الحوار الهاديء

ليون برخو :

الكاتب: الدكتور عبدالله مرقس رابي
ليون برخو : ” وأنا أكاديمي  أقول ما أراه الحق مهما كان الثمن الذي سأدفعه ”
بخصوص الفاتيكان والكنيسة الكلدانية نموذجا
 
د . عبدالله مرقس رابي
باحث أكاديمي
                    لا تتسرع عزيزي القارىء للحكم على عنوان المقال فلست أنا القائل بل زميلي في المهنة الدكتور ليون برخو في رده على الاستاذ مسعود النوفلي ذي الرقم 21 في مقالته الموسومة ” لماذا وكيف تقترف الكنيسة الكلدانية كل هذه الاخطاء وفقط في 20 صفحة من كراس القداس الالهي “المؤن ” رد على مقال الاستاذ سيزار هوزايا “.وهو عنوان يفتقد الى قواعد أختيار موضوع البحث أو المقال العلمي وفقا لمناهج البحث العلمي في العلوم الاجتماعية لطوله ولاعتباره من العناوين المركبة لوجود استفهام كيف ولماذا .وأن انطلق  من القواعد الصحفية التي يحاول فيه الصحفي اثارة القراء بعنوانه فهذا شأن أخر لا علاقة لي به، فالدكتور ليون هو الادرى .
الحق والحقيقة
يا ليت أقرأها عبارة الدكتور القدير ليون التي جعلت منها عنواناً لمقالتي من غيره ، فهي عبارة لا يطلقها الاكاديميون بل يطلقها غير الاكاديميين من الكتاب الهواة وغير الاختصاصيين والذين يفتقرون الى قواعد ومناهج البحث العلمي الرصين ،ويقولها من ينطلق من الامثال الشعبية لتفسير الظواهر .وكذلك السياسيون لانهم يعدون أنفسهم على حق ويبررون ذلك بايديولوجيتهم ،فكم من القادة كانوا ظلام لاعتقادهم أنهم على حق ، وكذلك يطلقها رجال الدين لانهم يعدون ما يعتقدون به هي الحقيقة ومن الثوابت والاخرين على أوهام. وعليه نرى الحروب المذهبية الشنيعة على هذا الاساس(وأني جازم أن زميلي في المهنة الدكتور ليون لا يفتقدها )، فالاكاديمي لا يقول أنا أقول الحق ،بل يقول أنا أبحث عن الحق ،بدليل أنه يجري بحثا رصينا ومقيدا بضوابط أكاديمية للبحث عن الحقيقة .وكما سأبين أدناه.
وقد تغلغل منطق أرسطو طاليس في اعماق عقولنا بحيث أصبحنا متأثرين به تأثرا لاشعوريا ،فالكثير لم يدرسوا قواعد المنطق ،ولكن مع ذلك يجري في تفكيرهم على نفس نمط ارسطو الاستنباطي التأملي المعتمد على التأمل وأستخدام العقل بوضعه المقدمات البديهية والنتائج  فقط دون الحواس وأستقراء المعلومات والتعامل معها أحصائياً  .أعتبر القدامى من الفلاسفة أن ما يصل اليه الفيلسوف بهذه الطريقة هي الحقيقة المطلقة  ،فيقول الفيلسوف الانكليزي ” توماس “: ” أن المنطق القديم هو منطق العقائد الموروثة ،لا منطق المعرفة النامية “فهو منطق يصلح للدفاع والهجوم ولا يصلح لاكتشاف الحقائق الجديدة أو التثبت من صحة الافكار القديمة .
ويقول “كارل مانهايم عالم الاجتماع الامريكي المعاصر ” أن العقل يقتبس من الحقيقة الخارجية جزءاً ثم يضيف أليها من عنده جزءأً آخراً يكمل بذلك صورة الحقيقة كما يتخيلها ،وهذا الذي جعل كل فرد منا يحمل معه حقيقته الخاصة كما يحمل حقيبته “ويمكن تشبيه الحقيقة بالهرم ذي الاوجه المتعددة حيث لايرى الانسان منه ألا وجها واحدا في آن واحد .
 يؤيد ” جون ديوي ” هذا الرأي تأييدا كبيرا فهو يقول : ” أن العقل البشري ليس مرآة للحقيقة كما كان القدامى من الفلاسفة يتصورون ،أنما العقل خُلق من أجل الحقيقة ،فله هدف آخر أهم من الحقيقة وأنفع هو الفوز في تنازع البقاء ،فهو لايفهم الحقيقة الا بمقدار ما تنفعه ” فالفتى يحب الفتاة أو الانسان يحب الضمان الاقتصادي والمكانة الاجتماعية ولكن لا يحب الحقيقة الا  أذا ساعدته في تحقيق شيء من هذه الاهداف .فالانسان المثالي المطلق في التفكير يطلب من الاخرين أن يفكروا على أساس الحقيقة وهو يقصد بالحقيقة حقيقته الخاصة التي تنفعه ،فكل شيء ينفع صاحبه يصبح في نظره حقاً مطلقا يجب على الاخرين جميعا أتباعه .
