مقالات دينية

تغيير يوم الرب من السبت إلى الأحد

وردا اسحاق

تغيير يوم الرب من السبت إلى الأحد

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( إذكر يوم السبت لتقديسه ، في ستة أيام تعمل وتقوم بجميع أعمالك . وأما اليوم السابع فهو السبت للرب إلهك ) ” تث 5: 12-15 ” .

أمر الله شعبه في العهد القديم أن يحفظ يوم السبت ويجعله يوم الراحة والأستراحة من الأعمال ، لأنه مخصص للرب . وعندما أخرج شعبه العبري من مصر أرض العبودية في اليوم السابع أيضاً أمر بحفظ ذلك اليوم تذكاراً براحته بعد خلق العالم ، فالله الذي خلق الكون كله في ستة أيام أيضاً أستراح في اليوم السابع من عمله . لنسأل ونقول : الله روح وليس له جسداً لكي يشعر بالتعب والإرهاق ، وكل شىء خلقه بالكلمة الناطقة ( كن ، فكان )  فماذا يعني بلفظة ( أستراح ) ؟

المقصود هو ليس الله لكي يستريح ، بل الإنسان الذي خلقه على صورته هو الذي يحتاج إلى الراحة لجسده لكي يتفرغ لروح للعبادة فيستراح من عمله هو والحيوانات التي تعمل معه . ففي يوم راحة الجسد يتفرغ الإنسان لعبادة الخالق فيقدم له الشكر ويرفع له التسبيح ، والصلوات والطلبات والتقدمات . إلتزم الإنسان بحفظ يوم السبت من عهد موسى إلى العهد الجديد . لكن الرب يسوع الذي هو رب السبت جعل السبت لخدمة الإنسان وليس الإنسان عبداً للسبت ، لذا نقرأ عن المسيح بأنه كان يخرق القوانين الخاصة بحرمة يوم السبت ، رغم كونه لم يتهاون في تقديس يوم السبت ، بل اعطى له مفهوماً جديداً لم يرضى به اليهود . أفهم الفريسيين وغيرهم بعمل الخير في يوم السبت ، كعمل الشفاءات ومساعدة المحتاجين وكل عمل صالح لأنه يوم للرحمة  . وقال ( إبن الإنسان هو رب السبت ) ” مر28:2″ . فبما أنه رب السبت ، إذاً له حرية التصرف بالسبت في نقيضه وإلغائه ، لأن جوهر الوصية لا في تعيين اليوم ، ( يوم العبادة ) بل في واجب العبادة نفسها . كما بيّن يسوع أفضلية الإنسان على السبت جعل لأجل الإنسان لا الإنسان لأجل السبت .

