مقالات دينية

عقيدة المطهر والشواهد التي تؤكد وجودها

عقيدة المطهر والشواهد التي تؤكد وجودها

بقلم / وردا إسحاق قلّو

عقيدة المطهر والشواهد التي تؤكد وجودها

 ( لكي تجثوا لأسم يسوع كل ركبة في السماء وفي الأرض وتحت الأرض )  ” في 10:2 “

بعد تناول موضوع ( هل للمطهر وجود ؟ والتعرف على ماهيته ) طالع الرابط التالي :

هل للمطهر وجود ؟ والتعرف على ماهيته (mangish.net)

نتمم في هذا المقال بما هو مهم لتكملة موضوع المطهر الذي يحتاج إلى هذه الإضافات.

     فنقول ، نعم الكاثوليك يعتبرون المطهر عقيدة إيمانية صحيحة خلافاً للمذاهب الأرثوذكسية  والبروتستانت . الأخوة الأرثوذكس يعتبرونها فكرة لاهوتية حرة غير ملزمة ، بينما كل فصائل البروتستانت يرفضونها ، بل يعتبرونها بدعة .

  وجود المطهر أقرهُ  تعليم الكنيسة الكاثوليكية كعقيدة إيمانية في المجامع التالية : مجمع لاتران 1215 . مجمع ليون 1274 . مجمع فلورنسا 1439 . مجمع التريدنتيني 1563 . مجمع الفاتيكاني الثاني 1964 . وتعليم الكنيسة الكاثوليكية لخص عقيدة المطهر في عدد 1030 – 1031 ، جاء فيه ( الذين يموتون في نعمة الله وصداقته ، ولم يتطهروا بعد تطهيراً كاملاً ، وإن كانوا على ثقة من خلاصهم الأبدي ، يخضعون من بعد موتهم لتطهير ، يحصلون به على القداسة الضرورية لدخول فرح السماء .

    تدعوا الكنيسة مطهراً هذا التطهير النهائي للمختارين ، المتميِّز كلياً عن قصاص الهالكين . لقد صاغت الكنيسة عقيدة الإيمان المتعلقة بالمطهر بنوع خاص في مجمع فلورنسا ، والمجمع التريدنتيتني ويتكلم تقليد الكنيسة على نار مطهّرة ، مستنداً إلى بعض نصوص الكتاب المقدس  .

   يأتي موضوع المطهر في الدرجة الثانية للحقائق الأساسية عن الحياة بعد الموت . صحيح الكتاب المقدس لم يذكر كلمة ( المطهّر ) إطلاقاً لكنه ليس غريب عن اللاهوت الكتابي بالنسبة لمبادىء مشاركة الإنسان للمسيح في التكفير عن ذاته وعن غيره وعن ضرورة تنقية الذات كاملةً من كل الشوائب قبل معاينة وجه الله . كما نقول : رغم إختلاف الأرثوذكس والبروتستانت مع الكاثوليك في هذه العقيدة ، لكنهم يتفقون جميعاً على الإعتقاد بضرورة ( تنقية القلب ) قبل معاينة وجه الله ، وهذا ما جاء في الأنجيل ( طوبى لأنقياء القلوب فأنهم يعاينون الله ) ” مت 8:5 ” . في ساعة الموت سيتذكر المحتضر كل خطاياه التي اقترفها بكل وضوح . ولن يكون هناك العقاب ، بل سيعلم بأنه غير مستحق لملاقات السيد لأنه يحتاج إلى تطهير قبل العبور لأنه لا يمكن أن يدخل إلى قاعة الوليمة بالملابس المتسخة ( طالع مت 12:22) ، فالمطهر هو الوحيد لتطهير الإنسان بعد الموت ، بل هو رحمة الله للبشر . إلى المطهر تذهب كل روح غير مستحقة لتكفير عن الخطايا التي ارتكبتها في حياتها قبل أن يصبح بإمكانها الإنضمام إلى يسوع في السماء .

   للمطهّر وقت إنتظار غير معروف يعتمد على الخطايا التي يحملها الإنسان . وهناك يشتاق إلى سرعة الخروج لأجل ملاقات وجه الرب ، وهذا الشوق بحد ذاته يشكل عذاباً كبيراً ، فكل الأرواح المطهرية تمر بهذا الإختبار . ورد في كتاب ( مختصر في علم اللاهوت العقائدي ) الجزء الثاني ، بأن المطهّر لن يدوم بعد الدينونة العامة . كذلك ورد في كتاب ( اللاهوت النظري ) أن المطهّر لا يتجاوز يوم الدينونة الأخيرة .