يقول علماء الاجتماع : ” لم يبتكر العقل البشري مكيدة أبشع من مكيدة الحق والحقيقة ” فلا يوجد أنسان على وجه الارض لا يدعي بالحق والحقيقة ، فحتى الظلام في التاريخ الذين تقشعر الابدان من أعمالهم الشنيعة ،فلا تجد من أقوالهم الا انها مفعمة بالحق والحقيقة .
فالانسان يدافع عن أفكاره مهما يكن الثمن يظن أنه هو الحق والحقيقة ،ولم يدري بأنه يخدع نفسه ،لماذا يخدع نفسه ؟ ، لانه أخذ ما يؤمن به من بيئته التي لقنته مُثلها العليا ،فهو لو كان في بيئة اخرى لدافع عن أفكار تلك البيئة بدون تردد . وهذا لا ينطبق على الاكاديمي حيث يجب أن تتجرد أفكاره من البيئة التي تأثر بها عند بحثه عن الحقيقة .
المنطق الحديث الاستقرائي الذي يعتمد على تطبيق المناهج العلمية ومنها المقارنة الزمنية والمكانية ويجمع البيانات والمعلومات ويستخدم في تحليلها المقاييس الاحصائية  لمعرفة التبابين كالانحدارالمتعدد  والتشتت والترابط المتعدد ، لا يؤمن بالعدل المطلق ولا يؤمن بالحق المطلق مهما كان الانسان من مكانة معرفية وعلمية ،وأنما أذا آمن فيريد أن يخدع الناس من حيث يشعر أو لا يشعر .
المنطق الحديث منذ عهد ديكارت وتوماس أنتقل تدريجيا الى العلوم الاجتماعية والانسانية لكي يستخدمونه في تفسير الظاهرة الاجتماعية والانسانية ،فكما كان المنطق القديم يرى في الظاهرة الطبيعية أنها حقيقة مطلقة وجاء أصحاب المنطق الحديث ليروا النسبية في تلك الظواهر ،سأكتفي بمثال واحد لكي لا أطولها على القارىء العزيز .جاء أينشتاين ونسف فرضية الاثير من أساسها فهو يقول : ” أنه لاحاجة لنا أن نفترض فكرة الاثير في سبيل أن نفهم كيف تسير الامواج الضوئية وغيرها في الفراغ ” فيقول : ” أن مادة الكون الاساسية هي الزمكان ،وأن الزمكان لا ينفصل عن المكان ” وهذا ينطبق على الظواهر الاجتماعية  أيضا .فلا اعتقد أن الفيلسوف ” هانس كونك ” الذي استشهدت به في أحدى ردودك يعترض على أينشتاين الذي غير بعبقريته  شؤون الحياة والعلم برمتها.
فهناك العديد من الثوابت العلمية كانت حقائق وأنما أُكتشف خطأوها فيما بعد ،فحقيقة اليوم قد تكون بعد مرور فترة زمنية وهمية .هذه في العلوم الطبيعية فكيف في العلوم الاجتماعية التي تنطلق من سلوك الانسان في دراستها ومختبرها هو المجتمع ؟!! وبالرغم من أن الظاهرة الطبيعية تختلف في تفسير العوامل المسؤولة عن حدوثها عما هو في  الظاهرة الاجتماعية ، فقد يكون عامل واحد أو اثنين مسؤولان عن حدوثها ،فمثلا معدل التبخر يعتمد على عاملين اساسيين هما ارتفاع درجة الحرارة واتساع المسطحات المائية، بينما الظواهر الاجتماعية لايمكن الجزم في حدوثها لعامل واحد أبدا كما تبحث في ظاهرة اللغة والكنيسة وغيرهما وانما الى عشرات من العوامل  ، وهناك قوى أكثر تأثيرا على الظاهرة من الاخرى ،وهذا نتوصل أليه من خلال أستخدام المقاييس الاحصائية لقياس التباين بينها كما أشرت أعلاه .
التناقضات والتحليلات
          بعد أن قدمت موجزا مقتضباُ ومبسطاً عن الحق والحقيقة التي يوحي من عبارة الدكتور ليون ،أن ماجاء به هو الحق ،سأدخل في تحليل المقال وبعض الردود سواء ردوده أو من الاخوة القراء.
