مقالات دينية

صوم الباعوثة ܒܥܘܬܐ

الكاتب: وردااسحاق

صوم الباعوثة ܒܥܘܬܐ


بقلم / وردا أسحاق عيسى

وندزر – كندا

يونان

 

( سيقف أهل نينوى يوم الدينونة مع هذا الجيل ويدينونه ، لأنهم تابوا لما أنذرهم يونان . وها هنا أعظم من يونان ! ) ” مت 41:12″

باعوثة ܒܥܘܬܐ كلمة آرامية تعني رفع الطلبات والتذرع والأستغاثة .

الصوم يعني الزهد والتقشف لأجل معايشة الفقير الجائع ، فينقطع الصائم إرادياً من الطعام والشراب ، كما على الصائم أن يصوم فترة الصوم ، صوم الحواس لأبتعاد النفس عن الأفكار الرديئة وهذا ما يحتاجه الروح والذي يتناقض مع أحتياجات الجسد وشهواته .

صوم الباعوثة مدته ثلاثة أيام ويسمى بصوم نينوى لأنه مرتبط بأنذار النبي يونان لأهل نينوى والذي حثهم الى التوبة لأن خطيئتهم أرتفعت الى محضر الله وحسب قول الرب ( لقد صعد شرهم أمامي ) ” يون 1:1″ . وأحذرهم قائلا ( بعد أربعين يوماً تتدمر المدينة ) ” يون 4:3″ .

ألتزم أهل نينوى بأقوال يونان فصام وصلى الجميع من كبيرهم الى صغيرهم وحتى حيواناتهم . لما رأى الله أعمالهم وتوبتهم عن طرقهم الآثمة عدل عن العقاب الذي كان مزمعاً أن يوقعه بهم وقبل توبتهم ” يون 10:3 ” .

أستمر هذا الصوم الى يومنا في كل الكنائس المشرقية ( الكاثوليكية والأرثوذكسية ) في ما بين النهرين والكنائس التابعة لها في العالم . أما البلدان الأخرى التي يدخل صوم الباعوثة في طقوسها فهي كنيسة السريان الأرثوذكس في سوريا والعالم ، وقد ألتزموا به منذ القرن الرابع الميلادي ، ومنهم أخذوا الأرمن هذا الصوم ويدعونه ( سورب سركيس ) كما ألتزموا به الأقباط في مصر والكنائس التابعة لها منذ عهد الأنبا أبرام السرياني بطريرك الأسكندرية الثاني والستون ولحد اليوم .

تتناول الكنيسة في أيام الصوم قراءة أصحاحات سفر يونان الأربعة وشرحها لكي يتذكروا صوم أجدادهم وتوبتهم وسيرتهم امام الله لأنهم كانوا يعرفون الله منذ زمن يونان .

 

ولهذا الصوم طقس خاص وصلوات خاصة تتخللها السجود والقيام تقال باللغة الآرامية أقرها ورتبها البطريرك مار أيشو عياب الثالث ( 649- 659) م ومنها مقتبسة من ميامر مار أفرام السرياني ( 373) م وأناشيده.

الصوم والصلاة وأعلان التوبة والمصالحة أسلحة قوية يتحدى به المؤمنين الخطيئة والضعف والمرض والكوارث والتهديدات لهذا عاشت الأجيال اللاحقة هذا الصوم وقدسته من أجل أرضاء الله الذي يأتي منه العون للتخلص من الأزمات والتحديات التي كانت تمر بها الكنيسة ، فقد فرض مار ماروثا التكريتي ( 649) هذا الصوم على كنيسة المشرق في منطقة نينوى أولاً .  وفي القرن السابع قررت كنيسة المشرق بأعلان الصوم والصلاة بسبب أنتشار مرض الطاعون الذي أستمر أربعة سنوات وأكتسح مناطق كثيرة من أرض الرافدين فسمع الله صلواتهم وقبل صومهم وتذرعاتهم اليه فأبطل سلطان الموت وأنتهى المرض . لهذا قررت الكنيسة أحياء هذه المناسبة .

 كتب الأب القدير ألبير أبونا عن هذا الصوم الذي تكرر في عهد البطريرك حزقيال ( 570 – 581) م أعلن للعمل به بسب الوباء الذي أنتشر حينذاك في منطقة باجرمي أو كرخ سلوخ ( كركوك حالياً ) وكذلك في مناطق نينوى فأتفق مطران بيث كرماي مار سبريشوع وأسقف نينوى على أقامة الصلاة والصوم لكي يرد الله وباءً هائلاً سميّ ( شرعوطا ) حصد الألوف من سكان تلك المناطق . سمع الله صلواتهم وقبل صومهم ورد عليهم الوباء .

وفي عهد البطريرك حنانيشوع الأول الملقب ب ( الأعرج ) كان في منطقة الحيرة ( معناها حرتا أي القلعة ) ديراً للعذارى ( الراهبات ) وكان في تلك الأيام قائد مسلم سفاح يدعى عبدالملك بن الوليد الذي أراد أن يضم منتسبات ذلك الدير الى حرمه فتولى الخوف في نفوس العذارى وكان ذلك في زمن مار يوحنا الأزرق أسقف الحيرة الذي أعلن صوم الباعوثة لهذا السبب وسميّ ( باعوث العذارى ) فرفعوا الصلاة المقترن بالصوم الى السماء لكي يبتعد الله عنهم هذه الج#ريم*ة ، فأستجاب الله طلبهم وأغتيل ذلك الأمير في دمشق من قبل أحد أعوانه وذلك في نهاية اليوم الثالث من الصوم . وهكذا أعلنت البطريركية الكلدانية صوم الباعوثة بسبب طرد المسيحيين من الموصل وقرى سهل نينوى لأجل السلام والعودة الى ديارهم ، أعلنته منذ السنة الأولى لهذه الج#ريم*ة وكذلك في هذه السنة لكي يسمع الله صلواتهم وتذرعاتهم ويقبل صومهم كما قبل صوم أجدادهم عبر التاريخ .

باعوثة مباركة للجميع  

للمزيد طالع مقالاتنا السابقة

يونان النبي رمزاً للمسيح

http://mangish.net/forum.php?action=view&id=1364

كان يونان آية لأهل نينوى

http://mangish.net/forum.php?action=view&id=4271

  علاقة صوم الباعوثة ܒܥܘܬܐ بصوم نينوى

http://mangish.net/forum.php?action=view&id=6152

 

 

يمكنك مشاهدة المقال على منتدى مانكيش من هنا

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!