الحوار الهاديء

الراحل علي الوردي في ميزان/الإبادة الجماعية

الراحل الدكتور علي الوردي في ميزان/ الإبادة الجماعية؟؟

مرت قبل أيام/13.07.1995 ذكرى رحيل الدكتور علي الوردي له الرحمة و الذكر العطر. وفي هذه الذكرى يتصاعد الكلام عن الإبادة الجماعية سواء في بعض اشكالها التي تضخمها الولايات المتحدة في حرب روسيا و أوكرانيا او في الإشارات الروسية الى جرائم الولايات المتحدة الامريكية بحق العراق و أفغانستان و ليبيا و سوريا و قبل كل ذلك بخصوص السود و السكان الأصليين وبعدها في كوريا و فيتنام و كمبوديا و الفلبين و تشيلي و يوغسلافيا…فهل ورد في طروحات الوردي بعد عودته من تكساس عام 1950 ما ايد او يؤيد تلك الجرائم سواء التي حصلت قبل 1950 او بعدها؟

قبل ان ابدأ بما دعاني لاختيار عنوان المقالة هذا لا بد ان اُعيد عليكم أيها الأعزاء رأي الراحل الوردي بالكتابة او كيف كَتَبَ الوردي ما كتب و نشر؟ لقد تطرقت اليها في : الراحل علي الوردي في ميزان/ الكتابة بتاريخ 16.01.2019

اليكم: في ص/134 / الفصل الثالث/الإرادة و النجاح / كتاب خوارق اللاشعور/1952 كتب الراحل الوردي التالي:

[فالكاتب الذي ينغمر في كتابة مقال له مثلاً لا يجوز ان يقف اثناء الكتابة ليفاضل بين هذه الكلمة او تلك. انه يجب ان يجري على سليقته حين تجيش به القريحة وهو لو وقف في كل كلمة يكتبها لضاعت عليه المقاييس وأصبح في حيرة من آمْرِه]…ثم أكمل في نفس الصفحة: [إن خير ما يفعله في تلك الآونة هو ان ينساب مع السليقة خير من الكمال الذي يتكلف به] انتهى

ولتعزيز قوله هذا استشهد بقول لسقراط ورد في هامش الصفحة هذا نصه: [ يقول سقراط: لو جاء الإله عارضاً عليَّ في يده اليمنى النجاح الكامل و في يده اليسرى الكفاح المتواصل في سبيل النجاح لا خترت منهما الذي في يسراه] انتهى

وأضاف الراحل الوردي في نفس الصفحة التالي: [ألَّفَ أحد الباحثين كتاباً وكان هذا الكتاب رائعاً في بعض اجزائه رديئاً في الأجزاء الأخرى. فسؤِل في ذلك وقيل له: “لماذا لم تتحر الكمال في جميع أجزاء كتابك، حيث كان الجدير بك ان تحذف الجزء الرديء وتبقي على الجزء الحسن منه؟” فأجابهم: “لو لم اكتب الجزء الرديء منه لما استطعت ان اكتب الجزء الحسن”] انتهى

و الغريب انه يتكلم عن دقة اللغة في التعبير حيث كتب في ص 73/اسطورة الادب الرفيع/1957 التالي: [فاللغة يجب ان تكون دقيقة في التعبير عن مقاصدها لكي تؤدي وظيفتها الاجتماعية تأدية وافية] انتهى؟

لماذا هذا التقديم؟ الجواب هو اعتقادي ان الراحل كتب التالي وفق هذا النص وتلك الطريقة في الكتابة…