لقد عالج الكاتب ” كاثوليك ” بالطبع أنه أسم مُستعار فاني مُستغرب لماذا يكتبون بعض الكتاب بأسماء مُستعارة بالرغم من أن كتاباتهم هادئة ورزينة .عالج بعض التناقضات الصميمية في رده على المقال .
فاضافة الى عدم أستخدام الدكتور ليون المنهج المقارن كما وضح كاثوليك ،وعدم أرتباط الاطار النظري بموضوع المقال فهناك :
لم يعط تعريفا للطقوس بالرغم من أنه يقول ماهي الطقوس ،وأنما جاء بحديث غير مترابط ومنسق .فالتعريف لابد أن يكون بعبارات مفهومة ومنسقة ومترابطة مع بعضها ، فقارن أخي القارىء بين هذا التعريف للطقوس وما جاء به الدكتور برخو : الطقوس هي مجموعة الممارسات التي يقلدها عمليا مجموعة من الناس لتأدية شعائر معينة تعكس العقائد والقيم التي يؤمنون بها ،بحركات وفعاليات وأصوات منتظمة تؤثر على الممارسين الى حد الاندماج معها .وقد تكون طقوس دينية أو سياسية أو أجتماعية أو أقتصادية .
ماذا حل بالكنيسة الكلدانية في السنين الاخيرة الثلاث ؟
                                         سؤال مهم جدا طرحه الدكتور برخو ،ولكن معالجته للسؤال لم تكن موفقة ،لماذا ؟ أولا الفترة هي المقصودة منذ تسلم غبطة البطريرك مار لويس السدة البطريركية للكنيسة الكلدانية .حيث أنطلق من عامل واحد لمعالجته ،وهنا أفتقد زميلي العزيز قواعد المنطق الاستقرائي الحديث في تفسير الظواهر الذي لايقر بتفسير الظاهرة الاجتماعية بأحادية التفسير وأنما من مجموعة العوامل كما وضحت أعلاه ، فأنطلاقه هو من المنطق القديم الذي يؤمن بالمطلق أي تحديد عامل واحد سببا للظاهرة كمقدمة وهو المؤثر عليها ويمكن صياغتها كما يأتي :
رئيس المؤسسة الدينية هو المسؤول عن تردي أحوالها        مقدمة كبرى
البطريرك ساكو هو رئيس المؤسسة الدينية الكلدانية               مقدمة صغرى
أذن البطريرك ساكو هو المسؤول عن أخفاق المؤسسة الدينية الكلدانية           النتيجة
هكذا تحليل أستنباطي تأملي الارسطو طاليسي لا يقره الباحثون في العلوم الاجتماعية ،فهو يقر الحقيقة المطلقة ،لأنما المنطق الذي يتبعه الباحثون لدراسة هذه الظاهرة سيستقرأ البيانات ويجمع المعلومات ويضع الفرضيات ويختبرها بالمقاييس الاحصائية ،فهناك العشرات من العوامل التي جعلت من الكنيسة الكلدانية متردية الاوضاع أذا كانت فرضية زميلي صحيحة .فأين دور الادارة السابقة التي أستلمها البطريرك الحالي ،وأين دور الاوضاع السياسية والامنية والدينية والاجتماعية والديمغرافية والتعليمية والادارية وطريقة أعداد الكهنة وغيرها من العوامل ، أ ليست عوامل ترتبط بهذه الظاهرة ،فالحقيقة التي راها الدكتور ليون هي مطلقة تكمن في أن البطريرك ساكو هو العامل أو المتغير المسؤول عن تردي أوضاع الكنيسة الكلدانية !!! .في حين يرى العديد من المتابعين والمهتمين بأن الكنيسة مضت خلال فترة قياسية وبوجود البطريرك على رأسها ،وبالرغم من التحديات الواقعية المذكورة على أرض الواقع ،مضت نحو الرقي قياسا لو تمت مقارنتها بفترة من الاستقرار ، ولا أنكر من وجود مشاكل ، فالمشاكل الانسانية لا يمكن التخلص منها طالما مرتبطة بسلوك الانسان وعواطفه بل يمكن الحد منها .وهذا لا يختلف أثنان من الباحثين الاجتماعيين عليه، كما أني لا أنكر بأن للبطريرك ساكو دور ،ولكن مقارنة بالعوامل الاخرى لا يمكن قياسه ولا يؤخذ بنظر الاعتبار  .
