مقالات دينية

براهين وشهادات تثبت قيامة الرب

الكاتب: وردااسحاق
براهين وشهادات تثبت قيامة الرب
الرب يسوع جاء الى هذا العالم لا كباقي البشر، بل تجسد وأخذ له جسداً بشرياً لكي يعلن الملكوت أولاً وبعدها يُسلّم نفسه للموت على الصليب من أجل البشرية الخاطئة لكي يعيد المصالحة بين الخالق وبني البشر فيتوق الأنسان الى السماء والى اللقاء بالآب السماوي، وبعد ذلك لا بد ليسوع من العودة الى حيث أتى بعد أن يشرب كأس العذاب والموت. كان لتلاميذ الرب الثقة بأقواله بأنه سيموت وأن الموت لا يمسك منه بل سيقوم وحسب وعده لهم . لهذا لن يتفرقوا عن بعضهم بل كانوا مجتمعين معاً خلف أبواب مغلقة الى أن أقامه الله ورأوهُ جميعاً فصار موضوع القيامة مؤكداً لهم كما كانوا متأكدين من حقيقة موته على الصليب وبحضور الرسول يوحنا الحبيب كشاهد على الحدث. أصبح موضوع القيامة بالنسبة لهم موضوعاً رئيسياً في كرازتهم مؤكدين بأن المسيح قام من بين الأموات بسلطان عظيم وذكروه في كل الأناجيل وأعمال الرسل وأعطوا له أهمية كبيرة ، لا وبل صار الأيمان بالقيامة هو حجر الزاوية في بنيان الأيمان المسيحي . وأذا أزيل سيسقط البنيان كله . القيامة هي العقيدة المحورية في تعليم وبشارة الكنيسة منذ نشأتها . كذلك القيامة هي العقيدة القوية وركيزة أساسية في الأيمان المسيحي ، فلولا القيامة يقول الرسول بولس لكان أيماننا باطلاً. فالكنيسة منذ أنطلاقتها الأولى لن تعلن الأيمان برسالة المسيح فقط بل بقيامته ، لأن موضوع القيامة دخل في نسيج الأيمان والكرازة به. مهد الكنيسة المقدسة هو القبر الفارغ . والقبر الفارغ برهن للبشرية قيامة المسيح . والكفن المرتب في أرضية القبر هو أكبر شاهد للقيامة ، وبسببه لن يؤمن بطرس ويوحنا اللّذان رأوه فحسب ، بل حتى الملحدين الذين لم يروه بل قرأوا عنه على صفحات الأنجيل فطوبى لهم. القيامة مهمة في أيماننا، فلو لم تكن القيامة حقيقة تاريخية ، لظل سلطان الموت سائداً على البشرية، وشبح الخطية يهدد كل أنسان كما كان يهدده بفقدان الرجاء في الخلاص. كذلك لكان موت المسيح على الصليب بلا معنى ، أي كموت أي مصلوب مدان . لكن بقيامته تحدى سلطان الموت ، فبموته مات الموت فبرزت مصداقيته ودعوته وآلوهيته للذين دفعوه للموت. فسجل التاريخ على صفحاته ذلك الظلم وخاصة من الوالي الروماني بيلاطس البنطي الذي كان مقتنعاً بأنه برىء وأن اليهود دفعوه للموت لحسدهم وحقدهم ، كما أعلن لهم برائته، فقال (إني لا أجد فيه ذنباً !) “يو 38:18”. رغم هذا حُكَمَ عليه بحكم عجيب دونه التاريخ لكل الأجيال وسيبقى الى يوم الدين ، وهو صلب البرىء حتى الموت وإطلاق المجرم باراباس. حاول قادة اليهود أن يقنعوا بيلاطس بأن المسيح كان مستحقاً الصلب. لكنه لم يقتنع بل حكم عليه بسبب خوفه من تهديداتهم . طلبوا منه حراسة القبر خوفاً من سرقة الجسد من قبل رسل المسيح ، وطلبهم هذا يصب في مصلحة حقيقة القيامة فيصبحون الحراس شاهدين لذلك الحدث إضافة الى دحض إدعاء اليهود في سرقة الجسد لوجود الحراسة ، إضافة