مقالات دينية

موت وقيامة المسيح ونزوله إلى الجحيم

وردا اسحاق

 

 

موت وقيامة المسيح ونزوله إلى الجحيم

بقلم / وردا إسحاق قلّو

( مع المسيح صلبتُ ، لإحيا لا أنا ، بل المسيح يحيا فيّ . فما أحياه الآن في الجسد ، فإنما أحياه في الإيمان ، إيمان أبن الله ، الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي ) ” غل 20:2″

تجسد المسيح إبن الله لكي يموت على خشبة الصليب من أجل أن يفتح باب الخلاص لكن من يؤمن به فيكون له القدرة في المشاركة في نور الله والحياة الإلهية . تجسد المسيح ليجعلنا أبناء الله .

لنسأل ونقول : لماذا مات يسوع مصلوباً ، ألم يكن لله أن يخلص الإنسان من دون موت أبنه ؟ وهل كان موته على الصليب لإرضاء الله الآب ؟

مات يسوع على الصليب لكي يدفع ثمن الخطيئة عن بني البشر ، لعدم قدرة الإنسان أن يدفع الفدية عن خطيئته ، لهذا فالله المحب للبشر لم يرد أن يتركنا في الموت ، فأرسل أبنه الوحيد لكي يأخذ جسداً بشرياً ويموت كإنسان مجرد من الخطيئة ، أي ذبيحة إنسانية كاملة الأوصاف ، مقبولة كاملة ومرضية من قبل الله . فموت المسيح هو مطلباً من الآب وليس من الشيطان ، لهذا فإن الثمن دفع إلى الآب وليس إلى الشيطان . لأن ليس من مصلحة الشيطان أن يموت الإبن ويخلص بدمه المراق على الصليب البشرية من قيودها .

الله الآب ليس محتاج إلى ذبيحة الأبن ، لكن قبل ذبيحة إبنه ليس لأنه كان يطلبها بأي شكل من الأشكال ، وإنما بسبب من تدبير الله لأنه كان يجب أن يتقدس الإنسان بإنسانية الله المتجسد ، كان يجب أن يحررنا بنفسه ونؤمن به وبعمله على الصليب ، نتعلم منه المحبة والتضحية من أجل محبتنا ، ومن أجل خلاص الآخرين ، هو مات وقام كي نموت نحن عن خطيئتنا ونقوم قديسين طاهرين .

قبل يسوع الصليب طوعاً ، وذهب إليه بإرادته لكي يذبح على خشبة الصليب ( كشاة سيقت إلى الذبح لم يفتح فاه ) ” أش 7:53″ . قَبَلَ الموت طوعاً كتعبير أخير ونهائي عن الإلتزام بالمحبة المواجهة للخطيئة حتى الشهادة . والمحبة ليست خانعة ، ويجب أن لا نقبل الشر ، إنما نواجهه من أجل خلاص الخاطىء ، معنى قبول يسوع الصليب هو لأظهار محبته وقدرته الإلهية للتحدي ، ففي التجسد أخلى ذاته ، وعلى الصليب مات بين المجرمين ( إن موت المسيح على الصليب هو دينونة الدينونة ) كما قال القديس ” مكسيموس المعترف ” لهذا كان صليب المسيح جهالة لليهود وجنوناً للوثنيين . مات المسيح الإنسان على الصليب فشارك الإنسان في الموت ، نزل إلى جحيم المأساة البشرية ، أي إلى جحيمنا فاخبره . مات بسبب حبه للبشر ، لكي تصير الإنسانية حباً بقبولها الموت حباً بأخوتهم . ولكي تصير إرادة الإنسان منسجمة مع إرادة الله .

موت المسيح الإنسان على الصليب يشكل هزيمة كبيرة للشيطان ، لأنه ولأول مرة يموت إنساناً بدون خطيئة ، دون أن يخضع مرة للشيطان وخداعه . مات المسيح وقام من بين الأموات فحدث الإنتصار على الصليب أولاً وعلى الموت ثانياً بموت يسوع الإنسان مات الموت. وهكذا تحول الصليب من أداة معاقبة المجرمين إلى علامة النصر والحب والتضحية من أجل الآخر فوطئه لحظة موته على الصليب .

يقول اللاهوتي ” فلاديمير لوسكي ” ( الآلوهية في المسيح بقيت متصلة بجسده النائم في القبر ، في ” النوم الأبيض “ لسبت النور . ومتصلة ايضاً بروح يسوع المنتصرة والتي حطمت أبواب الجحيم … القيامة حاضرة في موت المسيح ) .

في حياتنا الزمنية صلبان . وقد لا يكون الصليب إختيارياً بالنسبة لنا ، ولكن حمل الصليب إختياري بسبب الإيمان والحب . فالسير في أثر يسوع الذي أخلص للحب رغم الصليب . وهو إصرار إختياري أساسه الحب  .

فالصليب الذي نختاره لكي نحمله ، إن كان صليب حبّ ، سيحررنا ليس لأنه يحمل الألم ، وإنما لأننا نحوّله إلى أداة لخدمة الآخرين بسبب محبتنا لهم ،  وهكذا يحررنا من الأنغلاق الذاتي لكي ننفتح لأجل حاجة الآخر .

مسيح الله صُلِبَ على آلام الإنسان ، ولكن أحد وجوه الله الأخرى هو وجه القدرة ، والوجه الآخر للمسيح المصلوب هو المسيح القائم . كما أن الوجه الآخر ليسوع المصلوب هو يسوع المنتصر على الموت بالقيامة . إذاً ، لا يبقى الله مجرد إله شارك مصلوب بسبب محبته ، لأن الوجه الآخر للمحبة المشاركة هو الحب الفاعل من أجل المح*بو-ب .

في كل ألم نتمسك خلاله بالمسيح فنحن نشاركه في تلك اللحظات في صليبه ، ولكن الله لا يتفرج على آلامنا ، وإنما يبقى حاضراً فيها بطريقة لا ندركها . في قلب مآسينا التي تحرقنا من كل جهة ، فيرمي في قلب نارها  ندى إلهي ، قوة إلهية ، تعضد قوتنا الإنسانية ، كي نتجاوز موتنا ، في قلب كل جحيم نحياه ، ينزل المسيح إلى جحيمنا ويمنحنا قوة القيامة ، وهذا ما نراه عند دانيال عندما نَقَلَ صورة الفتية الثلاثة الذين وضعهم نبوخذنصر في النار ، فلبثت الحيرة أن أعترته ، فهب مسرعاً وقال لمشيريه ( ألم نطرح ثلاثة رجال موثوقين في وسط النار ؟ … أني أرى أربعة رجال … ومنظر الرابع شبه بإبن الآلهة ) ” دا 3: 24-25″ . لا يزيل الله النار ، لكنها لا تعود تميتنا روحياً ، إذ في قلبها يوجد يسوع ، وهو الذي يمد لنا جسراً لنخرج من الموت إلى الحياة .

بصليب المسيح وقيامته أخمد الله العطش العميق والدائم الذي كنا نشعر به تجاهه بسبب خطيئتنا التي دفع ثمنها يسوع على الصليب .

ليتمجد أسم المصلوب والقائم من بين الأموات  ، وكل فصح وأنتم بخير وفرح المسيح القائم  

 

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!