تع-اط*ي مجلس الكنائس الشرقية في الفاتيكان مع الكنائس غير اللاتينية
                             ليس في هذه المقالة فحسب ،بل في مقالات عديدة يستشهد الدكتور ليون بأمثلة عن تع-اط*ي الفاتيكان مع الكنائس الاخرى مضت عليها أكثر من مئة سنة .الحق معه لا أحد ينكر ما أقترفته قبل مئة سنة كنيسة روما مع الكنائس الاخرى من أنتهاكات وهذا ما شهد له في رسائلهم الاكليروس في تلك الكنائس ، ألا أنه أرجع وأقول لزميلي العزيز ، لو طبقت منهج المقارنة الذي نوه أليه المعقب على مقالتك ” كاثوليك ” زمانيا ومكانيا لوصلت الى نتيجة مغايرة عن ما تفضلت به ، فالدراسة المنهجية عن هذا الموضوع تتم بتقسيم المراحل الزمنية لتع-اط*ي الفاتيكان مع الكنائس التابعة لها وستجد حتما أنها تُفسر بقانون ” تطور العقل البشري ” فالاجدر منهجيا هو ربط عوامل الزمكانية كمتغيرات رافقت كل مرحلة  والعقلية التي كانت متأثرة بتلك العوامل ، فالعقائد الدينية هي ما موجودة في الانجيل لا غبار عليها ، ولكن طريقة التعامل مع تلك العقائد ونصوص الايمان هي مرتبطة بالعقل البشري ، ومن هم في أدارة الفاتيكان هم بشر ، وقد خضعوا الى قانون المذكور فقبل مئة سنة لم يفكر البابا كما يفكر مار فرنسيس اليوم وانت الادرى .
في بحث سابق لي عن تطور عقل الفاتيكان تبين كيف أن قوانينها تغيرت على مر الزمن وفي أحقاب مختلفة تلك التي تنظم علاقتها مع الكنائس الاخرى ، ففي القرن التاسع عشر ارادت أن تفرض الطقس اللاتيني برمته على تلك الكنائس ومنها كنيستنا ،ألا أنه لو راجعت قوانينها سترى أنها تؤكد على حرية ممارسة الكنائس طقوسها ولغتها وتراثها الذي تراه قد أندثر وجوده في الكنيسة الكلدانية بسبب الفاتيكان .وفي السابق كانت تهرطق الكنائس الاخرى ، ولكن الان لا ترى الا أختلافات طفيفة سببها لغوي أكثر من غيره في النصوص الايمانية ،فليست لها موقف للهرطقة تجاه أية كنيسة ،وحتى الملحدين كما تؤكد بنفسك تكرارا هم مقبولين لدى الفاتيكان بوجود البابا الحالي .
وأما المقارنة المكانية تقوم على اساس المقارنة في التع-اط*ي مع الاخريات من  الكنائس الحالية لكي تكون النتائج أكثر موضوعية ، فأضافة لما ذكر من مقارنة الاخ كاثوليك عن تغيير اللغة عند الاقباط والارثودكس بدون وجود وزارة المستعمرات ،فقارن كيف الاقباط الارثودكس لا يقبلون معمودية الكنائس الاخرى ولا تقبل أن يتناول أحد في كنائسهم من غير الاقباط الارثودكس ، أ ليست هذه هرطقة واضحة للكنائس الاخرى لانها لا تتفق وأيمانها ،في حين أن تعليمات الفاتيكان لا تقر ذلك . وهناك أمثلة متعددة لا اريد الاطالة .
فأذن زميلي العزيز معالجتك لظاهرة وزارة المستعمرات  كما تُسميها ودورها في تردي أوضاع الكنيسة الكلدانية هي الاخرى أحادية التفسير ومنطلقة من التفسير القديم كما وضحت عن دور البطريرك مار لويس تماما ولا أريد أن أكرر المثال في المقدمات والنتائج الاستنباطية التأملية .فتدخل الفاتيكان في شؤون الكنائس الاخرى هو تدخل أداري ، وهذا ما لا استسيغه أنا أيضا ولا أقبل به وبالاخص في الابرشيات المنتشرة خارج حدود الجغرافية التقليدية للكنيسة الكلدانية ، مما يخلق نوع من التناقض والارتباك في الادارة ،وسبق كتبت مقالا خاصا عن الموضوع . ومن تلك التدخلات تعيين الاساقفة والموافقة على تعيين الكهنة في ابرشيات الانتشار ،أما الموافقة على ما يجري في الكنيسة الكلدانية من قبل مجلس الكنائس الشرقية في الفاتيكان فهي ناجمة عن الاتفاقات المبرمة بينها ،وهذا لا يعني أنها ستبقى ثابتة ما عدا الشراكة الايمانية ،فالمستجدات والمتغيرات ستكون المسؤولة عن تغييرها ،وكما تبين من السينهودس البطاركة الشرقيين التابعين لروما ومن الكلمة الختامية لهم هناك أشارة لاعادة النظر بالقوانين التي تنظم العلاقة بين تلك الكنائس والفاتيكان وهذه بالطبع تأخذ وقتا .