اعرف ان موضوع اليوم خطير او هكذا وقد يستغربه البعض او يعترض عليه من باب “اذكروا محاسن موتاكم”… حيث صغتُ لهذا الموضوع العنوان استفزازي  أعلاه متعمداً…لماذا؟ الجواب هو: اني وجدت نص صريح ملغوم وعنيف يدل على هذا العنوان في كتب الوردي اضعه امام القارئ الكريم أتمنى ان يأخذ حقه من التدقيق والاهتمام في تفسيره…اليكم: في ص 59 ـ 60 /الفصل الأول/الاطار الفكري/كتاب خوارق اللاشعور/1952كتب الراحل الوردي التالي: [ ان المنطق الحديث لا يؤمن بالعدل المطلق كما انه لا يؤمن بالحق المطلق فليس هناك في نظر هذا المنطق عدل يمكن ان يشمل الناس جميعاً و كل من يدعو الى الحق المطلق انما هو يريد من حيث يشعر او لا يشعر ان يخدع الناس او ان يجذبهم الى جانبه فالحياة في الواقع هي نزاع بين المصالح المختلفة وكل انسان حتى القاتل وقاطع الطريق يرى الحق من خلال منظاره الخاص ولذا كان العدل هو ان تنحاز الى جانب العدد الأكبر ضد العدد الأصغر وبعبارة أخرى: ان الظلم ضروري احياناً وذلك حين يتصادم حقان ويكون أحدهما عائد لفئة صغيرة تريد ان تتنعم على حساب الفئة الكبيرة. أن الحق يدعوك عند ذاك الى ان تكون ظالماً حتى تمحق الحق الضعيف وتنسفه من الوجود نسفاً”] انتهى

كما أتصور ان الراحل الوردي بنى هذا القول الهائل بكلماته و معانيها على أساس ما ورد قبله وفي نفس الصفحة59 حيث كتب التالي: (ان مشكلة النزاع البشري هي مشكلة المعايير و المناظير قبل ان تكون مشكلة الحق و الباطل وما كان الناس يحسبون انه نزاع بين حق وباطل هو الواقع نزاع بين حق وحق آخر…) الى ان يصل ليقول:(…ان عقاب المجرم شر لابد منه فهو ظلم قليل في سبيل عدل كثير).

في ص75/خوارق الاشعور/1952 وتحت عنوان [المنطق الارسطوطاليسي ] كتب الراحل الوردي التالي: [يقال في تعريف المنطق: انه علم القوانيين التي تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير و يسمى ايضاً الميزان على اعتبار انه كالميزان اذ تقاس به الأفكار ويميز به الصواب عن الخطأ منها] انتهى [[ التعريف هنا للمنطق بالعناوين التي وردت في هذا الكتاب أي ((المنطق القديم أو المنطق الحديث أو المنطق الواقعي أو المنطق العاجي او المنطق الفوتوغرافي او المنطق السينمائي)

قارنوا بين : المنطق الحديث الذي ربطه الوردي ب “لذا كان (العدل هو ان تنحاز الى جانب العدد الأكبر ضد العدد الأصغر)” و تعريف المنطق : (هو علم القوانين التي تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير) و قارنوا ايضاً بين : (…. أن الحق يدعوك الى ان تكون ظالماً حتى تمحق الحق الضعيف وتنسفه من الوجود نسفاً”) و بين كلمة/ مفهوم الميزان التي وردت في تعريف المنطق.

هل من علم القوانين التي تعصم مراعاتها الذهن عن الخطأ في التفكير هو الانحياز الى العدد الأكبر ضد العدد الأصغر حتى لو أدى هذا الانحياز الى محق العدد الأصغر و نسفه من الوجود نسفاً؟

هل من العدل المطلق او العدل غير المطلق و الحق المطلق او الحق غير المطلق او المنطق (المنطق القديم أو المنطق الحديث أو المنطق الواقعي أو المنطق العاجي او المنطق الفوتوغرافي او المنطق السينمائي) ان يختل الميزان ليصل الى تأييد الإبادة الجماعية من خلال محق الحق الضعيف و نسفه من الوجود نسفاً؟

انا مع الراحل الوردي له الرحمة و الذكر الطيب في ان الحياة نزاع بين المصالح المختلفة…ومعه في ان كل انسان يرغب و يريد ويتمنى و يعمل على تحقيق مصالحه لكن اختلف معه عندما حوَّل المصالح الى حق/ حقوق حين كتب: (حتى القاتل و قاطع الطريق يرى الحق من خلال منظاره الخاص)…ان القاتل كما أتصور كثيراً ما يكون متيقن ان ليس من حقه ان يَقْتُلْ لكنه يجيز لنفسه ارتكاب ج#ريم*ة الق*ت*ل لتحقيق مصلحته…من مصلحته ان يأكل فيضطر لسرقة ما يأكل و قد يضطر الى الق*ت*ل في سبيل ذلك  وكثيراً ما يندم على ذلك و يعترف بخطئه فهو لا يرى انه على حق في الق*ت*ل…ونفس الشيء بالنسبة لقاطع الطريق فهو يعرف ان قطع الطريق ج#ريم*ة او عمل متهور لكنه يمارسه لتحقيق مصلحته.

