله ” (رؤ8: 3-4). لأنَّ آلمسيح لا يزال يُخَلِّصُ فيساعد ويُغيث، و معه ومثله يعملُ آلمخَّلَصون. وكذلك آلمؤمنون على آلأرض من آلكنيسة آلمُتألمة يمكنُهم أن يساعدوا إِخوتهم الذين إنتقلوا إلى آلحياة آلأبدية، خاصَّةً آلخطأة منهم الذي تابوا عن ذنوبهم لكنهم لم يدفعوا بعدُ ديونَها، كما فعل لصُّ آليمين بقبول آلامه على آلصليب تنقيةً لآثامِه. فأمثالُ هؤلاء يحتاجون إلى تنقيةٍ وتطهير يرفعهم إلى مستوى آلمطلوب لمواجهة قداسة آلله. ويمكن إغاثتهم وتحمُّل بعض آلتضحيات من أجلهم كما طلبت مريم آلعذراء من رؤاة فاتيما سنة 1917م، وكما فعل آلمؤمنون منذ أيّـام آلرسل فصَلُّوا من أجل موتاهم. وأكثر من ذلك كانوا يعتمدون من أجل موتاهم الوثنيين الذين آمنوا بآلمسيح وكانوا يرغبون ويستعدون لنيل  آلمعمودية بآسم آلمسيح، لكن آلموتَ باغتهم ولم ينالوها. فآعتمد ثانيةً أهلُهم أوأصدقاؤُهم من أجلهم (1كور15: 29).

نحن نجهلُ مصير آلأموات. وإِذ نعلم أن بعضَهم لم يكونوا قدوةً صالحة بسماع كلام آلله ، لكنهم تابوا ولم يلحقوا أن يُكَّفروا عن خطاياهم ، وعليهم أن يدفعوأ هذا آلدين ويحتاجون إلى فترة تنقية قبل مواجهة آلخالق الذي يُخاصِمُهم على أمانة آلحياة وقداستها :” ما دُمتَ مع خصمك في آلطريق سارع إلى إِرضائِه، لئلا يُسَّلِمك إلى آلقاضي، وآلقاضي إلى آلشرطي، فتُلقى في آلسجن. الحَّقَ أقول لك لن تخرج من هناك حتى توفيَ آخر درهم ” (متى5: 25-26). نحن نصَّلي من أجل هؤلاء الذين هم ” ألأنفس آلمطهرية “.

¨       السؤال الثاني :  الملكوت وآلجهنم !

قالوا :” لم يأتِ أحدٌ من آلملكوت ..”. وقال آلكتاب :” قال يسوع لنيقوديمس : ما صعِدَ أحدٌ إلى آلسماء إلاّ أبنُ آلأنسان الذي نزلَ من آلسماء ” (يو3: 13). هذا الذي هو قبل إبراهيم  الذي رأى يومَه (يو8: 56-58). هذا الذي كان ” في آلبدء، وكان عند آلله .. وهو نور آلحقيقة .. وجاء إلى آلعالم ليُنير كلَّ إِنسان .. صار بشرًا وعاشَ بيننا ” (يو1: 1-14).

قبْل أن يأتي آلمسيح لم يرَ آحدٌ اللهَ (يو6: 46؛ خر33: 18-20). كلمَّ الله آلبشرية وكشف لهم بعض حقائق عالم آلغيب على يد موسى وآلأنبياء (خر3: 6-10؛  لو16: 27-29 )، ثم على يد ” إبن آلله نفسِه ” (عب1: 1-2). فنحن رأينا آلله نفسَه في شخص يسوع :”..أنتم تعرفونه وقد رأيتموه… من رآني رأى آلأب ” (يو14: 7-9)، لأن ” أنا وآلآب واحد” (يو10: 30). لقد ” سمعناه ورأيناه بعيوننا. الذي تأملناه ولمسَته أيدينا .. وآلآن نشهدُ له ونبشركم به ” (1يو1: 1-3). ويسوع هو آلذي أخبر وأكد على وجود آلملكوت وآلجهنم.

وقال :” نزلت من آلسماء لأعمل بما يريده مني الذي أرسلني.. أنا هو آلخبز آلحي الذي نزل من آلسماء ” (يو6: 38-51). و” لا أعملُ شيئًا من عندي ولا أقول إلاّ ما علمني آلآب… لأني في كل حين أعمل ما يُرضيه ” (يو8: 28-29).