موقفك من أبرشية مار بطرس الكلدانية في غرب أمريكا
 مع أعتزازنا الكبير بهذه الابرشية وما تقوم به من أنشطة تُحافظ على التراث واللغة والطقوس ،ألا أنها ليست الابرشية الوحيدة ،التي تم قياس عطاءها بمجموعة محاضرات عن اللغة والطقس ، فهذه تُقام أسبوعيا  في أبرشية مار توما في مشيكن الامريكية ومن قبل أسقفها وكذلك في أبرشية مار توما في استراليا وفي أبرشيتنا في مار أدي في كندا وبملاحظاتي الميدانية شخصيا لها، وما يقدمه الكهنة ومعهم غبطة البطريرك في بغداد بالرغم ما يحيط بهم من الاوضاع الخطيرة وفي ألقوش وعمادية ،وعينكاوة وكركوك ، وما بقاء المطران حبيب النوفلي على كرسي البصرة  مع نفر قليل من المؤمنين الا أشارة واضحة وتحدي واضح للبقاء  على أرض الكنيسة المشرقية ،فكان بالامكان أن يلغي البطريرك هذه الابرشية التي أفتقدت مؤمنيها بسبب الاوضاع المتردية في العراق ألا أنه أصر على أحياء الابرشية ، ،أليست لديكم معلومات عنهم لكي ترى فقط أبرشية مار بطرس التي لا تعد نفسها تابعة للأدارة البطريركية بل الى وزارة المستعمرات التي لا تريدها !!! ؟ أرجو مشاهدة برامج فضائية المخلص وما تبثه أذاعة صوت الكلدان مشيكن لتطلع على واقع الانشطة الطقسية وما شابه من الابرشيات الاخرى.
تشبيه البحث العلمي بكراس القداس
                              ما هذا التشبيه زميلي العزيز ، الاستاذ الجامعي الذي يعد بحثا ,لكي تُثبت علميته ومصداقية نتائجه يخضع الى سلسلة من الاجراءات وكما أيضا تقوم بعض مراكز البحوث بنفس العملية ,وذلك لان الجامعة هي مؤسسة أكاديمية و نتائج بحوثها سوف تستخدم للتنمية بكل جوانبها، فهل كراس أعدته لجنة غير أكاديمية في الكنيسة الكلدانية يحتاج الى الاجراءات المتخذة في الجامعة ،وهل ما نكتبه كلانا في المواقع الشعبية يمر بتلك الاجراءات ، ؟وهل  أذا أصدر حزب سياسي أو مؤسسة ما كتاباً أو كراساً سيخضع الى الاجراءات الاكاديمية؟ ،بالطبع كلا لانها مقتنعة تلك المؤسسة تماما بمحتويات الكراس أو الكتاب . ومع هذا فأن كراس القداس هو تجريبي بحسب بيان البطريركية حين صدوره وطلبت من المهتمين في الاعلام ارسال ملاحظاتهم ،فالاجدر وانطلاقا من هذا الطلب بأمكانك قراءته وارسال تقييمك الى البطريركية .وثم وكما أشار الاستاذ عبدالاحد سليمان في رده” الاخطاء التي أشار اليها الاستاذ سيزار هوزايا أنا شخصيا لا أعتبرها أخطاء بقدر كونها نتاجا طبيعيا للفلتان الموجود في اللهجات المحكية ” وهذا ما لا حظت شخصيا بالرغم من محدودية علمي باللغة الطقسية .ولو أن كل ما كشفه الاخ هوزايا هي ترجمة من الارامية القديمة الى السورث الدارجة ،ويعتبرها البعض أنها كلمات عربية ، ولكن بحسب معرفتي ومطالعتي أنها كلمات أكدية ( بابلية وآشورية ) اقتبسها العرب منها وهذا معروف في جنوب العراق .