إلى تأكيد رسمي آخر هو وضع الختم الروماني على جانبي القبر والذي كان يختم به الوثائق المهمة ومن يفض الختم سينال العقوبة ، لهذا لم يكن ممكناً فض الختم بدون إرادة الحراس الموكلين على حراسة القبر وسلامة الختم. هكذا لم يكن ممكناً فتح باب القبر دون إزالة الأختام . فالأختام تجبر الحراس لحراستها وكذلك لكي لا يحصل تواطؤ بين الحراس والسراق. القبر الآن فارغ ، وصخرة القبر الفارغ تثبت حقيقة قيامة المسيح القوية ، وللقبر الفارغ أهمية قصوى لأدعاء الرسل بقيامة المسيح . كذلك الأكفان تتحدث للرسل وللتاريخ وتبرهن حدث القيامة ، لا وبل أنها الدليل القاطع والشاهد لحدث القائم من بين طياتها. كل الأكفان كانت في موضع واحد ومرتبة. فلو كان جسد المسيح قد تعرض للسرقة لكان من الأفضل للسراق أن يسرقوا الجسد والكفن معه لأجل السرعة وقبل نهوض الحراس من النوم، أو إزالة الأكفان من الجسد بسرعة دون الأهتمام بترتيبها وثم رميها على أرض القبر مبعثرة. لكن الكفن كله كان مرتباً وموضوعاً في موضع واحد والمنديل الذي كان ملفوفاً وملتوياً على بعضه كلفاف الرأس المخلوع والموضوع بترتيب على جانب القبر وفي الموضع الذي كان فيه الرأس . إذاً كان الكفن كله موضوعاً على أرضية القبر، ملفوفاً بطيات واضحة فوق بعضها ، وهذا الترتيب والهدوء لا يشهد الى وجود عبث ومحاولة سرقة ، بل أن الذي كان راقداً في الكفن قد خرج منه بطريقة معجزية تليق بقيامة جسد الرب الأله لكي يرفع كل من يشاهده الى درجة الأيمان كما حدث لبطرس ويوحنا. وهكذا خرج المسيح من الأكفان وهي مرتبة كما خرج من القبر وهو مقفل ومختوم وهكذا أيضاً دخل الى العالم وسكن في مريم وهي عذراء وخرج منها تاركاً باب عذراويتها مقفل . كما أقتحم أبواب وجدران العلية لكي يدخل الى الرسل ، وخرج من عندهم والأبواب مقفلة. والأبواب المقفلة تدل على بكورية المكان . كما أقتحم القلوب المقفلة في وجهه كقلب الرسول توما وفتحه دون أن يلمس توما الجسد الممجد. ركز رؤساء الكهنة على موضوع حراسة القبر خاصة في اليوم الثالث لأن المصلوب أدّعى بأنه سيقوم من بين الأموات، فلكي لا يُسرق من قبل التلاميذ ويدّعوا بأنه قد قام، لقنوا الحراس جيداً على أهمية تكثيف الحراسة في اليوم الأخير. لكن رغم أعتراف الحراس بحقيقة القيامة أمروهم بالأنكار والكذب بأن الرسل هم الذين سرقوا الجسد. المسيح قام بقوة وسلطان وخرج من القبر قبل أن يُرفع الحجر. وبعد ذلك يقول الكتاب (فإذا زلزال عنيف قد حدث لأن ملاك من عند الرب نزل من السماء، وجاء فدحرج الحجر وجلس عليه، وكان منظرالملاك كالبرق، وثوبه أبيض كالثلج) “مت 28: 2-3”. أذاً لوجود الحراس أهمية لنقل رسالة حقيقة القيامة الى كهنة اليهود وشيوخهم، وأنها الفرصة الأخيرة لهم للأعتراف والأيمان، لكنهم قسّوا قلوبهم وأصّروا على عنادهم وكذبهم بأن الرسل قد سرقوا الجسد متجاهلين لحقيقة القيامة وأهميتها في خلاصهم. لكن كل تلك الأكاذيب لم تقنع الشعب بل كرازات الرسل غيرت الألاف منهم وأعترفوا بالمسيح القائم. أضافة الى أن لله