كان يسوع يعمل أكثر معجزاته في يوم السبت متعمداً فشفيّ المرضى وطرد الشياطين وفتح أعين العميان في ذلك اليوم رغم معارضة قادة اليهود له ، غايته لم تكن تهدف إلى نقض قوانين الشريعة ، بل ليكملها ، لهذا قال ( لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء ، ما جئت لأنقض ، بل لأكمل ) ” مت 17:5″ هذه كانت غايته في تحويل السبت إلى يوم الأحد جاعلاً هذا اليوم هو يوم الرب ويوم الراحة والصلاة ، بل صار يوم عطلة في العالم المسيحي كله بعد أن تبارك بقيامته المجيدة التي سجل بها أعظم أنتصار ، لأن في ذلك اليوم تم الخلاص للبشرية ( مت 1:28) والأحد كان اول يوم الخليقة ، هكذا يسوع بقيامته أسس عهد جديد وإيمان جديد ، بل شريعة جديدة تكمل القديمة  ، وظهوراته الكثيرة بعد القيامة لمختاريه كانت في يوم الأحد ، وكذلك حلول الروح القدس في يوم العنصرة على التلاميذ كان في يوم الأحد ، يوم الرب ( رؤ 10:1) . وفي الأحد كانت الكنيسة الأولى تجتمع لكسر الخبز وتناوله ( أع 7:20 ) . وهكذا بدأ الشعب المسيحي يعبد الرب في يوم قيامته وإنتصاره وإعداد المائدة المقدسة ( الأفخارستيا ) على مذابح الكنائس وتناولها في يوم الأحد . وفي ذلك اليوم يتمتع المؤمن براحة الجسد والنفس ، كما عليه القيام بأعمال الرحمة ومساعدة المحتاج ، وزيارة المرضى ، وتعزية الحزانى ، لا بأس إذا قام المؤمن بعمل ضروري يضطر إلى القيام به كما فعل التلاميذ عندما قطفوا سنابل القمح بسبب جوعهم ( مت 12: 1-8) . هذا كمرحلة أولى لألغاء السبت ، أما المرحلة الثانية . كان الرسل في البداية يجتمعون مع اليهود في المجامع أيام السبت ، وهذا أمر طبيعي لعدم وجود معابد مسيحية يجتمعون بها ، لكنهم وكما نقرأ عن إجتماعاتهم مع بعضهم كمسيحيين أيام الأيام الأحد  ( طالع أع 7:20 ) وذلك لكسر الخبز . أي الأشتراك بالمائدة المقدسة ، وإذا أصبح يوم الرب بدل السبت قبل وبعد القيامة فالسبت كان ظلاً ليوم الأحد الذي أحتل مكان السبت في زمن النعمة والمصالحة . قال الرسول بولس عن السبت ( فلا يحكم عليكم في أكل أو شرب ، أو من جهة عيد أو شهر أو سبت فهذه كانت ظلاً لما سيأتي ) ” قول 16:2″ . فعلى كل المسيحيين أن يلتزموا بيوم الأحد الذي أختاره الرب يسوع قبل الصلب ففي الأحد دخل إلى أورشليم في أحد السعانين ، كان يوم النصرة وإكتمال نشر رسالة الملكوت . في فجر يوم الأحد المدعو أول الأسبوع قام المسيح من القبر ( لو 24: 1-23 ) نتراءى لمريم المجدلية أولاً ( مر 16 : 2، 6 ، 9 ) وحلول الروح القدس في يوم الخمسين بعد القيامة ( أع 1:2 )  أما الرائي يوحنا فكتب عن يوم الرب قائلاً ( كنت في الروح في يوم الرب ، وسمعت ورائي صوتاً عظيماً كصوت بوق ) ” رؤ 15:1 ” إنه اليوم الثامن بعد السابع ، يشير هذا اليوم إلى الدخول في الراحة الأبدية في المجد السماوي . لم يحصل الخلاص للإنسان في السبت أي في عهد الناموس ، بل في الأحد عهد النعمة . أما الباقون على يوم السبت كالسبتيين الأدفنتست فلا يعتبرون مسيحيين هم وجماعة شهود يهوه المنشقة منهم ، هم أيضاً لا يعتبرون أنفسهم مسيحيون بل شهود يهوه .

تاريخياً ، جعل يوم الأحد رسمياً يوم الرب بعد إتفاق الآباء القدامى يرتينوس الشهيد ( 140 م ) والقديس إيريناوس ( 155م) وميليتو أسقف ساردس في القرن الثاني أيضاً وترتليلنوس ( 200م ) فذكر يوم الرب صراحةً بأنه هو يوم الأحد وقد ثبته الأمبراطور قسطنطين بعد إيمانه بالمسيح فأصدر مرسوماً جعل يوم الأحد هم يوم عطلة رسمية في البلاد كله .

يشهد على الأنتقال غلى الأحد ، كاتب كتاب ( تعليم الرسل الأثني عشر ” ديداكية 22:14 ” وأغناطيوس الأنطاكي ” حوالي 610 م ”  ويوستيفوس الشهيد النابلسي ” حوالي 150 م ” وديونيسيوس أسقف قورنثس ” سنة 170 م ” وأكليمنضرس الأسكندري ” حوال 194م ” وميليتو الساردسي ” أول القرن الثامي ” وهيروثيموس وترتليانوس وأوسابيوس المؤرخ وغيرهم .

في المرحلة الأخيرة نقول  : الشعب العبري أرتاحوا في يوم السبت عندما دخلوا أرض الميعاد التي وهبها الله لذرية إبراهيم فإتاح هناك من ظلم المصريين وأصبح الشعب حراً وله ارض فأرتاح جسدياً ، لكن الله يريد للأنسان ما هو أسمى ، وهو الراحة الروحية الأبدية ، إذاً يحتاج إلى يوم جديد للعبادة والأستعداد للدخول إلى أرض جديدة مع خالقه ، لهذا قال صاحب المزمور ” 24:118 “

( هذا هو اليوم الذي صنعه الرب ، نبتهج ونفرح به )

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!