المصالح تتحقق او تُغْتَصَبْ.

الحقوق تُقَرْ او تُنْتَزَعْ.

والفرق هائل بين تتحقق و تُقر و بين تُغتصب و تُنتزع…تتحقق المصالح باتفاقات ،بتنازلات ،بمساومات ،بحرب ،بتآمر، بخيانة وغيرها من أساليب تحقيق المصالح ومنها الاتفاقات و المصالحات و التوازنات.اما الحق فيُقر وليس فيه مجال لتنازلات او مساومات و من يقر الحق هو العدل وحتى لو اضطر صاحب الحق لقبول بعض الأمور لكنه لن يصل الى التنازل عنها انما يتركها لموازين القوى المستقبلية و لا يسقط ايمانه بحقه ولا يكل من العمل في سبيل انتزاعه كاملاً. المصالح يمكن التغاضي عنها مع الوقت لأنها متنوعة ومتداخلة ومتغيرة و يمكن تعويضها او تبديلها او حتى التسامح فيها او التبرع بها و يمكن ان تُباع و تُشترى لكن الحق لا فهو يُتَوارث عبر الأجيال و لا يسقط بالتقادم.

نعم كل انسان/ مجموعة/ فئة/ دولة يريد/تريد تحقيق مصالحه/ مصالحها بكل الطرق و السبل و الحيل… لكنها تصطدم بمقابل له نفس الرغبات و التوجهات والطموحات و الأساليب و الحيل…و هنا يحصل تصادم حتمي لا يحدد نتائجه الحق سواء كان(مطلق) أو (مقيد) انما العدل المطلق

والمقيد) وهذا ما يجب ان يعرفه كل صاحب مصالح و على أصحاب المصالح ان يختاروا الطريقة الاحسن/ الامثل لتحقيق تلك المصالح او القدر الأكبر منها وعليه/ عليها ان يضع/ تضع امامه/ امامها انه يوماً يأتيه آخر يريد ان يحقق مصالحه ايضاً وعليه تقبل ذلك. و الأفضل و الاسلم ان لا تُحقق مصالح طرف على حساب مصالح الطرف الأخر لأن الوقت “دولاب يفتر” وستجر هذه العملية الى نزاع دامي متجدد كلما اختل ميزان القوى.

إذا كان موقف المنطق الحديث هو ان تنحاز “بصيغة الآمر” الى العدد الأكبر ضد العدد الأصغر و يدعوا الى محق الحق الضعيف و نسفه من الوجود نسفاً…فما هو رأي المنطق القديم في هذا الجانب؟؟؟

ما هو العدل المطلق و الحق المطلق؟ وهل هناك عدلٌ مقيد أو حقٌ مقيد؟ وكيف نصل للحد الفاصل بين المطلق والمقيد في جانب العدل و الحق إذا كان هناك عدل وحق مُقيدين؟

