آراء حول الحياة والخلود ما بعد الموت

الكاتب: وردااسحاق
آراء حول الحياة والخلود ما بعد الموت
(ولن يكون هنالك ليل ، فلايحتاجون الى نور مصباحٍ أو شمسٍ ، لأن الرب الإله ينير عليهم ، وهم سيملكونَ الى أبد الآبدينَ ! ) ” رؤ 5:22 ”
الأنسان يستطيع أن يقرأ صفحات حياته الزمنية ما قبل الموت ، وأقصى ما يمتد اليه علمع لا يتجاوز حدود الموت . فالموت أذاً هو الحد الخاتم لكل تدابير بني البشر وأمنياتهم . عقل الأنسان لا يستطيع أن يهتك أستار الموت أو يكشف أسراره . كذلك الآراء والنظريات الفلسفية التي فاقت الحصر لم تستطيع أن تبدد ظلام الموت الحالك . وليس الى أختراقه سبيل . فالظلام المطبق على القبر لا يستطيع العلم أن يخترقه . الأنسان بعد الموت يتفارق ، فالجسد يجب أن يتحلل الى عناصر الطبيعة التي أخذ منها لأنها مصدره ، والروح تعود الى مصدرها وكما وضحه كاتب سفر الجامعة 7:12 ، فقال ( فيرجع التراب الى الأرض كما كان وترجع الروح الى الله الذي أعطاها ) . الموت هو نهاية الأنسان على الأرض . يمكن أن نعتبر الموت عدو لدود للجنس البشري ، وليس بصديق . أراد الأنسان منذ القدم أن يجد حلاً للموت لكي يعيش في الخلود كما كان كلكامش يبحث عنه ولم يستطيع الوصول اليه . فما هي الآراء البارزة بصدد الخلود ؟
هناك ثلاثة نظريات للمؤمنين بالمسيح من مذاهب عدة تنظر الى هذا الموضوع نختصرها : معتنقي المذهب الأول يشكلون القسم الأكبر من المؤمنين . يقولون أن كل أنسان سواء كان باراً أو شريراً ، سيعيش في الخلود الأبدي ، وعليه فعند الموت تنطلق النفس الى عالم الخلود . أي أن أرواح الأبرار تحيا في الملكوت وحسب وعد المسيح للمؤمنين به . أما أرواح الأشرار ستخلد في عذاب أبدي والنار الأبدية معدة لهم ، وحسب قوا المسيح ( … ابتعدوا عني يا ملاعين الى النار الأبدية المعدة لإبليس وأعوانه ! ) ” مت 41:25 ” .
أما المذهب الثاني فيؤمن بأن جميع الناس خالدون بالطبيعة ، إلا أنه يختلف في كونه يعلّم بأن جميع الناس خالدون بالطبيعة ، إلا أنه يختلف في كونه يعلّم بأن الأشرار في مدى غير محدود ، قريباً أو بعيداً سيرجعون الى نعمة الله لأن الله رحوم وسيعطف عنهم بسبب رحمته الواسعة لكي يشاركون الأبرار في الخلود والتمتع بالسعادة بالنعيم الأبدي . لكن هذا الأعتقاد لا يتفق مع العدل الألهي وعدل الله قاطع كالسيف لا يجوز أن يتراجع عن قراره في يوم الدينونة الأخير . النظرية الثانية لا تقتصر على التدليل بأن أرواح الأبرار الأموات تذهب وحدها الى السماء كما يستدل بها عادة أذ هي تبرهم بالمثل أن أرواح الجميع ، من غير تميّز ستذهب الى السماء وبهذا تصبح أساساً معتمدة على مبدأ ( الخلاص العام للجميع ) مستندين الى الآية : جا 7:12″ المدونة أعلاه .
