احتفالية (قورما ) من موروثنا الشعبي

الكاتب: joni_kangaro_
(قورما )

طقس أو لعبة من ألعابنا الشعبية الأصيلة والتي تعود إلى غابر الأزمان والعهود وكانت تمارس بأجواء قرانا الكلدوآشورية وخلال ليلة رأس السنة البابلية الآشورية (اكيتو ) قبل الميلاد ومن ثم تحول الاحتفال بها إلى ليلة رأس السنة الميلادية أي بمثابة احتفالاتنا الحالية بعيد رأس السنة وطقوسه المتشعبة من عمل المغارة أو شجرة الميلاد (كرسمس) أو التنكر بزي القديس الخيالي بابا نوئيل وغيرها ، وخلال أجواء هذه الليلة الشتوية والثلجية القارصة والتي كانت تحل على أجواء قرانا الجبلية ، وهذه الممارسة المحببة من النفس والجميلة كانت جزء يسير وبسيط من سفر امتنا الفلكلوري المجيد والذي يفرض علينا أمانة الحفاظ عليه بأي شكل من الأشكال من الاندثار والنسيان والسطو والسرقة لأنه وعلى اقل تقدير يسهم وبشكل فعال في بلورة وتجسيد هوية امتنا بتراثها الزاخر ، وكما أسلفنا في مناسبات أخرى فكان لقرانا عادات وممارسات وتقاليد اجتماعية ربما كانت تتميز بطابع البساطة والفكاهة من حيث المعالم والممارسة الظاهرة للعيان ولكنها من حيث المعنى تزخر بكثرة السمو القيم العالية ، وأبناء قرانا حافظوا عليها وكأنها أمانة ما بعدها أمانة ومستمدة من جيل لآخر مثلما حافظ على حياته وحاجياته ومارسها وخلال ظروف مختلفة . و( قورما ) كلمة سريانية تعني سلاح المسدس وهنا تعني قطعة أو لوح خشبي متوسط الحجم وغير هندسي الشكل والأبعاد وهذه القطعة الخشبية كانت توضع وخلال ليلة رأس السنة الميلادية وسط البيت ويلتم عليها أفراد العائلة بعد أن تهيأ كافة مستلزمات تلك الليلة الشتوية السعيدة والمؤثرة في نفسية ومخيلة أبناء العائلة وبالأحرى الأطفال منهم وتحضر سفرة غذائية دسمة مليئة بكل ما لذا وطاب من الفواكه المجففة آنذاك لعدم وجود الثلاجات الحالية مثل المشمش- الرمان -الكمثري- السفرجل- الجوز – التفاح -الزبيب -وكرس التين – إلى جانب حب الشمس والحب الخضراء ( البطم )بنوعيه الكبير والناعم والبلوط المشوي والأكلات الأخرى ، وكان هذا الطقس من بطولة آخر عنقود العائلة ( الطفل الأصغر) والذي كان ليلتها يحمم و يلبس الملابس الجديدة ويزين بأبهى صوره ويوضع على ذلك اللوح الخشبي ( قورما ) ومن من ثم تبدأ الهلاهيل والزغاريد والتصفيق والغناء والرقص وهم يحومون حول الطفل السعيد المركون على القورما ونثر الحلوى على رأس الطفل ومن ثم تبركته بالميلاد ورأس السنة وبعدها يجلس الحضور حول السفر المعد وعلى مقربة من المدفئة الخشبية التي كانت تتوسط البيت وكانت أحيانا تجعل من أجواء جهنم لا يطاق من شدة الحر ، ووسط هذه المشاعر الدافئة والجياشة كانوا يحيون هذه المناسبة وعلى طرقهم الخاصة والبهجة تغمرهم تاركين كل المشاكل والخصومات والنزاعات يطويها العام الفائت ويطهرون قلوبهم من كل أثم انطلاقا من تلك الليلة السعيدة وكأنها إن صح التعبير ليلة التكفير عن الذنوب والابتداء بصفحات ناصعة البياض ، والمغزى من الطفل الصغير كونه آخر العنقود ويفرح أكثر بإسناد البطولة إليه خلال هذه الليلة بالذات ، اللوح الخشبي يعني إن هذا الطفل بمثابة جذع الشجرة للبيت وسيكون ملاصقا ومتجذرا في الأرض والبيت على عكس الآخرون الذين سيتزوجون ويغادرون على حال سبيلهم ، لكنه هو سيرث البيت وهو جذع البيت أساسه (قورما دبيتا ) بالسريانية وسيظل موجودا بصحبة الوالدين ولن يبرح البيت على حد فكرهم ، وكانت المراسيم تمتد حتى منتصف الليل حتى تنقلب السنة للعام الجديد ويهنئون أنفسهم والآخرون بالعام الجديد وما يحمله لهم من آمال وطموحات وسعادة وشقاء وتعاسة وغيرها من المعاني والدلالات….
ملاحظه ..اما نحن فنحتفل بهذا العيد في ليلة عماذ الرب
 الكاتب بدران امرايا
ارجو تصحيح اي ملابسات في الموضوع اذا وجدت لان الموضوع منقول كما هو مكتوب
اخوكم جوني
..