انا اعتقد و ليتفضل من يريد ان أكون له شاكراً في توضيح ذلك وارشادي الى طريق المنطق الحديث او طريق المنطق القديم  والعدل المطلق والعدل المقيد و الحق المطلق و الحق المقيد. حيث كما اعتقد ان العدل مطلق و يشمل الناس/ الحياة جميعاً / جميعها وهو لحفظ الحقوق و تحقيق المنافع ومحاربة الجور ولكن كيف يُطبق العدل ليحق الحق ليُفْهِمْ الناس انه مطلق؟ هنا الخلاف  و الاختلاف حيث  العراقيل كثيرة يبتدعها عدو العدل و المشكك بكون العدل مطلق و هنا كما أتصور هو “المنطق الحديث” كما وصفه الراحل الوردي وينسحب هذا على الحق لأن الحق حق وربطوا ذلك بالسماء ولكن الاقتناع به والمحافظة عليه او انتزاعه او طرق بيانه او نشره او التثقيف به وعنه هو ما عليه الخلاف و هنا يلتقي الحق مع العدل الذي افرزه وبناه وصاغه العقل ودَّعَمَتهُ السماء وفق الفهم العام… يتوقع البعض ان إحقاق حق الغير سيتسبب بالمساس بحقه…وهذه الحالة متبادلة أي تشمل الطرفين وهنا الخطأ الكبير الذي يخدش العدل و الحق… ان القواعد التي يجب ان تسير عليها الحياة هي ان إحقاق حق صاحب الحق هو الضمان لإحقاق حق الغير.

هل هناك خلاف من ان هناك حق لكل انسان في اساسيات دوام الحياة من هواء وماء وغذاء ودواء؟ الجواب كما أتصور كلا…لكن الخلاف يمكن ان يكون في موضوع كيف يتحقق ذلك…كيف يتم تأمين ذلك بشكل عادل/متساوي او مناسب أي بدون قيود؟

المشكلة في طرح الوردي هذا كما أتصور هو خَلْطِهِ بين الحق و المصلحة والعدل و المصلحة حيث ينتقل من قوله: [ فالحياة في الواقع هي نزاع مصالح مختلفة] وهذا لا خلاف عليه كما اشرتُ له أعلاه الى قوله: [وكل انسان حتى القاتل وقاطع الطريق يرى الحق من خلال منظاره الخاص]

هنا تحولت المصالح الى حقوق واعتقد ان هذا خطأ لا يمكن ان لا يفهمه الراحل الوردي لأني اُرَّجِحْ انه أراد بهذا “الحق” الانتقال الى ما سيكمل به المقطع أي العبارتين التاليتين الغريبتين الخطرتين العجيبتين:

الأولى هي: […ولذا كان العدل هو ان تنحاز الى جانب العدد الأكبر ضد العدد الأصغر…]انتهى

والثانية هي: [وبعبارة أخرى: ان الظلم ضروري احياناً وذلك حين يتصادم حقان ويكون أحدهما عائد لفئة صغيرة تريد ان تتنعم على حساب الفئة الكبيرة. أن الحق يدعوك الى ان تكون ظالماً حتى تمحق الحق الضعيف وتنسفه من الوجود نسفاً”] انتهى.

لو وضع الوردي كلمة (ينحاز) بدل (تنحاز)  لكان افضل حيث تكون خالية من صيغة الآمر. وتكون العبارة : ( ينحاز العدل الى العدد الأكبر مع حماية العدد الأصغر).

نزاع المصالح قائم منذ قابيل و هابيل وربما شمل حتى الظواهر الطبيعية مثل البراكين و الزلازل حيث ربما انها نتجت عن نزاع المصالح!!

هنا يقفز سؤال جداً مهم كان المفروض ان يوضع امام الراحل الوردي خلال حياته وبعد إصداره هذا الكتاب عام 1952 وهو:

ماذا يعني الراحل الوردي بالعدد الأكبر؟

الراحل رسم الحالة كجواب على هذا السؤال الذي لم يُطرح عليه بصيغة واحدة فقط هي:

1ـ العدد الأكبر…الفئة الكبيرة.

2 ـ العدد الأصغر…الفئة الصغيرة…الحق الضعيف.

حيث تحول العدد الأكبر الى الفئة الكبيرة والعدد الأصغر الى الفئة الصغيرة وجعل الميزان هو الاجرام من خلال المحق والنسف من الوجود والمفروض بالراحل الوردي انه يعرف  ان الفئة تختلف عن العدد فربما يكون العدد الأكبر و العدد الأصغر من نفس الفئة واعتقد او هكذا انه يعرف ان الحق الضعيف لا علاقة له بالعدد الأصغر او الفئة الصغيرة.