أما المذهب الثالث فلا يتفق مع المذهبين المذكورين المؤمنين بخلود النفس الوراثي أو الطبيعي  ، بل يعتقدون بأن الخلود هو هبة مجانية من الله ، ولا يعطيها إلا للذين يقبلونها بالأيمان بالرب يسوع المسيح ، وعليه فأن الذين يقبلون المسيح هم وحدهم الذين سيظفرون بالخلود ، أما الذين لا يحصلون على ذلك الخلود فسيبيدهم الرب في يوم الدين الى الأبد . أي لا يوجد عذاب أبدي لأحد لأن جميع الأشرار سيبيدون كما في الآية ( فهوذا يأتي اليوم المتقد كالتنور وكل المستكبرين وكل فاعلي الشر يكونون قشاً ويحرقهم اليوم الآتي قال رب الجنود فلا يبقى لهم أصلاً ولا فرعاً ) ” ملا 1:4 ”  وهناك آيات أخرى كثيرة يعتمد عليها أيمان هذا المذهب منها ( ملا 3:4 ، أر 25: 31-33 ، 2تس 1: 7-9 و. رؤ 5:20 و. رؤ 9:20. ) وهكذا يؤمن هذا المذهب بأن الأشياء المحترقة لا تخلف شيئاً سوى الرماد ويستبان من هذا المعتقد أن الأشرار لن يخلدوا في النار التي يلقون فيها ، وأنما يحترقون أحتراقاً ، ولن يقتصر هذا الفناء على الجسد وحده ، كما يظن الذين يتشبثون بمبدأ العذاب الأبدي ( طالع حز 18: 4 و 20 ) .
المجامع الكنسية تضع الفصل لهذا الموضوع ما دام العقل المجرد لا يمكنه أن يصل الى الغاية . فالمجامع تستطيع أن تحكّ النتيجة على مقياس شرعي فاصل لكل نزاع لأن الله أدلى في كتابه بيانات صريحة وواضحة عن هذا الموضوع وهو أن الأنسان المؤمن بالمسيح والملتزم بوصاياه فالمسيح أبطل الموت له لكي يعيش خالداً معه في ملكوته ، وحسب الآية ( … يسوع المسيح الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الأنجيل ) ” 2 تيمو 10:1 ” أي للمؤمنين لا يوجد موت ثاني بل خلود . أما الهالكون فهناك من يعتقد بأن الله يفنيهم كالدخان وحسب الآية ( كما يذري الدخان تذريهم ، كما يذوب الشمع قدام النار يبيد الأشرار قدام الله ) ( يكون كل شىء مخاصموك ويبيدون ) أما ( ملا 1:4 ) فيشير الى الموت الثاني والذي يلي الموت الجسدي . هو الموت الدائم عن وجه الله والخلود في عذاب الضمير عكس الأنسان الخالد مع الله في حياة أبدية ، والواضح من الآية ( ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضباً ليوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة ، الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله ، فتكون الحياة الأبدية للذين يسعون الى المجد والكرامة والخلود مثابرين على العمل الصالح ) ” رو 2: 5-7″ .
اذاً الأيمان بيسوع المسيح لا يبطل عقوبة الخطيئة والموت الثاني فقط بل ينال المؤمن نعمة الخلود التي لا تثمن ، أعلنها الأنجيل للعالم . فالخلود هو مبدأ أنجيلي ، والأنجيل يفسر هذا السر قائلاً ( هوذا سر أقوله لكم ، لا نرقد كلنا ، ولكننا ، كلنا نتغير ، في لحظة في طرفة عين عند البوق الأخير ، فأنه سيبوق فيقام الأموات عديمي فساد ونحن نتغير ، لأن هذا الفاسد لا بد أن يلبس عدم الفساد ، وهذا المائت يلبس عدم موت ، وحتى لبس هذا الفاسد عدم فساد ولبس هذا المائت عدم موت فحينئذ تصير الكلمة المكتوبة أبتلع الموت الى غلبة ) . هذا هو ما علمناه من الوحي الأنجيلي . أنه كلام الله وعلى الجميع قبوله شاكرين خاضعين لذلك المخلص الذي يبنا الخلود والحياة الأبدية . ليتمجد أسمه القدوس .
بقلم
وردا أسحاق عيسى
ونزرد – كندا        ..