مقالات دينية

لم يعد الألم شراً في حياتنا

لم يعد الألم شراً في حياتنا

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( من أراد أن يحفظ حياته يفقدها ، ومن فقد حياته يخلصها ) ” لو 33:17″

يعتبر الألم والعذاب والمرض من نصيب جميع البشر . وإن كان هناك للألم والمرض أنواع ، فإيماننا المسيحي يقودنا إلى تحمل آلام هذا الدهر ، فعلينا أن لا نشوّه معنى العذاب الذي نعيشه

ولا نقلّل من وطأته ، كذلك يجب أن لا نبحث عنه ونتلذذ به لتعزيز إيماننا ، بل أن نجابهه ونتحمله من أجل من حمل الآلام من أجلنا . عذاب الألم المفروض علينا بسبب إيماننا يعتبره المجتمع شراً ، أما لدى المؤمن فلم يعد الألم شراً مطلقاً ، وحتى وإن كان ظلماً ، فالألم يعطي الأمل للوصول إلى الله ، الألم والشر والظلم في حياتنا الحاضرة نعتبرها صلبان ثمينة فعلينا تحملها بكل صبر ، كذلك الموت مخيف لمن لا رجاء له ، أما المؤمن فيعتبره ربحاً ، لأن بعد الموت هناك قيامة . سيقوم كما قام المسيح ، تقول الآية ( وإن كان الروح الذي أقام المسيح من الأموات ساكناً فيكم ، فالذي أقام المسيح من الأموات سيحي أجسادكم المائتة أيضاً بروحه الساكن فيكم ) ” رو 11:8 ” .

  العذاب هو من نصيب الإنسان ، بدأ معه بعد سقوط الأبوين ، لهذا فهو نصيب الوجود البشري في هذا العالم . وحتى الحب يرافقه العذاب . وبالعذاب يأتي المولود إلى هذه الحياة . ولماذا يريد الإنسان ان يبقى بدون ألم ؟ للألم معاني ودروس مهمة لمن يفهمها قد تنتهي بالسعادة . فآلام يسوع وموته أنتهت بالقيامة والحياة الجديدة . هكذا آلامنا تحمل معنى وغاية ، ستنكشف لنا في حياتنا الزمنية وفي الأخرة .

   عندما نتألم بآلام يسوع سنرى في الألم معنى ، وهدف لا بد من إدراكه وفهمه ، وذلك عندما نكشف أن الله حاضر معنا ، وفي إمكاننا أن نلتمس وجوده في الظلام أو في الحزن والألم . أي ليس العذاب في حد ذاته إشارة إلى أن الله غائب عنا . ولم يكن الله غائب عن ابنه المصلوب الذي جعل من عذابه طريقاً لكل من يؤمن به إلى السماء حيث الحياة الأبدية . أي أن الله ينفذ في داخل الألم ليحوله إلى فرح ، رغم شعورنا بالخذلان وقت التجربة ، فعلى المؤمن أن لا يعرف طريقاً للتهرب من العذاب ، بل يعرف طريقاً يؤدي به إلى ما وراء العذاب ، فنقاوم الألم بالصبر متضامنين مع يسوع المتألم على الصليب . والمسيحية بدون صليب لا معنى لها . وفي وقت الألم والضعف نستطيع أن نلتقي مع الله .

   الله لا يكشف ذاته للأقوياء والأغنياء والمترفهين في القصور ، بل للمُفدين يكشف ذاته . أنه أب ومُخلّص يتضامن مع الإنسان المتألم الضعيف . فأين أتضح هذا التجلي الإلهي مع الضعيف ؟  أتضح على الصليب إتضاحاً تاماً أن الله يقف إلى جانب الضعيف ، والمريض ، والفقير ، والمظلوم ، أنه يهب نعمته للمرفوضين والمسحوقين وللمتألمين ,

    محبة الله لنا لا تحمينا من الألم ، بل تحمينا في الألم ، وهكذا يبدأ في الحاضر ما لا يكتمل إلا في المستقبل ، أي تبرير الإنسان ، والإنسان يجب أن يصمد في إيمانه لكي لا يشعر بعذاب الألم ولكي يستعيد إيمانه ويوقظه ويصونه كلما ضعف وحتى في أحلك الظلمات .

    نشاهد في هذا العصر إنتشار الحروب والظلم والبؤس والجوع والإستغلال ، لكن هناك مؤمنون يتحدون لأيمانهم بأن لله سلطة وغاية على تلك الظروف . فالحكام المستبدين الذين يسودون عليهم  ويتحكمون بعيشتهم ، لكنهم يؤمنون رغم ذلك بأن المسيح هو السيد الحقيقي ، لأن روح الله الساكن فيهم هو مقياس فكرهم وإرادتهم ، وأن الله سيزيل كل تلك السلطات لكي يكون هو سيدهم الوحيد . هكذا قال لنا الله في الصفحات الأخيرة لكتابه المقدس ( يسكن الله معهم ويكونون له شعباً ، الله معهم ويكون لهم إلهاً ، ويكفكف كل دمعة تسيل من عيونهم ، لم يبق للموت وجود ، ولا للبكاء ، ولا للصراخ ، ولا للألم ، لأن العالم القديم قد زال ) .

ولربنا وإلهنا كل المجد .

التوقيع : ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1″  

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!