كيف يُمحق الحق الضعيف؟

وفق طرح الوردي يكون و سيكون من خلال محق و نسف من الوجود نسفاً لمكونات هذا الحق الضعيف المتمثلة بالأشخاص ” العدد الأصغر، الفئة الصغيرة” وأكيد يشمل الأماكن الجغرافية و البناء و الطموحات والرغبات و الآمال و الأجيال و الحريات و القناعات لأنها من ضمن الحق و الحقوق.

ان كل “عدد أكبر” يتصور ان من حقه ان يسود ويفرض ما يراه حقاً له وان معارضة ال”عدد الأصغر” له هي منافسة غير مشروعة او اعتراض يمس الحقوق ويمكن تفسير تلك المعارضة بانها رغبة بالتنَّعم على حساب ال”عدد الأكبر” وهنا تحين ضرورة الظلم  كما طرحه الوردي بتلك الحدة والقوة و الشراسة و الانتقام والابادة من خلال كلمات يصعب على كل ذي عقل وضعها في مثل هذه الحالة و اقصد هنا ب: (محق و نسف من الوجود نسفاً).

استغرب ان يضع عالِمْ اجتماع مثل تلك الوسائل لإحقاق الحقوق او تحقيق العدل ويضعها تحت باب “المنطق الحديث” الذي يدعو له…يمكن ان يستخدم هذا الطرح شخص مدفوع او شخص متشبع بالإجرام ومتلذذ به و يعتمده او يجيز لغيره اعتماده لا أستاذ فاضل مثل الراحل الوردي له الرحمة و المغفرة.

العراق و العالم عرف الكثير منها(حالات المحق و النسف من الوجود نسفاً) و الراحل الوردي من ضمن من عرفوا وتمت بأمر او تحت انظار دوائر العدل اجباراً مثل: الانفال و تهجير الكورد الفيلية و سحق الأحزاب السياسية واعدام المناهضين وقبلها الانتقام من ال ياسر و محق رموز بني هاشم على يد الامويين ومحق هؤلاء على يد العباسيين ومحق الأرمن و الاشوريين وما جرى في سميل بعدها على يد العثمانيين… وفي العصر الحديث ووفق هذا الطرح فأن الأمريكان كانوا على حق عندما محقوا أجيال من السود واستعملوا القنابل النووية لنسف الفئة الصغيرة / العدد الأصغر في اليابان من الوجود نسفاً…و وفق هذا كان فيما جرى في الحروب الكونية وجرائم الإبادة ضد الإنسانية وما جرى على يد الدواعش في 2014 و منها ج#ريم*ة سبايكر ايضاً حق.

هل نعتبر اليوم ان الأقلية القومية الكردية تريد او ارادت ان تتنعم على حساب الأكثرية مثلاً ووفق طرح الوردي هذا يحق للأكثرية العربية و التركية و الفارسية محق ونسف الكورد من الوجود نسفاً  وفق انهم يريدون ان يتنعموا على حساب الفئة الكبيرة ونفس الشيء يجري على الأقليات الاخرى. وربما هذا الحق الذي يوجب الظلم كما طرح الوردي “هو ما دفع العراق لاحتلال الكويت لأنها ارادت ان تتنعم على حساب العراق وهذا ما دعا الولايات المتحدة لغزو أفغانستان و العراق و تدميرهما لأنهما ارادا التنعم على حساب الولايات المتحدة الامريكية كما تصور و ادعى الامريكان وهذا ما أجاز لإس*رائي*ل محاولاتها محق ونسف الوجود الفلسطيني وهناك امثلة كثيرة يمكن ان تقع تحت تصريح الوردي : (ان الحق  يدعوك الى ان تكون ظالماً حتى تمحق الحق الضعيف وتنسفه من الوجود نسفاً).

في الحياة السياسية/ البرلمانية يمكن بكل سهولة ان  تتحول الفئة/الكتلة الصغيرة الى كبيرة والعدد الأكبر الى عدد اصغر و كل فئة/كتلة تريد ان تفرض برنامجها الانتخابي/ السياسي/ الاقتصادي وهو حقٌ لها فهل من الحق هنا اعتماد المحق و النسف من الوجود؟

الغريب في هذا القول للدكتور الوردي انه يجيز التعامل وفق النوايا حيث وردت كلمة:( (تريد)!!!!وهنا ارتُكِبَتْ جرائم كبرى حيث تُباد مجموعة/فئة صغيرة لأنها ارادت التآمر على الرئيس الفلاني او النظام الفلاني.