حل لكل حجة لهذا صاحب قيامة الرب المنظر المشع كالبرق وزلزلة عظيمة حدثت اثناء القيامة أضافة الى منظر الملاك الجالس على الصخرة. كل هذه الأحداث أجبرت الحراس لكي يكونوا في حالة يقضة وتأهب ليروا ويشهدوا. شهد الرسول متى في أنجيله عن وضع الحراس في تلك اللحظات فقال (ولما رأوه الجنود الذين كانوا يحرسون القبر، أصابهم الذعر وصاروا كأنهم موت) “مت 28: 4″. دخل الحراس في مأزق كبير ومصيرهم مهدد وعقوبة الموت تنتظرهم وأدعاء القيامة لا يقنع السلطة الرومانية، وخلق قصة السرقة وهم نيام ستدفعهم الى الموت، لهذا لم يبقى أمامهم طريق سوى اللجوء الى رؤساء كهنة اليهود لكي يشفعوا لهم أمام السلطة الرومانية، فعليهم أن يرضخوا أمام مطالب الكهنة والشيوخ الذين ليس من مصلحتهم أثبات قيامة المسيح. فالجانبان متورطان. الكهنة أمام الشعب لأنهم سبب صلب القائم من بين الأموات، والحراس بسبب فتح الأختام وفقدان الجسد. إذاً على الطرفان الأتفاق على حل مشترك ينقذهما. لذلك لقن رؤساء الكهنة الحراس بالقول (أن تلاميذه جاءوا ليلاً وسرقوه ونحن نائمون! وإذا سمع ذلك عند الوالي فنحن نستعطفه ونجعلكم مطمئنين. فأخذوا الفضة وفعلوا كما علموهم فشاع هذا القول عند اليهود الى هذا اليوم ) ” مت 28:13-15″. الدليل الآخر للقيامة هو ظهورات الرب القائم 15 مرة لتلاميذه ولمؤمنين كثيرين فتحول ضعفهم وخوفهم الى قوة، وجهالتهم الى حكمة، فأصبحوا شهوداً للقيامة جريئين لا يثنيهم التهديد والأضطهاد والتعذيب والموت. هذا التغيير والأندفاع اللامحدود في الكرازة لا يمكن أن يكون لأجل هدف باطل لا يقبله المنطق، بل كان أدعائهم بدافع أيماني لحقيقة لا يمكن أن تُنكر، لا وبل عدو المسيحية الأكبر شاول الطرسوسي تغير أيضاً ليشهد بأن اكثر من 500 أخ شهد بعينيه المسيح القائم من بين الأموات. الصخرة هي الحجاب الحاجز بين الميت والنور، هكذا كان هناك حجاباً على بصيرة شاول يحجز عنه الرؤية، لكن عندما ظهر له الرب، بقي كالميت الذي لا يرى النور، ولمدة ثلاثة أيام كرمز للمسيح الذي كان في القبر. أذاً كان شاول بحاجة الى تغيير لكي يقوم من الظلمات الى النور، فبعد أن آمن على يد حنانيا تساقط من عينيه ما يشبه القشور والتي كانت الحاجز للنور فأبصر وآمن وإعتمَدَ. كذلك أزال الرب الغشاء من عيني تلميذي عمواس ليروا القيامة، وكذلك لجميع الرسل ومن بينهم توما الذي أصر على لمس الجروح لكن الرب أزال صخرة عدم الأيمان من قلبه وبصيرته فرأى القائم وأعترف به أكثر من جميع الرسل ، فقال (ربي وألهي) . أقتحام الرب لتلك القلوب الصخرية هو لأعطائها السلام والأيمان والقوة. كل الأدلة الموجودة في الأناجيل وأعمال الرسل والرسائل عن القيامة لا يمكن دحضها بأي وسيلة أو حجة أو أعتراض.
أذاَ قيامة المسيح هي أعظم حدث حصل في التاريخ ، وهي خاتمة لرسالة الرب وآخر لبنة في بنيان العقيدة المسيحية ليتمجد القائم من بين الأموات الى دهر الداهرين بقلم وردا أسحاق عيسى ونزرد – كندا
 ..

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!