   قالت الرائية ماريا سيمّا أن للمطهَّر مستويات مختلفة ، لكن كل المستويات لا ترغب العودة إلى الأرض لأنها تشعر حقاً بوجود الله بطريقة أوضح بكثير مما نحن فيه على الأرض . لا تريد العودة إلى الظلمة التي نعيش فيها ، بل تريد أن تخرج من هناك لكي تصعد إلى ما هو أفضل ، فعلينا أن نتتطهر على هذه الأرض ، وندفع بقدر المستطاع كل ديوننا قبل أن نلقي مصيرنا المجهول ، لهذا قال الرب ( سارع إلى إسترضاء خصمك وأنت معه في الطريق … فيلقيك في السجن .. لن تخرج من السجن حتى توفي الفلس الأخير ) ” مت 5: 25-26 ” .

   أكثر الأنفس المؤمنة تذهب إلى المطهر وقلة قليلة تدخل مباشرةً إلى السماء ، ويذهب الكثيرون إلى نار جهنم .

 في شهر تموز 1982 وفي كانون الثاني 1983 أعطى الراؤون في مديوغوريه شهادتين حول المطهر .

الشهادة الأولى تقول : هناك أنفس عديدة في المطهر منهم كانوا مكرسين لله . كهنة ورجال دين . صلوا لأجلهم أقلهُ قانون الإيمان وسبع مرات الأبانا والسلام ولمجد . وهناك عدد كبير من الأنفس ما زالت في المطهر لزمن طويل لأنه لا يصلي أحد لأجلها .

 الشهادة الثانية : في المطهر درجات مختلفة . فالذي موجود في الأسفل قريب جداً من جهنم ، والذي هو في الأعلى قريب من السماء . في ليلة الميلاد يخلص العدد الأكبرمن الأنفس المطهّرية . في المطهر أنفس ليس لها أقرباء أو اصدقاء على الأرض تصلي لأجلها ، فأن الله يجعلها تستفيد من صلوات الآخرين . وقد يسمح الله بأن تظهر ذاتها بطرق مختلفة لأقربائها على الأرض لتذكرهم بوجود المطهر، وتطلب صلواتهم حتى تقترب من الله العادل والرحيم . كل الشهادات والرسائل حول المطهّر قد نشرت بأذن من المكتب الرعوي في مديوغوريه . طلبت العذراء مريم سنة 1917 من الأولاد الثلاثة في فاطمة تلاوة مسبحتهم وعلمتهم صلاة صغيرة يتلونها بعد المجد من كل بيت طالبين من يسوع لكي ينجيهم من نار جهنم والمطهر ، وهي : ( يا يسوع الحبيب إعفر لنا خطايانا ، نجّنا من نار جهنم والمطهر ، وخذ إلى السماء جميع النفوس خصوصاً تلك التي هي بأكثر حاجة إلى رحمتك ) .

 كما تحدثت العذراء عدة مرات عن المطهر للرائين في مديوغوريه وأكدت على ضرورة تقديم القداديس من أجل الأنفس المطهّرية .