وأما عرضه الى مجلس الكنائس الشرقية في الفاتيكان بأعتقادي هي مسألة الشراكة الايمانية ،فلابد من التعرف على محتويات الكراس من قبل روما طالما هناك شراكة أيمانية بحسب الاتفاق المبرم لكي لا يتناقض مع الايمان الكاثوليكي المتفق عليه .وهذا هو حال كل الكنائس التابعة لروما .وأما بحسب رأيك تم عرض الكراس الى المجلس وليس لهم دراية باللغة الطقسية الكلدانية ، فلا أعتقد قد قُدمت النسخة بدون ترجمة ،واذا كانت كذلك فأن الكاردينال المسؤول وقع على البياض ، وهذا شخصيا أعترض عليه .أو قد تكون المسألة وجود مخول يتقن اللغة الطقسية لكنيستنا وموثوق لدى الفاتيكان كأستشاري ففي هذه الحالة لا مجال للمناقشة . و لا نعرف وضعية تقديم الكراس فكل التكهنات هي باطلة الا بعد ثبوتها .
اللغة ومسؤولية الكنيسة
                     عادة يلح الدكتور برخو على أن الكنيسة هي المسؤولة الوحيدة لتغيير اللغة الطقسية الى العربية وأخص بالذكر البطريرك ساكو وجيله من الاساقفة والكهنة، وهذا الالحاح أيضا تنطبق عليه في التحليل أحادية التفسير وأستبعاد العوامل الاخرى، فهناك العديد من العوامل التي جعلت الكنيسة تدريجيا وفي بعض الاماكن تستخدم العربية والان الانكليزية والفرنسية وبحسب بلد الاقامة.
سؤال أوجهه لزميلي العزيز ، كنتم من الذين عاصرتم عهد المرحوم البطريرك شيخو، ولك دراية تامة بكنائس الموصل التي كانت تستخدم العربية في الصلوات والقداديس ، اين كان البطريرك ساكو وهو بعده تلميذ في معهد مار يوحنا ؟.والهدف من هذا المثال هو أن الشعب المؤمن كان المسؤول عن استخدام اللغة العربية وليست الكنيسة أو مار لويس وجيله . فماذا تعمل الكنيسة بالمهاجر من القرية الى المدينة وتعلم الاسرة أبنائها العربية لكي تتكيف مع الوضع الاجتماعي للمدينة وتتجاوز الفجوة بين ثقافتها وثقافة أبناء المدينة بسبب الشعور بالنقص الذي ينتاب المهاجر أينما كان ،فماذا تعمل الكنيسة وأن الاسر تبعث بأولادها للقداس ولا يعرفون اللغة الطقسية ، وبالرغم من مناداتها هلموا الى تعلم اللغة وفتح الدورات الصيفية من قبلها ولكن بدون جدوى ، وهكذا حالة تكررت في المهجر الغربي فتعقدت المسألة أكثر .
اذ كانت الاسرة حريصة على تعليم أبنائها اللغة الاثنية فهي تعلم عبر التنشئة اللغة التي نتحدث بها والتي تختلف تماما عن الارامية ، نحن كبار السن لا نفهم شيئا مما يقوله الكاهن أو الشماس ،فكيف بهم يدركونها؟ففي هذه الحالة يفضل الابناء البقاء في البيت أو الذهاب الى أقرب كنيسة لاتينية حيث الانكليزية.فلو بعثنا أولادنا الى الكنيسة وهم يدركون اللغة الطقسية فحتما سوف لم ير غيرها الكاهن لاقامة القداس .
أضافة الى الاسرة ،وجود الدولة أمر أساسي لانعاش اللغة وتعليمها رسميا ، ولكن نفقد الدولة منذ أكثر من 2500 سنة .وثم أن الرغبة الشخصية في تعلم اللغة هي العامل الاكثر أهمية ،فأنعدام الرغبة يعني فقدان اللغة .
في خورنتنا في مدينة هاملتون الكندية ، لاهتمامي بهذا الموضوع الاحظ المؤمنين منقسمين في الكنيسة الى ،مؤيدي العربية ، مؤيدي السورث ،ومؤيدي الانكليزية من الجيل الجديد .ولا نمتلك بناية للكنيسة ،فكيف سيحل الكاهن هذه المشكلة ؟ فاذا أقتصر على الارامية المفروضة منذ بدء المسيحية على الاشوريين والكلدان من قبل المبشرين الاوائل القادمين من سوريا ،فالجميع لا يدركونها وبل الشمامسة أنفسهم ،فيرددونها كالببغاء ، وقد سألت بعضهم عن مدى معرفته بالارامية فيقولوا نرددها وراء الكاهن وبدون أن نفهم ماذا نقول وأعتقد الاغلبية من الشمامسة من هذا الصنف . واذا  يفضل العربية فهناك الجيل الجديد لا يعرفها وأما اذا أستخدم الكاهن السورث فلنا بعض ممن يتقن العربية فقط سنخسرهم لانهم لايستسيغوها .