الملكوت أو السماء :-

إِكنزوا لكم كنوزًا في آلسماء حيث لا يُفسدُ آلسوس وآلصدأ أي شيء. ولا ينقبُ آللصوص ولا يسرقون متى6: 19-21

أطلبوا أولا ملكوت آلله ومشيئته وآلباقي كله يُزاد لكم  متى6: 33

من ترك بيتًا أو إمرأةً أو إخوةً أو أبًا أو أمًّا أو أولادًا من أجل ملكوت آلله نال … لو18: 22

هنيئًا للمضطهَدين من أجل آلحق لأنَّ لهم  ملكوت آلسماوات  متى5: 10

تعالوا يا مباركي أبي رثوا آلملكوت ألمهَيّأُ لكم منذ إنشاء آلعالم  متى 25: 34

الجهنم :-

إبتعدوا عني يا ملاعين إلى آلنار آلأبدية المُهَيَّأة لأبليس وأعوانه  متى25: 41

إِن شككتك عينك فآقلعها … خير لك أن تفقد عضوا من أعضائك ولا يُلقى جسدك كلُّه في جَهَّنم   متى5: 29-30

إِذا أوقعتك يدك، أو رجلك أو عينك، فأقطعها أوإقلعها، فخير لك أن تدخل آلحياة ولك يدٌ واحدة ( أو…) من أن يكون لك يدان (أو …) وتذهبَ الى جهَنَّم ، إلى نارٍ لا تنطفئُ، حيث آلدود لا يموت وآلنار لا تنطفئ    مر9: 44-48

خافوا من الذي يقدر أن يُهلك آلجسد وآلنفس معًا في جهنم  متى10: 28

أربطوا يدَي الذي لا يلبس ثياب آلعرس ورجليه وآطرحوه خارجًا في آلظلام، هناك آلبكاء وصريفُ آلأسنان  متى22: 13

¨       السؤال آلثالث : الحرية وآلمحاسبة !

قالوا : لماذا يُحاسبُنا آلله إن كان قد خلقنا أحرارًا ؟. ماذا تعني آلحرية ؟.

الحُرِّيةُ شيءٌ وآلمحاسبةُ شيءٌ آخر. نحن أحرار لأنَّ الله خلقنا على ” صورته ومثاله “، كائنًا ناطقًا، عاقلاً ، ذا إرادةٍ خاصَّةٍ به، يختارُ طريقةَ عيشه ونوعيةَ عمله، دون أن يُرغَمَ عليه. ليس آلأنسان إنتاجًا تقنيًا بآلجملة في آلمعمل حتى يكون لكل الناس نمطٌ واحد في آلعيش وأداءٍ مشترك مع أمثاله لا يقدر أن يُغَّيره. كل إنسان فرد، كل شخص، هو كائنٌ قائمٌ بذاته رغم ولادته من غيره أو إِنجابِه لغيره. لا يوجد كائنان متشابهان كليًا ونهائيًا. حتى آلتوائم يختلفان في آلهواية وغير ذلك، إِذ لكل واحد خصوصيته تُـمَيِّـزه عن آلثاني. والسبب طريقة آلتفكير وآلرغبة وحرية آلإختيار.

وبكونه صورة لله فهو مدعو إلى آلعيش في آلحَّق وآلبر الذي تتمتع به قداسة آلله. يدعوه آلله إلى تحقيق ذلك لا ليتمجَّدَ هو. لا. مجدُ آلله في ذاتِ جوهره : من قدرته ومعرفته ومحبته. بل ليتمتع آلإنسان مثل آلله بآلراحةِ وآلمجد وآلهناء، أبديًا. ولكن لا يفرُضُه عليه رغمًا عنه، أي غريزيًا. لو فعل لما كان آلإنسان حُرًّا. أراد آلله أن يكون آلإنسان حرًّا، صورةً بديلة له. ولكي لا يتوهم آلإنسان بين آلخير وآلشر، كشف آلله له ذلك. ودعاه أن يختار آلخير. لكن  آلإنسان سلك سبيل آلشر فشوَّه صورَة آلله. أصبحت لا تتماشى مع حياة آلله آلأصلية. كان قد  نبَّهه على آلشر وحذَّرَه منه، لكن آلإنسان إختار أن يُحَقِّقَ راحته ومجده كما يحسبُها هو. تشوَّهت آلحياة. وأحَسَّ بها آلأنسان أولاً، فآختبأ عن نظر آلله، وآنسحبَ من حضرته (تك 3: . ليست حياة آلإنسان من ذاته. إنها نسمةٌ من نفس آلله (تك2: 7)، لا يقدر آلإنسان أن يُغَّير حياتَه، أو يخسر نعمة آلله.

