أوضاعنا أكثر من مقلقة !
تحولت البطالة إلى كابوس، ينغص حياة 85% من الأردنيين على الأقل. قلما أتحدث مع أردني في الشؤون العامة ليس في بيته خريج عاطل عن العمل، أو لا يشقى أقاربه ومعارفه في الكابوس ذاته. وفق التقرير الربعي الأخير لدائرة الإحصاءات العامة، بلغت نسبة البطالة 24,1%، خلال الربع الثاني من العام الحالي. أظن، ويشاركني الظن أردنيون كُثُرٌ أن النسبة أعلى بكثير. أرجح أن الأقرب إلى الحقيقة بهذا الخصوص، ما أعلنه وزير عمل أسبق غادر المنصب، ببلوغ نسبة البطالة 70%. ارتفاع نسبة البطالة إلى هذا المستوى المقلق يشير إلى أُمور عدة متضافرة الأثر، كل منهما يسكب الأسى في كأس الآخر. البطالة تعني بداية، أن الاقتصاد عاجز عن خلق فرص عمل. ويعني تضخمها أن الحكومات ليس لديها حل، والنهج المتبع أخفق في التعامل مع هذا الكابوس. ومن حقنا التساؤل في السياق، أين الخطط الخمسية والعشرية والتصريحات عن التنمية المستدامة وما شابهها، أم أنها كانت أقراص تخدير وبيع أوهام؟!
تعدنا الحكومة الحالية بأن رؤيتها للتحديث الاقتصادي، ستؤمن مئة ألف فرصة عمل. ولا ندري ما هي الأسس، التي استندت إليها الحكومة ومنها انطلقت، لتقديم هذا الوعد؟! ومنذ متى كانت أسباب المشكلات ومسبباتها جزءًا من معادلات حلولها؟!
وليس يفوتنا تناول كابوس البطالة من دون الإضاءة على الخلل فاقع الوضوع في مخرجات التعليم الجامعي، وعدم وجود بوادر لتحرك الجامعات في طريق علاجه. سبعون ألف خريج جامعي سنويًّا، معظمهم يدرس تخصصات لا يحتاجها سوق العمل. ويزيد طين هذه المشكلة بلةً أن التعليم الجامعي في معظم التخصصات يعتوره خلل التدريس النظري، وعدم تأهيل الطلبة بالمهارات الضرورية للعمل بعد التخرج. الأنكى من ذلك، أن التعليم الجامعي الحكومي والخاص أصبح رافدًا للبطالة. فالجامعات مصرة على تدريس تخصصات تعرف أن آلاف المتخرجين فيها بلا عمل، وإن وجدوه ففي مجالات مختلفة عنها. ومن هذه التخصصات، على سبيل المثال لا الحصر، الهندسة بأنواعها كافة تقريبًا، وقد يلتحق بها الطب قريبًا إن لم يكن قد التحق. يضاف إلى ذلك تخصصات مثل الادارة العامة والإعلام.
البطالة رافد رئيس للفقر، وإذا تفشى الإثنان في بلاد وتضافرت تداعياتهما المأساوية فإن النتائج ستكون غير مطمئنة للجميع من دون استثناء. أما الحلول، فالخطوة العلمية والعملية الأولى باتجاهها، هي الاعتراف بوجود المشكلة كما هي بحجمها الفعلي من دون طبطبة وهروب من مواجهة الحقيقة أيًّا كانت درجة مرارتها !
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب فقط، ولا تعكس آراء الموقع. الموقع غير مسؤول على المعلومات الواردة في هذا المقال.