وهكذا هي بأعتقادي نفس المشكلة في معظم الخورنات ،فكيف يمكن تجاوزها ، هل الاكتفاء بالارامية ولكن بدون تفاعل المؤمن مع الصلات وما يدور في القداس ،فما هي هذه الصلاة التي لا يندمج معها المؤمن فجسده في الكنيسة وعقله في عالم آخر بسبب عدم أدراكه للغة .فالمسألة معقدة أخي الدكتور ليون ليست سهلة ، وعلى من يعرف الارامية لا يدخل في أطار الاسقاط الشخصي بأنه يعرفها فالكل هكذا .
وفي المناسبة كنت أعتقد الى وقت متأخر بأن الاخوة الاشوريين يفهمون هذه اللغة الطقسية ، ولكن بعد أن استفسرت من عينات وأتصلت تلفونيا ببعض من الاساتذة المقتدرين من الاشوريين فكان جوابهم حال العامة والاكثرية من المؤمنين مثل الكلدان ،فما هذه اللغة التي لا نفهمها ؟العربي الامي يتعلم لغته اسريا ،ولكن لو أحد قرأ له قصة من الكتاب أو تلى له من صلاتهم سيفهمها حتما ،واذا فقد استيعاب بعض من الكلمات ،وأيضا الانكليزي والكوردي ،بينما نحن أبناء الاثنيات الثلاث الكلدان والاشوريين والسريان لا نفهم الغالبية العظمى لمفردات هذه اللغة الا باستعمال القاموس.فاذن حاجتنا للقاموس يدل ذلك أنها ليست لغتنا . وأني الان بصدد أجراء دراسة ميدانية على عينة مختارة ومفردات مختارة من القاموس لعرضها لافراد العينة لكي نبرهن مدى أمكانيتهم في معرفة معاني تلك المفردات ومدى أستخدامهم لها في حياتهم اليومية .
فالكنيسة قد تكون أحدى العوامل لكن بتقديري لو أجرينا دراسة ميدانية وأستخدمنا الاحصاء لتبين أن دور الكنيسة سيكون بسيط قياسا للعوامل الاخرى ، أما اطلاق هكذا تأويلات وأفتراضات عن أن الكنيسة وروما هما المسؤولان عن تلكؤ لغتنا وطقوسنا فهذا لا يستند على البرهان العلمي الدقيق .
وهكذا بالنسبة الى الالحان والطقوس ،فنحن نستسيغها لكن الجيل الحالي لا  يتقبلها أطلاقا ، فالاستاذ القدير يوسف شكوانا يقول في تعقيبه للمقال : ” ليحكم ضميره من يستمع الى الرابط لترتيلة ( شباح مريا مقدشي ) ،هل هناك أعذب من هذا كي نغيره ومن له مثل هذا ) .أقول لاستاذنا القدير نعم أنا مثلك نقلني الى كنيسة منكيش عند سماعه وكذلك زوجتي ،ولكن ماذا تتوقع من أولادنا عندما تعرضه عليهم لسماعه. فمن أول وهلة سيغلقونه على الفور ، فكثيرا ما أستمع الى مثل هذه التراتيل المسجلة في الكومبيوتر ،وارددها مع نفسي ،فيأتيني صوت من الطابق الاعلى ” بابا نحن لسنا في تعزية !!! ” فهم لا يتقبلون هكذا أنغام والحان ، بل يتمتعون بألحان معاصرة التي تعبر عن أذواقهم ، فكل شيء في الحياة مرتبط بما يعاصره لا بما يسبقه الاف السنين .