لا توجد حَقًّا مُحاسبة، بقدر ما يظلُّ آلله يحترم حرية آلإنسان الذي يختار آلبعدَ عنه. لقد فتح له مخرجًا لئلا يهلك للأبد. فتح له باب آلتوبة. أمَّا أن يرضخَ آللهُ لمشيئة آلإنسان وقد أخطأ فلن يحدثَ، لأنَّ الله قدوس لا شرَّ فيه، ولا أنانية ولا كبرياء ولا عن*ف. وآللهُ سيِّدُ آلحياة لا آلإنسان. فآلمحاسبة هي لسوء آلإختيار، لرفض آلله رغم تحذيره، لا للحرية التي يحترمها حتى للخطأة. إن كانوا لا يريدونه لا يفرضُ آللهُ نفسَه عليهم. إن كانوا قد إختاروا آلبعدَ عن راحته، هم أحرار، ولكن بئسَ آلمصير.

¨       السؤال آلرابع : ألكوارث وآلعقاب !  

 لقد تعَوَّد آلناسُ، من عهد نوح، أن يروا في آلكوارثِ وآلأوبئة عقوبةً للإنسان بسبب شَرِّه

وسوءِ تصَرُّفِه. لا ليست آلكوارث عقوبة. بل هي نتيجة حتمية لخطيئة آلإنسان. لأنَّ خطيئة آلإنسان بلبلت نظام آلكون. وكما تشوَّه فكر آلإنسان إضطربت أيضًا آلعلاقةُ بين آلكائنات. لقد ساءَ آلإنسان في آلسيادة على آلكون. إستعمل آلعن*ف وآلتعالي عوض آلعقل وآلمنطق آلألهيين. لا يستسيغُ آلكونُ أسلوبَ آلإنسان آلخشن وآللآ طبيعي. وكما نبَّه آلله وحذَّر فآلخطيئة تَثبُتُ وتجُرُّ معها عقابَها. فابليس الذي حاربَ آلإنسان منذ خلقه، لا يُقَّصِرُ في جلب آلويلات وآلكوارث على آلبشر لِيُبيدهم. فآلكوارث ثمرةُ آلإضطراب الذي تُسَبِّبُه خطايا آلناس، وعدم سماع كلام آلله في آلتوبة، وعدم سلوك طريق آلحَّق وآلبر. بينما إرتاحت آلطبيعة وكائناتُها وأراحت من تعاملَ معها بأسلوبٍ إلهي. القديس فرنسيس آلأسّيزي حاور آلطيور، وتعامل بلطف مع آلحيوانات آلمفترسة، وجعلَ آلذئبَ مسالمًا و حاميا للمدينة !.

وحتى آلبشر الذين عادوا آلمسيح إحترموه وحاموه.

بجانب ما تقدَّم تبقى آلكوارثُ وآلأوبئة علاماتٍ للآنسان أنه ليس هو صاحبَ آلكون، بل هو وكيلُ آلله عليه ليفلحَه ويُداريَ كائناته حتى يسود آلإخاءُ وآلسلام بين جميع آلأطياف. ودعوةً لكي يحترم عملَ آلله ويُقَدِّسَه ليستفاد منه. وهي أيضًا دعوةٌ للآنسان  ليتنازل عن كبريائِه، و يتراجع عن سوءِ تصرُّفاتِه، ويسمع كلام آلله ويثقَ به. تبقى آلكوارثُ تنبيهاتٍ للآنسان تحَذِّرُه من مغَبَّة آلثقة آلزائدة بنفسِه إلى درجة تأليه ذاتِه. مهما عَلِمَ آلإنسان وقدر وعمل، لن يبلغ مستوى ذات آلله، فلا يُحاول أن يتنافس معه، وكم بآلحري ألا يُعاديَه. تدعو آلكوارثُ إلى آلأيمان ” الذي به شهد آللهُ للقُدماء ” (عب11: 1)، وإلى آلمحبة التي علامتها آلصليب الذي هو قدرة آلله و حكمته (1كور1: 18-20)، وإلى آلأخلاق التي نموذجُها آلمسيح (في2: 5-12). وخاصَّةً إلى آلصبرِ وآلثقةِ بآلله :” ستُعانون آلشِدَّةَ في هذا آلعالم. تشَجَّعوا أنا غلبتُ آلعالم ” (يو16: 33).

القس بـول ربــان

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!