 أما القديس بادري بيو فقال ، أنه رأى إنساناً واقفاً في غرفتهِ ، وهو يستعد للنوم بعد أن قفلت أبواب الدير ، وهو قفل باب غرفتهِ . فسأله من أنت ، وماذا تريد ، وكيف دخلت ؟ قال له أسمي بطرس ، جئت من المطهر . توفيت يوم 18 أيلول عام 1908 في هذا الدير في الغرفة رقم 4 وكان الدير حينذاك ملجاً للفقراء . توفيت بسبب الحريق الذي نشب في فراشي نتيجة سقوط قنديل من يدي على الفراش فاحتنقت واحترقت في فراشي ومنذ تلك الفترة ولحد الآن أنا في المطهر . سمح لي الله بأن أظهر لك لكي أطلب منك بتقديم قداس لي لكي يخف الله من زمن بقائي هناك . فتأكد القديس بيّو في اليوم التالي من السجلات فتبين أن كلامهُ صحيح . فأقام قداساً إلهياً لأجله . كما ظهرت أنفس مطهَرية أخرى لهذا القديس تطلب منه إقامة القداديس لتخفيف آلامها ومدة بقائها في المطهَر .  كما قالت الرائية مارية سيما عن مدة البقاء في المطهَر : بعض الأرواح تبقى نصف ساعة والأخرى لفترة طويلة ، كما قالت ، لا أستطيع أن أتصور الذهاب إلى السماء بدون وقفة في المطهر . كما قالت لها تلك الأنفس أثناء مقابلتهم معها في رؤى خاصة بأن الحد للمكوث في المطهَر هو أربعون سنة . . أي هناك نهاية للتطهير . ويوم أخير للمغادرة . كما قالت الرائية سيمّا : هناك الكثير من الأشياء التي لها علاقة بالمطهّر في الأنجيل والصلاة من أجل موتانا كرسالة بولس الثانية لطيموثاوس . يصلي القديس بولس للموتى . وفي العهد القديم نصوص لتقديم الذبائح للتكفير عن خطايا الموتى . وفي العهد الجديد تقديم ذبائح قربانية على مذابح الكنائس للموتى المؤمنين في المطهر فلا يجوز الولوج إلى النور الإلهي أو الوقوف أمامه إذا كان ما زال على الإنسان أصغر أثر من الخطيئة ، التوق إلى الله يحرق كالنارخطايا الموجود في المطهّرحتى يتطهر بنار حب الله كما تطهر النار الحديد ، فالنفس ستخلص بعد التطهير . كما كتب ( ومن إحترق عمله يخلص ، ولكن كمن يمر في النار ) ” 1 قور 15:3″ .

في حوار مع الشيخ يا ييسيوس الآثوسي ، سئل ( هل يستطيع الموتى المنتظرون أن يصلّوا ؟ ) :

قال ، لا يستطيعون مساعدة أنفسهم ، بل يشعرون ويلتمسون المعونة من الأحياء . أما الموجودين في الجحيم فيريدون شيئاً واحداً من المسيح وهو ( أن يعيشوا خمس دقائق فقط كي يتوبوا ) فنحن الذين لازلنا على قيد الحياة لدينا هامش للتوبة . أما الموتى البائسون في المطهر فلا يقدرون لوحدهم أن يحسنوا موقعهم ، بل ينتظرون العون منا . ولهذا يجب أن نساعدهم بصلاتنا . الله يتألم لأجل خلاصهم ، ويريد مساعدتهم ، أنه لا يقوم بهذا لأنه سيد حر . لا يريد أن يعطي الحق للشيطان ليقول ( كيف تخلص هذا وهو لم يتعب ؟ ) ولكن حين تصلي الكنيسة لأجل الراقدين فتعطي الله الحق لأستجابة طلبهم لكي يتدخل .

   عندما نصلّي من أجل أحد الأقرباء فلنتذكر معه عدة راقدين أيضاً ، لأن راقدين كثيرين بائسين يحتاجون المساعدة وليس لهم من يصلّي لأجلهم . يجب تقديم صلوات للراقدين الغرباء الذين لا معونة لهم . الراقدون يشعرون بالفرح حين يكون أحد أبنائهم أو أحفادهم قريباً من الله .

 الخاتمة : لنصل من أجل الأنفس المطهرية ، ونقول : أيها الآب الأزلي ، إني أقدم لك دم إبنك الإلهي الثمين يسوع متحداً مع كل الذبائح الإلهية المقدمة اليوم من أجل الأنفس المطهّرية ، ومن أجل الخطأة في كل مكان ، ومن أجل الخطاة في الكنيسة الجامعة ، ومن هم في بيتي من أفراد عائلتي .

 المصادر  

  • الكتاب المقدس
  • كتاب التعليم المسيحي للكنيسة الكاثوليكية
  • الموت رؤية أرثوذكسية / الشماس إلياس بركات
  • كتاب ( أخرجونا من هنا ) / الرائية ماريا سيمّا / نيكي ألتز
  • مختصر في علم اللاهوت العقائدي
  • اللاهوت النظري / إلياس الجميل

التوقيع ( لأني لا أستحي بالبشارة . فهي قدرة الله لخلاص كل مؤمن ) ” رو 16:1 “

مقالات ذات صلة

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
التقيمات المضمنة
عرض جميع التعليقات
زر الذهاب إلى الأعلى
Don`t copy text!