ومن التناقضات ما ورد في رد الدكتور ليون على الاستاذ يوحنا بيداويذ حيث يقول : ” لا تقول قال اللاهوت والفلسفة ونحتاج الى محاضرة ومناظرة لان ليس هناك فيلسوف محايد معاصر في الدنيا لا يدين بأشد العبارات كما فعل ( هانس كونك ) ما تقوم به هذه المؤسسة” ويقصد الفاتيكان . يا سلام الكل على خطأ وهانس على صح ،أخي الدكتور ليس بهذه الطريقة نسلط الضوء ونحلل ما قيل عن أية ظاهرة ومنها الفاتيكان ،فهناك المئات على عكس هانس أشادوا بها وأنطلقوا من مبدأ النسبية لتحليل دورها ووجودها عبر الزمن .وثم ليقولها هانس مليون مرة ،ويظل كلامه واستنتاجه نسبي وليس مطلق أو حقيقة طالما لم تقارن بين العديد من الكتابات معها أو ضدها أو محايدة لكي تصل الى النتيجة الصحيحة .فأين الحقيقة عند هانس ؟ وتكفي أشارة واحدة عنه ، بأن تحليله ليس في مكانه عندما يقارن الفاتيكان بالمؤسسة الدينية في السعودية التي لا تعرف الا السيف في تع-اط*يها مع الاخرين منذ نشأتها قبل 1400 سنة ولحد اليوم أمام الانظار ، بينما قد فعلت الفاتيكان أو كنيسة روما بعض التجاوزات في فترة ما لارتباطها بالفكر البشري لتلك الفترة ، ولكنها لاتساوي شيئا بالنسبة الى ما تقترفه واقترفته المؤسسة الاسلامية عبر العهود المتوالية، وهي معروفة للجميع .فيبدو فيلسوفنا الكبير هانس لم يدرك تماما ماهية المؤسسة الدينية الاسلامية.،وكيف تتعاطى مع البشر في كل الازمان ،بينما الفاتيكان تتقدم بتقدم العقل البشري في تع-اط*يها مع البشر لحد أن في يومنا هذا تقبل حتى الملحدين الذين سوف لا تتردد المؤسسة الدينية الاسلامية في السعودية من قطع رأسهم لو كانوا في السعودية لحظة واحدة .ما هذه المقارنة زميلي العزيز ؟
وأما هو تناقضك ؟ كيف تشير الى الكاتب يوحنا أن لا يستعين باللاهوت او الفلسفة او المحاضرة بينما انت استعانيت بهانس فهل يحق لك الاستعانة وليوحنا لا .
وأخيرا أقول للأستاذ القدير ” لوسيان ” الذي عقب على المقال ويؤيد تفسيرك تماما بما قاله في نهاية رده ” الطبيب الذي لا يشخص مشكلة المرض بدقة فأنه لن يستطيع أن يساعده ،واذا كان التشخيص خاطىء فأنه سيدمر حياته ” . طيب أستاذنا القدير بينما انا اقول ،ان الطبيب الذي يقول أن سبب مرضك هو عامل واحد فأنه سيخطأ  وسيدمر حياته ،فالعديد من الامراض لها أكثر من سبب . فأذا قال الطبيب لمريض في ارتفاع ضغط الدم السبب هو الملح فقط فتجنبه ، بينما الضغوط النفسية والانفعالات والبدانة والتدخين وأمور فسلجية وبايولوجية أخرى لها علاقة بضغط الدم ،الا سيدمر حياة هذا المريض لو أكتفى بالقول السبب هو زيادة نسبة الملح في الدم فقط ؟ وثانيا لا يمكن مقارنة في كل الاحوال الظاهرة الطبيعية والبايولوجية بالظاهرة الاجتماعية ، فالاولى قد لا يكون سبب حدوثها أكثر من عاملين أو ثلاث ،بينما الظواهر الاجتماعية مسؤولة عن حدوثها عشرات العوامل ،وأنما قد يكون هناك قوة لعامل أوعاملين أكثر من الاخرى وتتدخل العوامل بنسب متفاوتة ، ولايمكن تشخيصها الا باستخدام البيانات وتحليلها بالمقاييس الاحصائية لمعرفة نسبة التباين كما أشرت سابقا .كما أن الظاهرة الطبيعية لا تمتلك الاحساس والمشاعر والعواطف كما هو في الظاهرة الاجتماعية.
هكذا أخي الدكتور ليون علينا الاحاطة بكافة جوانب المسؤولة عن الظاهرة ومنها الفاتيكان ولا يمكن أن نجردها من الاوضاع المحيطة بها زمانيا ومكانيا ، فلا يمكن الحكم على الظاهرة ، أو المؤسسة أو الجماعة وغيرها ، واذا لم تنطلق من الزمكان في التحليل فلا يعد بأعتقادي بل بتأكيد علماء الاجتماع  الذين أقتبسوه من أينشتاين سوف لم نحصل على نتائج صحيحة من دراستنا .
ببساطة لا حظ أين هي الحقيقة من خلال الردود ،فمنهم يرون أن ما تفضلت به هو الحقيقة لانه يتفق مع منافعهم وأفكارهم ، بينما هناك منهم أعتبروها أوهام من خلال ردودهم لانه لا تتفق ومنافعهم وأفكارهم ،وهكذا ستكون الردود على مقالتي هذه فستنقسم الى ما أنقسمت في مقالك .فأين الحقيقة يا ترى ؟فالاكاديمي يبحث عنها ، ولا يقول أنا أتكلم الحقيقة والحق .
تحياتي
15 آذار /2016..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!