من يستطيع ان يحدد ان هذه الفئة كبيرة / العدد الأكبر وتلك الفئة صغيرة /العدد الأصغر وكيف؟ من يحدد ان هذه هي حقوق الفئة الصغيرة / العدد الأصغر وتلك حقوق الفئة الكبيرة / العدد الأكبر؟ من يستطيع ان يحدد ان حق الفئة الصغيرة / العدد الأصغر يريد ان يتنعم على حساب حق الفئة الكبيرة/ العدد الأكبر؟

ثم ماذا لو كانت تلك الفئة الصغيرة / العدد الأصغر صاحبة الحق الضعيف هي صاحبة القوة والسلطة و المال و التأثير والتي تستطيع التلاعب و التزوير و التزييف… هل يحق لها حساب المقابل فئة صغيرة/ عدد صغيرو تتعامل معه وفق المحق والنسف من الجذور نسفاً كما جرى في العراق خلال العقود الثلاثة السابقة؟ ما ذنب أجيال الفئة الصغيرة/ العدد الصغير/ الحق الضعيف التي لم تعي بعد أسباب محق ونسف سابقيها ولم تتدخل بما جرى ولا تعرف حتى حقوقها بعد ،حتى تُمحق و تُنسف من الوجود أي تتعرض لعمليات الإبادة الجماعية؟ كيف يفهم عالم الاجتماع علي الوردي معنى الفئة الصغيرة والعدد الأصغر؟ اعتقد انها تعني التالي: انها الأقليات… اقلية قومية ـ اقلية دينية/ طائفية ـ اقلية سياسية /حزبية ـ برلمانية ـ أقلية مناطقية ـ اقلية بيولوجية/جنسية/جندرية ـ اقلية عمرية.

وفق هذا النص فأن الوردي دعا الى إبادة الأقليات (الفئة الصغيرة) لأنه أيد الظلم وقال عنه انه ضروري وحدد متى عندما ذكر حين يتصادم حقان وشدد على الفئة الصغيرة التي تريد ان تتنعم على حساب الفئة الكبيرة… وأشار بشدة الى النسف من الوجود. لقد سمحتُ لنفسي بالقول بأن الوردي دعا الى إبادة الأقليات في كل مكان وزمان وحتى اُوَّضِحْ قولي هذا وادافع عنه ولا اتجنى على الوردي أقول ان الأسباب هي التالية:

1 ـ أنه أجاز الظلم لحل الخلافات و التجاوزات عندما قال: “ان الظلم ضروري  احياناً …الخ.

2 ـ دعا الى محق الحق الضعيف/الفئة الصغيرة/ العدد الأصغر و نسفه من الوجود نسفاً.

3 ـ لم يحدد الوردي او يبين ماذا يعني بقوله ان الفئة الصغيرة / العدد الاصغر تريد ان تتنعم على حساب الفئة الكبيرة/ العدد الاكبر؟ وهل الحصول على ضرورات الحياة من “تتنعم”؟

هذا الطرح يُبيحْ لكل حكومة محق الأقليات ونسفها من الوجود نسفاً لأن الحكومة تمثل الفئة الكبيرة سواء حقاً او ادعاءً حيث يصطدم هنا حقها مع حق الفئة الصغيرة التي تريد ان تتنعم على حساب السواد الأعظم.

يمكن ان يُفسر طرح الوردي هذا على انه دعوة لأصحاب الحق الضعيف/الفئة الصغيرة/ العدد الأصغر الى عدم مطالبتهم بحقهم او حقوقهم حتى يتجنبوا انزال قصاص “العدل وفق المنطق الحديث” بهم من خلال المحق و النسف من الوجود نسفاً.

هل طرح الوردي هذا يلتقي مع “الغاية تبرر الوسيلة”؟

هل طرح الوردي هذا يلتقي مع:” الضرورات تُبيح المحظورات”؟

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!