مقالات

بعد مرور يومين على اليوم العالمي للهجرة / مؤسسات الاتحاد الأوربي تتفق على قضم حقوق اللاجئين

في العشرين من الشهر الحالي، اتفقت مؤسسات الاتحاد الأوربي ودوله الأعضاء على “إصلاح” نظام اللجوء الأوروبي المشترك. لقد وافق البرلمان الأوروبي على إجراءات التشديد القصوى التي قررها وزراء داخلية الدول الأعضاء في حزيران وتشرين الاول الفائتين. وبهذا اختممت ما يسمى بالمفاوضات الثلاثية بين الدول الأعضاء وبرلمان الاتحاد الأوروبي ومفوضية الاتحاد الأوروبي. يقوض الاتفاق المعلن، بشكل كبير حماية اللاجئين في أوروبا ويُظهر تحول فعلي نحو اليمين في أوروبا.
ينبغي ان تقر مؤسسات الاتحاد الأوربي التشريعية (البرلمان الأوربي ومجلس الاتحاد الأوربي) الاتفاق السياسي في ربيع عام 2024. ومن المتوقع أن تدخل هذه اللوائح حيز التنفيذ بعد 24 شهر، وتصبح مباشرة نافذة المفعول. وفي غضون عام 2026، ستصبح معسكرات اعتقال اللاجئين في أوروبا حقيقة مرة. إن اعتماد هذه التشريعات سيعني أن إجراء تدابير اللجوء في معسكرات الاحتجاز ستكون الزامية، وستنخفض معدلات الحماية إلى أقل من 20 بالمائة.

الاتفاق خضوع للفاشيين الجدد واليمين المتطرف
اعتبرت كتلة اليسار في البرلمان الاوربي الاتفاق خضوعا للفاشين الجدد واليمين المتطرف، من أمثال ميلوني، رئيسة الوزراء الفاشية الايطالية، ورئيس الوزراء الهنغاري فكتور وأوربان. ودفن الحق الشخصي في اللجوء. وأكد بيان الكتلة ان سرعة التوصل إلى الاتفاق تأتي على حساب تفكيك حقوق الإنسان في أوروبا. وسوف لن يوقف الاتفاق الهجرة القسرية بسبب الاضطهاد والحرب والفقر. وستكون للاتفاق عواقب بعيدة المدى على حقوق المهاجرين في العقود المقبلة وعلى معايير حقوق الإنسان التي يدعي الاتحاد الأوروبي أنها قيم، ولدت من رماد وأهوال الحرب العالمية الثانية.
وفي ختام البيان تم التشديد على أن قوى اليسار تناضل من أجل سياسة هجرة إنسانية قائمة على التضامن وتقترح بدائل، تمكن الناس من القدوم إلى أوروبا بكرامة. ووصف كونستانتينوس أرفانيتيس، عضو كتلة اليسار عن حزب سيريزا اليوناني بأنه “ غوانتانامو أوروبي برعاية أوروبية قانونية”. ومرة اخرى “تفشل اوربا في ضمان التضامن وحماية البلدان المستقبلة كاليونان، وعندما تبحث عن تضامن حقيقي، فلن تجد سوى النفاق”
ورفضت عضوة البرلمان الأوربي عن حزب اليسار الالماني كورنيليا إرنست بسخط ما يسمى بالاتفاق على “نظام اللجوء الأوروبي المشترك”: “يعد هذا الاتفاق أكبر تشديد لقانون الهجرة اللجوء الأوروبي منذ تأسيس الاتحاد الأوروبي. في المستقبل، سيتم احتجاز طالبي اللجوء على الحدود، بما في ذلك الأسر التي لديها أطفال من جميع الأعمار. و يجب بعد ذلك ترحيل الأشخاص، من هناك، كما ينبغي مباشرة إلى ما يسمى بـ “الدول الثالثة الآمنة” وهذا يعني أن حق الفرد في اللجوء قد مات بحكم الأمر الواقع”.
موقفان متناقضان
قالت رئيسة تحالف سومار الاسباني ونائبة رئيس الوزراء الاسباني يولندا دياز: “لا يمكن إضفاء الطابع النسبي على حقوق الإنسان. وباتفاق الهجرة هذا، يظل البحر الأبيض المتوسط مقبرة جماعية كبيرة. إنه اتفاق يؤدي إلى جعل حياة المهاجرين والمشروع الأوروبي أكثر سوءا، وبالتالي لا يمكننا أن ندعمه”. وخلصت نائبة رئيس الوزراء الاسباني إلى القول، بهذا الاتفاق تكون أوروبا قد “استسلمت لأجندة اليمين المتطرف”، و “لا أعتقد أنه ينبغي التوقيع على الاتفاقية”. وعلى النقيض من نائبة رئيس الوزراء، قال وزير الداخلية الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا غوميز: “إن مواطني الاتحاد الأوروبي يطالبون حكوماتهم بالتعامل مع تحدي الهجرة ويمثل اليوم خطوة كبيرة في هذا الاتجاه”.
من الواضح أننا إزاء موقفين متناقضين داخل الحكومة الاسبانية، يعكس التباين في الرؤى بين قوى اليسار والوسط التي تشكلها. وجاءت، مواقف أحزاب التحالف الحاكم في المانيا، بما في ذلك حزب الخضر الذي كان يوما داعما للاجئين، ويشدد على مناهضة السياسات المعادية للأجانب، تكاد تكون متطابقة مع مواقف اليمين، وقد جسد ذلك تصريحات وتغريدات المستشار الالماني، ووزيرتا الداخلية ووزيرة الخارجية في حكومته.
موقف منظمات الدفاع عن اللاجئين
لقد عبرت المنظمات الاجتماعية ومنظمات الدفاع عن حقوق اللاجئين عن رفضها الشديد للاتفاق. على سبيل المثال، أشارت جمعية كاريتاس التابعة للكنيسة الكاثوليكية الأوروبية إلى أن الإصلاح لن يحل مشكلة اللجوء في الاتحاد الأوروبي، ولكنه سيقيد الحصول على اللجوء وحقوق الذين يطلبون الحماية. وقالت ماريا نيمان، الأمينة العامة لكاريتاس أوروبا: “نحن قلقون بشأن التأثير الكبير الذي يمكن أن يحدثه الاتفاق على أولئك الذين يبحثون عن الحماية في أوروبا”.
وقال فيليكس براونسدورف، خبير اللاجئين والهجرة في منظمة أطباء بلا حدود: “اليوم، يوم كارثي للفارين من الحرب والعن*ف”. و”بواسطة إصلاحات اللجوء، يعتمد الاتحاد الأوروبي على معسكرات الاعتقال والأسوار والترحيل إلى بلدان ثالثة غير آمنة. وهذه تسوية على حساب حقوق الإنسان”.
وعيرت منظمة “بروازيل” المدافعة عن اللاجئين عن رعبها من مضمون الاتفاق، وشاركت المنظمات الأخرى نقدها لمحتواه. وذكرت في ختام بيانها بالجهود التي بذلت، والاصرار على الاستمرار في الدفاع عن حق اللجوء: “لقد ناضلنا معكم على جميع المستويات”. و”وأعلمنا الرأي العام بالخطط وتظاهرنا في العديد من الأماكن، وكتبنا باستمرار إلى السياسيين، وقدمنا هذا الشهر أكثر من 40 ألف توقيع على مذكرتنا للبرلمان الاتحاد الأوروبي. والآن؟ الآن يستمر التزامنا بحماية اللاجئين بشكل أكبر”.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!